األمل السعودي محمد بن سلمان!
في كل مرة يحتاج الشعب السعودي إلى أن يسمع شيئًا مـن قيادته حــول األوضـــاع السياسية أو االقتصادية أو االجــتــمــاعــيــة، شـيـئـًا يـجـلـي الــتــخــرصــات بـنـصـاعـة وجه الحقيقة، يظهر األمير الهمام سمو ولـي العهد في لقاء تلفزيوني أو صحفي ليوجه رسائل محددة في اتجاهات عدة يفهمها البسيط ويقرأها الحصيف.. أعمها وأشملها في رأيـي قوله: «ال يهمني كيف ينظر العالم إلي بقدر ما يهمني ما يصب في مصلحة البلد والشعب السعودي وأي أمر يخدم السعودية كشعب ودولة سأفعله بكل قوة، بغض النظر عن االنطباعات التي سيخلقها عني. إذا كان األمر جيدًا فشكرًا هذا أمر رائع. أما إذا كان سيئًا فسأحاول توضيح نفسي. وإذا نجح ذلك، فهذا أمر طيب، أما إذا لم ينجح، فإنني سأفعل ما هو جيد لبلدي وشعبي». لم يتوقف إعجابي وأنا أقرأ حوار سمو ولي العهد في بلومبيرغ، الذي شمل اتجاهات عدة، أن أقول بال شعور نحن نعيش حلمًا سعوديًا جديدًا مع هذا الشاب الرائع كما عاشه أجدادنا مع جده العظيم امللك عبدالعزيز رحـمـه الــلــه.. هــذه الـدقـة فـي تقصي التفاصيل واإلحــاطــة بها وبعضها بـــاألرقـــام واملــنــطــقــيــة فـــي تـسـلـسـل الــحــقــائــق وربــــط الــتــاريــخ بالحاضر واملستقبل ومعرفة سموه بكل صغيرة وكبيرة في أي حوار.. ســأتــوقــف بــحــســب مــســاحــة املـــقـــال حــــول جــزئــيــة الـــعــالقـــات السعودية األمريكية التي وردت في الحوار ألقول باختصار إن أكثر الفرحني فيما لــو تــوتــرت الــعــالقــات الـتـاريـخـيـة بــني الـبـلـديـن هــم املــتــضــررون مــن هذه الــعـالقــات اإلسـتـراتـيـجـيـة، ورأيــنــا أنــه عـنـدمـا عـمـل أوبــامــا وإدارتــــه ضد األجندة السعودية وملصلحة إيران وحزب اإلخوان كيف وقفت السعودية وحدها صامدة حتى أفشلت املشروعني اإليراني واإلخواني معًا بينما توقع الشامتون والضعفاء أن تنهار السعودية ملجرد أن البيت األبيض قرر أن يغير سياسته! مواقف كثيرة عبر التاريخ جسدت فيها السعودية مواقفها الثابتة بغض النظر إن تقاطعت مع رغبات أمريكا أو لم تتقاطع معها.. السعودية تنظر لألفعال ال األقوال، خاصة إذا كانت هذه األقوال مجرد آراء وليست أوامر أو تـدخـال فـي شــأن داخـلـي على الطريقة السويدية واألملـانـيـة سابقًا أو الكندية أخـيـرًا، ولـذلـك عندما تغيرت أجـنـدة اإلدارة األمريكية فـي عهد ترمب لتكون ضد إيــران والجماعات اإلرهابية التي تفتت وحـدة وقرار الدول العربية تناغمت السعودية معها.. منزوعو السيادة واألخالق والذين يتوسلون في بالط األمم شرقًا وغربًا ويـعـيـشـون تـحـت حـمـايـة قــواعــد عـسـكـريـة ثـابـتـة تـتـحـكـم فــي أراضيهم وقــراراتــهــم ومـصـائـر شـعـوبـهـم وهــم يــمــارســون االنــبــطــاح لــالعــتــراف أو االهتمام بهم هم من يشنع على السعودية في أي لحظة توتر وهمي أو حقيقي مع الواليات املتحدة األمريكية.. الـسـعـوديـة رفـضـت دائــمــًا عــرض األمــريــكــان بـقـواعـد عسكرية ثابتة في أراضيها بينما قبل غيرهم بكل القواعد األمريكية والروسية والتركية واإليــرانــيــة ! الـسـعـوديـة تـشـتـري