Okaz

هجوم ترمب على أوبك.. هل من مبررات لذلك؟

-

اسـتـغـرب الـكـثـيـر­ون هـجـوم الـرئـيـس ترمب عـلـى منظمة األوبــــك مــن خـــالل خـطـابـه في الجمعية العامة لألمم املتحدة في نيويورك أمــس األول، متناسني أن الــواليــ­ات املـتـحـدة مقبلة على انتخابات نصفية بعد حوالى شهر من اآلن في نوفمبر القادم. وبالتالي فإن ارتفاع أسعار النفط في تلك الفترة املـتـزامـ­نـة مـع فــرض الـعـقـوبـ­ات األمـريـكـ­يـة على صادرات إيران النفطية، سيؤدي إلى رفع أسعار الوقود للمستهلك األمـــريـ­ــكـــي، وهــــو مـــا قـــد يــؤثــر ضــمــن عـــوامـــ­ل أخــــرى في خسارة الجمهوريني لألغلبية في الكونغرس األمريكي والتي تعد خسارة للرئيس نفسه. ورغــم أن الـواليـات املتحدة تعتبر أكبر منتج للنفط في الـعـالـم مــتــجــا­وزة املـمـلـكـ­ة وروســيــا، إال أنــهــا أيــضــا أكبر مـسـتـهـلـ­ك لــلــنــف­ــط، وثـــانـــ­ي أكــبــر مــســتــو­رد لــــه. وبالتالي فــإن السعر الــذي تفرضه محطات البنزين فيها يعكس االرتفاع أو االنخفاض في أسعار النفط العاملية، وإن كان غير فوري في حالة انخفاض األسعار العاملية. أمــا اســتــغــ­راب الـبـعـض بــأن تخفيض أســعــار الـنـفـط كما يطالب به الرئيس ترمب، يؤثر سلبًا على إنتاج النفط الــصــخــ­ري فـهـو أيــضــًا غـيـر صـحـيـح. فـقـد تــجــاوزت هذه الصناعة مرحلة ارتفاع تكلفة اإلنتاج بفضل التطورات املــتــال­حــقــة فـــي تــقــنــي­ــات اإلنــــتـ­ـــاج ورفـــــع الـــكـــف­ـــاءة، حتى انخفضت تكلفة إنتاجه إلى أقل من 30 دوالرا للبرميل. وبــالــتـ­ـالــي فــاالهــت­ــمــام الــســيــ­اســي مــنــصــب عــلــى أسعار محطات البنزين ليس إال؛ ألنها هي التي تؤثر في جيب املستهلك األمريكي، وما عودتها إلى 3 دوالرات للجالون أو أكثر، إال انعكاس الرتفاع أسعار النفط العاملية. والسؤال الذي يفرض نفسه هل تخلت األوبك وبالتحديد اململكة يومًا عن تبني نهج األسعار املعتدلة للنفط، ليس بسبب مطالب املستهلكني الرئيسيني له، بل ألن مصلحة السعودية وغيرها من كبار املنتجني الحفاظ على أهمية النفط فــي مــيــزان الـطـاقـة الـعـاملـي وألطـــول فـتـرة ممكنة. ولـــوال صــالبــة املــوقــف الــســعــ­ودي والـخـلـيـ­جـي تاريخيًا فــي اجـتـمـاعـ­ات األوبــــك، أمـــام أولــئــك األعــضــا­ء الراغبني فـي أسـعـار نفط مرتفعة ملـا تحقق استقرار سـوق النفط العاملية. كما لم تترك السعودية - تاريخيًا - أزمـة نقص إمدادات نـفـطـيـة تــحــدث، نـتـيـجـة األزمـــــ­ات الــتــي مـــرت بــهــا بعض الدول املنتجة، إال وقامت بتعويض األسواق بما يلزم من إنتاجها النفطي. كما أن احتفاظها الدائم بطاقة إنتاجية فائضة - بتكاليفها املــتــزا­يــدة - هــو دلــيــل واضــــح عـلـى رغـبـتـهـا فــي التدخل الـسـريـع فـي أســـواق النفط العاملية لتحقيق استقرارها. وهو ما يعترف به مستهلكو النفط كبارهم وصغارهم. ولطاملا صرحوا بذلك في اجتماعاتنا الرسمية معهم أو من خالل التصريحات التي يطلقونها بني الحني واآلخر، بمن فيهم الواليات املتحدة. زيادة إنتاج النفط من قبل منظمة أوبك قادم ألن السوق تحتاج إلى ذلك وخاصة في نوفمبر القادم حينما تبدأ العقوبات األمريكية على صادرات إيران النفطية. أما اآلن ورغــم انخفاض جزئي في الـصـادرات النفطية اإليرانية استباقًا من بعض املشترين، إال أن سوق النفط العاملية ال تشهد نقصًا حقيقيًا في املعروض العاملي، وما االرتفاعات التي لحقت بأسعار النفط إال بفعل املضاربات والتوقع بحدوث أزمة إمدادات في األسواق النفطية. وال تحتاج األوبك إلى من ينبهها بحدوث نقص هنا أو هناك فـي اإلمــــدا­دات، فلديها مـن البوصلة والـخـبـرا­ء من ينبهها إلــى ذلــك. وتـعـرف الـــدول املالكة لطاقة إنتاجية فائضة أنه لو تسرعت من اآلن في ضخ كل ما لديها من هـذه الطاقة، فإنها تعرض الحقًا األســواق ألزمــة شديدة متى ما اقتربت الـصـادرات اإليرانية من الصفر كما هو متوقع، ودور هذه العقوبات في وقف التصرفات الشنعاء إليــران في املنطقة، ومتى ما استفحلت مشكلة فنزويال نحو مزيد من التدهور إلنتاجها النفطي. وعـلـى األوبـــك أال تــجــاري تـهـديـدات الـرئـيـس تــرمــب، وإن كان البد من رد فقد يأتي فقط من األمني العام للمنظمة السيد باركندو، موضحًا فيه الــدور املسؤول الـذي تقوم به املنظمة في أسـواق النفط العاملية حاضرًا وتاريخيًا، وأنـــهـــ­ا لـــم ولــــن تــســمــح يـــومـــًا بـــحـــدو­ث أزمــــــة نــقــص في اإلمدادات العاملية النفطية تحقيقًا الستقرار السوق. كما بإمكان بيان األمني العام للمنظمة ان يذكر بالتنسيق الدائم الذي تجريه أوبك مع املستهلكني من خالل املنتديات املشتركة واالجتماعا­ت التنسيقية الدورية إليجاد تفهم واضـــح وأرضــيــة مشتركة - مــن خــالل االحــتــر­ام املتبادل - ملختلف األمـــور الـتـي تــواجــه بعضها البعض وكيفية تـفـادي حــدوث أزمــات نفطية ليست فـي صالح املنتجني أو املستهلكني. وختامًا، نود تذكير الرئيس ترمب بأن استخدامه عبارة «نـهـب» ليصف بها تـصـرف األوبـــك، سيفتح بـابـًا يشمل الكثير من الدول وعلى رأسها دول الغرب.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia