امليزانية وعندما يكون لألرقام معنى !
لعل ميزانية هـذا الـعـام حظيت باهتمام شـــعـــبـــي كـــبـــيـــر وغــــيــــر مــــســــبـــــوق.. وذلـــــك تحت وطـــأة مــا أصـــاب االقـتـصـاد خاصة املــؤســســات الـصـغـيـرة مــن هـــزة لــم نـعـهـدهـا مــن قبل.. وجــــاءت املـــؤشـــرات الــجــديــدة ملـيـزانـيـة الــعــام الجديد مـتـمـتـعـة بــنــظــرة غــيــر الــنــظــرات الــســابــقــة.. وسمحت بالتحليق فـي آفــاق التنمية.. لعلها تمتلك مقومات مــا يـبـعـث عـلـى إحــيــاء األمــــل وســـط دوامــــة مــا أصاب االقـتـصـاد، وخـاصـة على مستوى املنشآت الصغيرة والتي تلعب دورا هاما وحيويا في إعانة املؤسسات الكبيرة في تنفيذ املشاريع والتي من أبرزها مشاريع الـــــدولـــــة، وخــــاصــــة فــــي الـــحـــرمـــني، وفـــــي مـــطـــار امللك عبدالعزيز (الجديد) بجدة.
هذه نظرية اقتصادية معروفة.. لم تبرز في وضوح مثل هذا العام.. بعد أن تعرضت املؤسسات الوطنية والتي هي الساعد األيمن للمؤسسات الكبيرة إلى نقص كبير وغير مسبوق في السيولة النقدية.. إذ إن فواتير تنفيذ املــشــاريــع كـبـيـرة تعتمد اعــتــمــادا وثـيـقـا ملــا تـلـجـأ إليه الشركات الكبيرة من ترسية وتجزئة املشاريع الكبيرة وإسنادها إلى املقاوالت املحلية أو ما يسمى (مقاولي الباطن).. وإلى املاضي القريب كانت الشركات العمالقة تعتمد اعتمادا كليا على االستعانة بالشركات الصغيرة فـي تجزئة املــقــاوالت مقسمة عليها.. وعـنـد التحوالت الجديدة التي طرأت على أسلوب التعاطي مع الشركات الكبيرة وتنفيذها للمشاريع. تبرز في املقدمة وعلى الواجهة حقوق هذه املؤسسات التي بلغت مستويات رفيعة.. وكــان أسلوب إدارة تلك الــشــركــات غـريـبـا جــــدا.. فـهـم كـمـا يــقــول املــثــل الشعبي: (يــعــطــون املـــقـــاول مـــن الـــشـــاه أذنـــهـــا)، مــمــا أفــضــى إلى تراكمات لم تستطع هذه الكيانات تحملها.. ألن الفارق بني املستحق وما يصرف مؤشر على مدى ما يتحمله الحراك التنموي.. خاصة في مجال املقاوالت.. الذي جعل تلك املؤسسات تترنح تحت وطـأة وثقل العجز املالي.. على سبيل املـثـال أعــرف أن مؤسسة محلية تسهم في بناء املطار الجديد كان لها مستحقات نحو 600 ألف ريــال صــرف لها مـن هــذه الحصة وبـعـد انتظار طويل صرف لها 50 ألفا.. كانت الدهشة بالغة.. لعل مؤشرات امليزانية الجديدة لهذا العام تكون مستوفية ملعالجة أمثال هذه املشكالت والسيولة في مقدمتها. الزهيدة أو عليهم أن يغلقوا مؤسساتهم. السيولة ثم السيولة هي األمـل الـذي يحيي في نفوسنا األمل بقدر يجعلنا ال ننظر إلى تلك املحالت التي أغلقت أبوابها.