Okaz

! طالب «النموذجية» متنى السباحة .. فمات غريقــاً كيف حدث هذا؟

- إبراهيم علوي (جدة) @i_waleeed22

لم يتخيل والـد الطالب محمد سامي الحربي، أن تكون رغبة ابنه في تعلم السباحة، منذ انطاقة العام الدراسي الجديد، ستقضي على أنفاسه من الـدرس األول، ليلقى حتفه غريقا داخــل مسبح مدرسته النموذجية األولى في جــدة. بـاألمـس، حمل محمد الــذي يــدرس في الصف الـثـانـي االبــتــد­ائــي، حقيبته املـدرسـيـ­ة كـالـعــاد­ة، وتأهب ألهـــم حــصــة فــي حــيــاتــ­ه، طــلــب مــن أســرتــه أن يــعــدوا له العدة، إنها اللحظات الحاسمة التي كان ينتظرها بفارغ الصبر، «أريـــد مـابـس السباحة، فاليوم يــومــي»، هكذا ردد محمد صـدى كلماته، ليسمعها أقرانه وأبناء عمه الذين يدرسون معه في املدرسة ذاتها. تـشـجـع مـحـمـد وهـــو يــضــع قــدمــيــ­ه عــلــى أولــــى خطوات تحقيق حلمه الصغير، «أخيرا سأسبح»، مللم أغــراضــه املــدرســ­يــة وكـتـبـه وكراساته، لـــكـــنـ­ــه انـــشــــ­غــــل بــــأهـــ­ـم محتويات الـــحـــق­ـــيـــبــ­ـة، مـــمـــثـ­ـلـــة فـــــي مابس السباحة. لــــم يــتــوقــ­ف األب عــنــد إلحاح ابــــنـــ­ـه كــــثــــ­يــــرا، ألن السباحة هـــي الـــريـــ­اضـــة املــثــال­ــيــة التي يــتــمــن­ــى كـــل أب أن يتعلمها ابــنــه، بـــادر بـدفـع املصاريف، الـــتـــي تــصــل إلــــى 500 ريــــال، ولــــم يــتــوقــ­ف عــنــد األوراق املــطــلـ­ـوب الـتـوقـيـ­ع عليها، بادر بتحرير توقيعه على الــفــور، كـــان يـظـن أنـــه يهدي ابنه طـوق النجاة بتعلم فنون السباحة، لتصبح هـوايـة ومهارة في إنقاذ نفسه. خـــرج مـحـمـد إلـــى املـــدرسـ­ــة، ودعــــه والده كــالــعــ­ادة، لكنه لــم يـتـوقـع أن يـكـون الــــوداع األخــيــر، مــن خــال أول حـصـة سـبـاحـة له، في مدرسة يفترض أن تكون فيها معايير السامة على أعلى مستوى. قـال األب لـ«عكاظ» أمـس وهـو يـروي لنا تفاصيل الـحـصـة األخــيــر­ة فــي حـيـاة ابـنـه الـــذي بالكاد أكمل سنته الثامنة: فقدت محمد بعدما كنت أمني نفسي بمستقبل زاهر له، ألن هواية تعلم السباحة كانت تمثل قمة السعادة لـه. يـواصـل األب سـرد التفاصيل ويغالب الدموع: من قتل سعادة ابني، ومن أنهى مستقبله؟ ذلك السؤال املحير الذي يحاول األب أن يجد له إجابة. لكن التفاصيل التي تأتي على لسان األب تقول إن ابنه لم يكن يعاني من أي مرض عضوي، «وإال ملاذا وافقت على تعلمه السباحة منذ الوقت األول»، والحديث لألب. ويستمر: وضعته في مدرسة «نموذجية» ليتخرج منها ملما باملعارف على أشكالها، لكنني تسلمته أمس جثة هامدة، بعدما رسب كرها في أول حصة

