Okaz

الرجل النسوي ضد الرجل النسوجني

- أريج الجهني * areejaljah­ani@gmail.com * كاتبة سعودية

أتـــت رؤيــــة 2030 الــتــي أطـلـقـهـا ولـــي الـعـهـد صــاحــب السمو املـلـكـي األمــيــر محمد بــن سـلـمـان، حفظه الــلــه، مـبـشـرة بعهد جديد للسيدات السعوديات الالتي أثبنت جدارتهن منذ القدم، ولكن اآلن فتح الستار وظهرن للمشهد املجتمعي بقوة. ومن املهم أن نؤسس لثقافة التعامل بن املـرأة والرجل؛ ألن دخولنا في سلم «الحياة الطبيعية» جــاء بعد سـنـوات مـن االنــغــا­لق و«فـوبـيـا املــــرأة»؛ فــاملــرأ­ة نفسها قـد تقع في تابوهات ضعف التقدير للذات وانخفاض الوعي بذاتها، بالتالي ينعكس على أدوارها املجتمعية فتصبح هشة وضعيفة ومشتتة. لن أناقش هنا الفرق بن الهوية والــدور املجتمعي، وإن كانت تعني باختصار أن الهوية كل ما يصدر من الـذات ويعبر عنه، والـــدور املجتمعي كـل مـا يـفـرض عليها مـن الــخــارج وتمارسه ألجل اآلخرين، هكذا نفهم أن العديد من السيدات وحتى الرجال ال يــدركــون هــذا الـحـد الـفـاصـل بـن «مــن أنــا» وبــن «مــن أكون»، مــن هـنـا نـالحـظ خــطــورة غـيـاب الـتـعـامـ­ل الطبيعي بــن النساء والـــرجــ­ـال، الـتـعـامـ­ل الـــذي ال ينبغي أن يــســوده ســوى االحترام والتقدير دون شكوك سوداء وأوهام وهلوسات ذهنية ال حقيقة لها، وأنا هنا أوجه هذا القانون للطرفن، فالكثير من السيدات مازلن يتوهمن أن أي سلوك تقديري من الرجل بأنه تحرش أو اهتمام عاطفي، كذلك بعض الرجال ال يزالون يغصون بالوهم الغريزي بأن تلك الفتاة التي بادرته بقول «صباح الخير» في طريقها بأنها دعوة عاطفية. نـعـم هــذه أمـــور تـحـدث فــي أي مجتمع بــشــري، لـعـل مــا يميزنا هـو العمق الديني والــذي أعتبره أقــوى عامل وقـائـي لإلنسان، التحدي هـو تعميق هـذا الفهم للتهذيب النفسي واإلنـسـان­ـي للفطرة، دون أن يحدث خلل بسبب الخطاب املجتمعي الـذي يحدث أن يسطو على روح وجوهر الدين الذي يأمرنا بحسن الظن واتقاء اإلثم، هذه مقدمة لنفهم كيف يتعامل الرجال مع النساء، فالرجل الذي ينطلق من أسس قيمية وأخالقية راقـيـة لـن يخيفه نجاح املــرأة بـل سيكون خير داعــم ومـوجـه وهــم كثر ولله الحمد، فالكثير من الرجال في مجتمعنا يؤمنون بـدور املـرأة بل يطالبون بتمكينها وإيصال صوتها. وأذكر هنا على سبيل املثال الكاتب القدير محمد الخازم للمرة الثانية ككاتب نسوي حقيقي غير متصنع، فالخازم نشر مقاالت عديدة عن املرأة وتعليمها بل طرح هذه الجملة القيمة «من يعالج قضايا املرأة هي املرأة نفسها»، وفي مقاله حول جامعة األميرة نورة تحدث عن خطورة عزل املرأة وحصرها في كيان واحــد، وأنــا أتفق معه إلـى حد كبير، فمديرة جامعة واحــدة ال تكفي، ينبغي فتح باب الترشح إلدارة الجامعات للسيدات أيضا خاصة جامعات القرى التي يفوق فيها عدد الطالبات عدد الطالب. باملقابل هناك فئة من الـرجـال وهـي «الـرجـل النسونجي» والــذي قد يدندن على مــوال التمكن ليس إليمانه باملرأة بل لهلوساته النفسية التي تظهر في فلتات لسانه في وصف النساء، فمتى ما قال «يا سيدتي» تكتشف بأنه يــنــادي زوجــتــه «يــا هــيــه»، أو يسمي أخــواتــه بـــ«الــحــريـ­ـم»، بــل ال يــتــردد من عرض خدماته كمستشار اجتماعي فمتى ما غابت إحداهن قفز ملراسلتها أين ذهبت، وإذا ضحكت إحداهن أخبرها بأنها صنعت يومه، وهكذا يصبح هذا النوع كاألراجوز في كل طريق يرمي بوجهه على الفتيات، على أمل أن يحظى باهتمام، فهو غير مستعد ألن يدرك أولوياته الحياتية وال أن يراسل زوجته التي تنتظر رسالة منه. من هنا أقول مهم أن تعي الفتاة وتحذر من هذا النوع اللعوب والـــكـــ­اذب والــــذي يـحـتـقـر بــشــدة الــســيــ­دات، بــل يـعـتـبـر تواجدك وتفاعلك بكيانك الحقيقي في املجتمع بأنه غواية وسوء تربية، ليس هــذا هـو الـرجـل الـسـوي الــذي يمكنك أن تبني معه أسرة، واألسوأ أن يكون في محيط عمل الفتاة أو اهتماماتها أشخاص مـزيـفـون، يتصنعون الــرقــي وهــم مـجـرد مـهـرجـن، وال يرونها سوى فريسة ويقضون حياتهم في املطاردة. نعم دراسة العالقات اإلنسانية معقدة جدا، وباملجمل ما زالت الـخـبـرات فـي التعامل كحياة طبيعية ضئيلة ومــحــدود­ة، وما زلـــت ال أعــلــم ملـــاذا تــأخــرنـ­ـا كـثـيـرا فــي تـمـكـن الفلسفة والعلوم االجتماعية بالشكل املطلوب، حتى ظهرت لنا مشكالت اجتماعية خلقت هذه الفوبيا بن الجنسن، وجعلت عديمي األخالق يمارسون طيشهم علـى حساب صحة املجتمع وسالمته، املحك اآلن هو القانون وأول خطوة ننتظرها هو التشهير بهذه الفئة وليس فقط االكتفاء بعقاب غير معلن، جهود مجلس الشورى األسابيع املاضية والتوصيات املتعددة التي رفعها األعضاء جديرة بالتقدير واإلشادة ونشد على أيديهم بأن يستمروا بهذا الحراك الحضاري والذي يقوده األعضاء ببسالة ورقي، إسقاط هذه التوصيات مؤقتا ال يعني وفاتها بل قد تعود وقد يتم إحياؤها بجرة قلم من قادة هذه اململكة تماما كما حدث مع تعليم الفتيات وقيادة املرأة وغيرها، فهم قدوتنا الذين تعدت حكمتهم وعدلهم الزمان واملكان وحملوا وطنهم ملصاف العالم.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia