يوم الوطن بإرادة املواطن
اعتدنا على مشاهدة أيام وطنية في بلدان عربية كثيرة، قبل أن تتهاوى بعضها ويترنح بعضها اآلخر، تؤطرها العسكرتاريا واسـتـعـراضـات الـقـوة رغــم أنـهـا فـي أنظمة تدعي أنها جمهورية وديموقراطية منتخبة تعود السلطة فيها للشعب، ولكن فـي املقابل ال يــرى الـنـاس فـي اليوم الوطني سوى استعراض الدبابات واملدرعات والطائرات الحربية على شرف الزعيم األوحد وجوقته التي تتحكم في مفاصل البلد وتسوم أهله الترهيب واالستبداد، وال بأس من بث بعض األغاني الوطنية التي تتمحور حول الزعيم وحزبه الحاكم بعد أن تجيزها وزارة إعالم الحاكم األوحد املستبد. وألنها أنظمة انقالبية قفزت إلى السلطة دون أي مشروعية فإن الريبة والتوجس والشك يجعلها تحصي أنـفـاس الـنـاس وحـركـاتـهـم وسكناتهم، السلطة هـي التي تأمر طـالب املــدارس والجامعات، وكـل الشعب املـغـلـوب على أمــره أن يحمل الـالفـتـات ويصفق للزعيم األوحد، ومن ال يفعل سوف يعرف ماذا يفعله زوارالفجر. تلك الكيانات الهشة املصطنعة كانت تعيرنا ذات زمن بأننا بلدان متخلفة. كانوا يعتبروننا نشازًا في العالم الجديد الــذي بــشــروا بــه، ومـضـى الـزمـن والــزمــن فضاح، ليثبت للدنيا كم كان زيفهم وكم كان صدقنا. مــثــال مــثــال، هــا نـحـن فــي املـمـلـكـة الـعـربـيـة الــســعــوديــة، ال مدينة صغيرة أو كبيرة إال واحتفلت بيومها الوطني، ليس بأوامر االستخبارات وأحذية العسكر، وإنما بأمر الـحـب لـلـوطـن وقــيــادة الــوطــن، وبــأمــر الـثـقـة بــن الشعب وقـــيـــادتـــه. شــعــب يــحــتــفــي بــوحــدتــه وأمـــنـــه واستقراره وتـطـوره وأحـالمـه الكبرى، شعب ينام وأبـوابـه مفتوحة ألنــه ال يــخــاف مــن ظـلـم أو اســتــبــداد. عـنـدمـا تــرفــع أعالم الوطن في كل بيت وكل شارع وكل قرية وكل مدينة فليس ألن الشعب مجبور على ذلـك، ولكن ألنـه أراد ذلـك بكامل حريته واختياره. شعب توحد على قسم عظيم بأال يسمح ألحد أن يخترقه. شعب له وطن، ووطن عظيم له شأن كبير في هذا العالم املـضـطـرب. شعب يسافر مـواطـنـه مـن أقـصـى شماله إلى أقصى جنوبه، ومن ضفته الشرقية إلى ضفته الغربية، دون خشية من قاطع طريق أو ميليشيا صغيرة تديرها ميليشيا كبيرة، يديرها زعيم أجبر الشعب أن يهتف له. نعم، كأي وطن آخر لدينا مشاكل وعقبات، لكن الجميل حــن يــقــرر الــوطــن أن يـتـجـاوزهـا بـقـيـادتـه وشـعـبـه، وقد تــجــاوزنــا الـكـثـيـر وأصـبـحـت لـديـنـا املـنـاعـة مــن التجارة بالوطن، وأصبح لدينا االستعداد الكبير ألن يكون وطننا فوق هام السحب، فعال وليس قوال فحسب.