الـدعـــــاء!

كتب د. جاسر الحربش مقاال في جريدة «الجزيرة» قبل أشهر ينصح باجتناب وجبة العشاء، وفوجئ برد يدعو عليه. فقد نـشـر يــوم األربــعــاء 9/1/0441هــــــــ يــقــول: «مــا زال فــي الذاكرة تعليق طريف في تويتر من أحـد الـقـراء على مقال كتبته عام م2012 عـن وجبة الليل والسهر حتى الفجر. حــاز ذلــك املقال على انتشار واسع في مواقع التواصل في الداخل والخارج وما زال يتكرر حتى اليوم. القارئ املفجوع آنذاك من تحريضي ضد وجبة العشاء غـرد بالجملة التالية: هو صــادق الحربش يوم أنه يبينا ننام وضلوعنا الصقة ببطوننا، عساه للجوع اللي يقص ضلوعه». إن كثيرًا من الناس يستهينون بالدعاء، فهذه تدعو على زوجها تـقـول: «الـلـه يقلعك» فــإذا بـه يقع ضحية حــادث وينقلع عنها أسبوعًا، أو شهرًا، في املستشفى، أو يخرج من الحياة كلية. أمــا دعــاء األب أو األم على ذريتهم فـهـذه جريمة، وقــد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من االعتداء في الدعاء، فكيف إذا كــان الــوالــد أو الــوالــدة تـدعـو عـلـى ابـنـهـا أو ابـنـتـهـا؟ حتى إذا استبد بهما الغضب فيكفي أن يقول الـواحـد منهما: الله يصلحك، الله يهديك. وجاءت آية سورة اإلسراء لتهذيب اللسان وإمساكه عن الدعاء بالشر، قال تعالى: {ويدعو اإلنسان بالشر دعاءه بالخير وكان اإلنسان عجوال}. وقــد فسر الشيخ محمد علي الصابوني فـي كـتـاب «قـبـس من نور القرآن الكريم» هذه اآلية فقال: «من طبيعة اإلنسان التعجل وعــدم التمهل، وقــد يدعو على نفسه وعلى أهله وأوالده بما ال يحب، ومـن رحمة الله أنـه تعالى ال يستجيب لهذا اإلنسان العجول في دعائه بالشر، كما يستجيب له في دعائه الخير، ولو استجاب له لهلك، أو أصابه ما ال تحمد عقباه، ولهذا قال

َُ تقدست أسماؤه: {ويدع اإلنسان بالشر دعاءه بالخير وكان اإلنسان عجوال} واملعنى: يدعو اإلنسان بالشر على نفسه كما يدعو لها بالخير، ولو استجيب له في ذلك لهلك ودمر، وهذا ملا جبل عليه من العجلة». إن من أسماء الله الحسنى «املجيب» فهو يجيب دعوة الداعي إذا دعــاه، فلماذا ندعو فـي لحظة غضب بالشر ونـنـدم عليها فيما بـعـد؟.. علينا ضبط أعصابنا وال ندعو الله إال بما فيه خير لنا وملن حولنا. وإني أشك أن ما نمر به من مصائب وباوي ما هي إال نتيجة تساهل الناس في الدعاء.. ويا أمان الخائفن. السطر األخير: قـــال شـمـيـر بــن الــحــارث الـضـبـي كـمـا جـــاء فــي «خــزانــة األدب» للبغدادي:

َُ أتوا ناري فقلت: منون قالوا سراة الجن قلت: عموا ظاما فقلت: إلى الطعام فقال منهم زعيم نحســــد اإلنس الطعاما لــقــــد فضلتم باألكــــل فينــا ولكــــن ذاك يعقبكم سقـــــــاما * كاتب سعودي