سـالحـهـا مــن كــل الـعـالـم وعـنـدمـا رفض األمريكان في فترة ما مدها ببعض الصواريخ استدارت بسرعة باتجاه الـصـني فــي صفقة تـاريـخـيـة واشــتــرت ودرب أطقمها لــصــواريــخ «رياح الشرق»، السعودية ال تبيع حقوق العرب واملسلمني ولذلك عندما تقول ال فهي تعني ال والعالم يفهم أنها «ال» كبيرة بحجم قـوة وتأثير هذه الدول العظمى! قالت حول القدس ال لكلينتون ولبوش وألوباما ولترمب في الخفاء والعلن «الؤنا» مختلفة بالتأكيد عن غيرنا ألننا نعنيها قوال وفعال.. السعودية تملك قرارها واستثمارها النفطي من التنقيب واملنبع وحتى املـصـب بينما يبيع اآلخــــرون حقولهم وثــرواتــهــم لـألجـانـب! السعودية تؤمن باالستثمار والتعاون ملصلحتها وملصلحة زبائنها شرقًا وغربًا وتتمتع بقاعدة عريضة مـن الـعـالقـات العاملية والـتـجـاريـة تمكنها في اللحظة التي تختار من تغيير مسارها وفـق مصالحها هي ال مصالح غيرها.. وهي تشتري من السالح والتقنية أثمنها كمًا ونوعًا وبأموالها ولـيـس بـاملـجـان.. وهــي تفعل ذلــك لتشتري أمنها برجالها وأمـوالـهـا ال بقواعد أو حماية أجنبية. وعــنــدمــا عــمــلــت اإلدارة األمــريــكــيــة ضـــد أجــنــدتــنــا ذهــبــنــا بــكــل ثقلنا االقتصادي والعسكري للشرق لنقول لألمريكان من هناك هل ستغيرون من أجندتكم أم ال؟! كانت إجابة ترمب سريعة.. نعم سنغيرها ملصلحتنا جميعًا ووقعنا اتفاقيات تجارية واستثمارية لشراء األسلحة وتصنيعها ونقل التكنولوجيا لبالدنا ملدة 10 سنوات وبمبلغ هو في الحقيقة يمثل مشترواتنا السنوية أصال من أمريكا ولكننا قمنا بتجميع هذا االستثمار الذي بلغ أكثر من 400 مليار، وهو ال يشكل أكثر من %30 من استثماراتنا املتوقعة للعشر الـسـنـوات الـقـادمـة لنبلغ األمـريـكـان قبل غيرهم مـا هو حجمنا وما هو ثقلنا وكم ستخسرون من االستثمارات واملشتروات لو قررنا تغيير اتجاهنا! البعض من العرب واألمريكان السذج تصوروا أن طائرات ترمب حملت تلك األموال معها إلى اإلدارة األمريكية ولذلك ظهرت أصوات أمريكية تقول لترمب تحديدًا إن السعوديني لم يعطوك شيئًا بل هم يمارسون نفس العمل الـذي مارسوه مع اإلدارات األمريكية السابقة هم يقولون له إن السعوديني حسنوا شروطهم فقط لشراء األسلحة ونقل التكنولوجيا بمبلغ 40 مليار دوالر سنويًا، وهـو كما قلت املبلغ الذي تدفعه دولة طامحة لشراء األسلحة والتكنولوجيا والبضائع األمريكية وتدفع مثله أو أكثر في مناطق أخـرى من العالم! ولذلك يخوض ترمب حـربـًا داخـلـيـة مـع كـل املنتقدين لسياساته الـخـارجـيـة مـع شـركـاء عظام كالسعودية مثل الصني واالتحاد األوروبــي والكوريتني واليابان، وهو بطريقته التي تناسب منتخبيه يبدي آراء ه الخاصة غير امللزمة لآلخرين قطعا، بينما الحاقدون ومنزوعو السيادة والـقـرار يتكلمون عن أموال حملها ترمب في طائرته حقدًا وحسدًا من استطاعة السياسة السعودية تطويع السياسة األمريكية بعد انقالب أجندتها لثماني سنوات في عهد سيئ الذكر أوباما.. ولذلك سيبقى ترمب صديقنا متى ما كانت سياسته على األرض تتفق مع مصالحنا وأهدافنا اإلستراتيجية في األمـن والتنمية، وإذا تغيرت األفعال فللسعودية العظمى ألف باب وباب.