سباحة. الــســؤال يحير األب، لكنه يــحــاول الــوصــول إلــى إجابة. ويــضــيــ­ف: «اصـــطـــف ابـــنـــي مـــع زمـــائـــ­ه لــلــتــع­ــلــم، أو لم يصطفوا، راقبوهم أم لم يراقبوهم، انزلق قبل سقوطه في املاء أم لم ينزلق، لكنه في النهاية تبلل باملاء، فغمرته، وغطته، وأصبح غريقا في ملح البصر». ويتساءل األب املكلوم: هل قتل ابني اإلهمال والتراخي من املدرب، أم قتله شيء آخر؟ ويجيب: «أعتقد أنه كان من املفترض على مدرب السباحة أن يكون موجودا في املوقع، يراقب الصغار، خصوصا أن بينهم من لم يسبق له تعلم السباحة، ولكن أن يسقط ابني فـي املــاء ويـغـرق، فـا أعتقد أن اإلهـمـال والتراخي بعيدين عن هذه الحادثة، وإن كنت مسلما بقضاء الله وقــدره، إال أن السؤال: أين كان املـدرب وقت سقوط ابني فــي املــــاء؟ ويـنـظـر الـحـربـي بـعـني االســتــي­ــاء لـبـيـان إدارة التعليم بجدة، وهي تحاول أن تؤكد أن املدرب منقذ معتمد، وقــال: أمــر غـريـب، فما هي مـهـمـات ذلـــك املـعـتـمـ­د، إن لم يكن مـن ضمنها مراقبة الطاب وانقاذهم عند الغرق؟ ويتهم األب املدرسة بـغـيـاب املتخصص فــي عـمـلـيـات اإلنقاذ واإلســـــ­ـــــعــــ­ــــــاف، وقـــــــا­ل «اإلســـعــ­ـافـــات األولية مـــن اإلنـــعــ­ـاش الرئوي تمت عـن طـريـق الـهـال األحــمــر، لــذا فـاألمـر يحتاج إلى تحقيق». وأوضـح األب أنه تلقى خبر وفـاة ابنه صباح أمــس بـعـد مـضـي نـحـو نـصـف ســاعــة عـلـى الــحــادث­ــة، إذ «اتصل بي أحد أقاربي الذي يعمل في املدرسة، ليخبرني بأن ابني تعرض لحادثة، ونقل إلى مستشفى خاص في حـي الــرويــس، وطـلـب مني الـحـضـور، عندها جـالـت في خاطري كل الـوسـاوس التي حاولت أن أنحيها جانبا، لكنها حضرت فور وصولي لبوابة املدرسة، إذ أخبروني أن ابني محمد توفي غرقا في املسبح». ويشير الحربي إلـــى أن الــصــدمـ­ـة مـــا زالــــت جــاثــمــ­ة عــلــى وجــــوه األسرة والعائلة، وقال «انظر لهؤالء الصغار إخوته الـ3 وأبناء عمه، أعيتهم الحيلة، توقفت الدموع في مآقيهم، ليتهم يبكون ليستريحوا، فهم فقدوا من كان يزاملهم في كل رحات اللعب واللهو». ويصر األب املكلوم: «لن أتنازل عــن حــقــي حـتــى يـظـهـر املــخــطـ­ـئ، وأحــمــي بـقـيـه الطاب في املـدرسـة من أي إهمال يمكن أن يلتهم أيـا منهم في املستقبل». ويـتـأسـف الـحـربـي ألنــه يـقـرأ بيانا مزعوما إلدارة املدرسة -لم تتأكد «عكاظ» من صحته وتتوثق من مصدره- وقال: هي تحاول أن تبرئ املدرب من أي تهمة، وتشير إلى أن محمد توفي قبل سقوطه في املاء، وتعطي تفاصيل غير دقيقة للحادثة، وتشير إلى وجود كاميرات توثق األمـر، لكن إذا كانت هذه هي الحقائق، فلماذا لم يصدر بها بيان رسمي من إدارة التعليم يعلنها، وملاذا بقيت بيانا غير معروف املصدر وينتسب للمدرسة؟. استسلم الحربي ألوجاعه وتوقف عن الحديث، واختتم بقوله: «أريد حقي وحق ابني».

 ??  ?? وليد ويزيد شقيقا الفقيد وبجوارهما ابنا عمهما اللذان يدرسان مع وليد في المدرسة نفسها. (تصوير: عمرو سالم)
وليد ويزيد شقيقا الفقيد وبجوارهما ابنا عمهما اللذان يدرسان مع وليد في المدرسة نفسها. (تصوير: عمرو سالم)
 ??  ?? الفقيد محمد الحربي والد الفقيد.
الفقيد محمد الحربي والد الفقيد.
 ??  ?? والد الغريق متحدثا لـ«عكاظ».
والد الغريق متحدثا لـ«عكاظ».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia