جامعة شقراء ومركز احلوار الوطني

لست بصدد تكرار أو إعـادة ما تداوله متابعو وسائل التواصل االجتماعي بن مؤيد ومعارض لتصريح معالي مدير جامعة شقراء في لقائه مع طلبة الجامعة. وفـي كل يـوم هناك عشرات القضايا التي تغذي وسائل التواصل االجتماعي بالنقاشات والحوارات الجيدة والسيئة. قبل أن أدخــل فـي موضوعي معكم الـيـوم مـن املهم التأكيد على عــدة نقاط: إن مدير جامعة شقراء قال كالما منطقيا وجريئا لم يجرؤ عليه الكثير من مسؤولي الجامعات، كما أن التحديات التي تحدث عنها مدير جامعة شقراء تواجه كل الجامعات الناشئة وليست حصرا على جامعة شقراء، ناهيك عن أن الظاهرة املؤرقة للتخصصات الطبية في الجامعة تواجه أغلب التخصصات تقريبا. في كل 24 ساعة يتشكل رأي عام محلي جديد مؤيد ومعارض ومحايد حول قضية من القضايا املحلية أو الخارجية عبر وسائل التواصل االجتماعي، بعض تلك القضايا تتجاوز الــ42 ساعة إلى يومن أو ثالثة، وقد تصل إلى أسبوع. بعض السجاالت التي تـدور حـول تلك القضايا موضوعية ومفيدة ومهمة وحيوية لتنضيج الرأي العام نفسه ولصانع القرار، وبعضها ال تخدم الرأي العام وال يستفاد منها ألنها ذات طابع ال يمت للموضوع أو القضية بصلة، إنما ينطلق أصحابها مـن أهــواء وأمـزجـة وانـتـمـاءات بعيدة كـل البعد عن املوضوع. هنا يأتي الـسـؤال: ما دور مركز الحوار الوطني في كل ما يـدور من مواقف وآراء ووجهات نظر حول مختلف القضايا التنموية واإلنسانية واالجتماعية واالقتصادية املحلية والخارجية؟ ماذا يفعل مركز الحوار الوطني؟ ما دوره بالضبط؟ هل ملركز الحوار الوطني دور في كل ما يدور في وسائل التواصل االجتماعي؟ ملاذا ينأى مركز الحوار الوطني بنفسه عن قضايا املجتمع الحيوية والخطيرة أحيانا؟ ملاذا يكتفي املركز بطرح قضايا هامشية ومكررة وقضايا عفا عليها الزمن؟ ألـم يكن بمقدور هـذا املركز أن يقود هـذه الـحـوارات والنقاشات وتشذيبها؟ ألــيــس لــهــذا املــركــز دور فــي إدارة هـــذه الــنــقــاشــات والــــحــــوارات والسجاالت والـوصـول بها إلـى بر األمــان واستبعاد ما هو شخصي ومنحرف ليستمر الجدال والنقاش والحوار مفيدا وغير شخصي أو مريض؟ أين دور مركز الحوار الوطني في رفع ثقافة الحوار بن بعض املتحاورين بــعــيــدا عــن الـنـجـومـيـة الــتــي أصــبــح يـتـهـافـت عـلـيـهـا بــعــض رواد التواصل االجتماعي على حساب قناعاتهم وعلى حساب املصلحة العامة؟ أين دور املركز في رصد القضايا املؤثرة والتي يتم النقاش حولها من فئات كثيرة ويستمر الــحــوار حولها ألكـثـر مـن 24 سـاعـة وإعـــداد ملخصات بما تفضي إليه هذه الحوارات إلى مشروعات تطرح في مجلس الشورى لنقاشها بشكل مركز؟ ألم يكن بمقدور مركز الحوار الوطني استقطاب رواد الحوارات في وسائل التواصل االجتماعي إلى برامج تدريبية تهذب وتشذب من أساليب بعضهم وترتقي بالبعض اآلخر وصوال إلى محاورين يؤمنون باالختالف ويعتنقون مبادئ الحوار والنقاش على قاعدة أن االختالف مشروع وأن االتفاق حول قضية بعينها قد يتغير في قضية أخرى؟ ملاذا أخفق مركز الحوار الوطني بأن يكون العبا رئيسا مباشرا أو غير مباشر في تنوير الـرأي العام بمداخالت مبنية على أصـول الحوار؟ أين منهجيات الـحـوار التي يفترض أن يكون مركز الـحـوار هـو األقــدر واألجـــدر فـي زرعها وتعزيزها في ثقافة املتحاورين عبر وسائط التواصل االجتماعي؟ هل انتهى دور مركز الـحـوار الوطني مع أخـذ وسائل التواصل االجتماعي زمام املبادرة وصناعة رأي عام محلي بشكل مستمر ويالمس قضايا املجتمع بشكل أعمق وأنضج من تناول مركز الحوار الوطني لقضايا املجتمع؟ هـل يملك مركز الـحـوار الوطني منهجيات حــوار يمكن أن يستفاد منها في هكذا مواقف؟ هل لدى مركز الحوار الوطني املعرفة والجدارة بخوض غمار القضايا التي تتدفق بشكل يومي على صفحات التواصل االجتماعي؟ هل لدى املركز خبراء يمكن أن يعتد بهم وأن يسهموا في هكذا نقاشات وحوارات؟ أخـــيـــرا، إذا لــم يـنـجـح مــركــز الـــحـــوار الــوطــنــي بـــأن يـجـعـل وســائــل التواصل االجتماعي من أدواتـــه، أو أن يجد له دورًا فيما يطرح من قضايا عبر تلك الــوســائــل، فـإنـنـي أظــن أن املجتمع بغنى عــن املــركــز، بــل وربــمــا استعاضت الدولة بطريقتها عن املركز بما يصرف عليه من ميزانية، بوسائل التواصل االجتماعي األشمل واألســرع واألقــل كلفة في طـرح القضايا بالغة الحيوية واألهمية وعلى مدار الساعة.