املؤسسات الصغيرة األكثر عددًا واألقل متويًال
950 ألـــف مـؤسـسـة صـغـيـرة ومـتـوسـطـة تعمل فـــي املــمــلــكــة الــعــربــيــة الــســعــوديــة، يـعـمـل فيها نحو 4.72 مليون عامل، ونسبة األجانب فيها %79 حـسـب مـسـح الــقــوى اإلحــصــائــي للمؤسسات الصغيرة واملــتــوســطــة الـــصـــادر مــن الـهـيـئـة الــعــامــة لــإحــصــاء، ويعمل %47.7 مــن هـــذه املــؤســســات فــي تــجــارة الـجـمـلـة والتجزئة، %10.9و تعمل في الصناعات التحويلية، ونسبة %10.6 تعمل في مجال الفندقة والطعام، %3.18و تعمل في أنشطة أخرى، %10و في مجال الزراعة والصيد، %7.1و في مجال الخدمات الجماعية والشخصية، %3.2و في مجال املـقـاوالت، و3% في مجال األنشطة العقارية، %0.8و في التعليم، %1.6و في النقل والتخزين، وتوزع املتبقي على البقية من األنشطة. ويــعــمــل نــحــو 1.3 مــلــيــون عــامــل أجــنــبــي فـــي نــشــاط تجارة الـتـجـزئـة. وبلغت اإليـــــرادات التشغيلية للمنشآت الصغيرة واملتوسطة نحو 2.7 مليار ريال، %33 من قطاع التجزئة. وحسب تقرير سعودي أمريكي مشترك أعده مجلس األعمال السعودي األمريكي حول تطوير املنشآت الصغيرة واملتوسطة في السعودية بالشراكة مع مؤسسة (اكاونتا بيليني) وهي شركة أبحاث واستشارات عاملية، حيث أشــار التقرير إلـى أن املنشآت الصغيرة واملتوسطة تشكل نحو %90 من الشركات العاملة في اململكة، وتستوعب نصف العمالة، وتسهم بنسبة %33 مـن الناتج املحلي اإلجـمـالـي للمملكة، فـي الـوقـت الذي تعاني فيه هــذه املـؤسـسـات مـن قضية التمويل، حيث تشير التقارير إلـى أن املؤسسات الصغيرة تحظى بنسبة %2 فقط مــن إجــمــالــي الـــقـــروض املــمــنــوحــة فــي املــمــلــكــة، %98و توجه إلقراض املؤسسات والشركات الكبيرة. وحسب التقرير فإن السبب قد يعود إلى ارتفاع نسب املخاطرة في التمويل للمؤسسات الصغيرة، وذلـك بسبب ضعفها في اإلدارة والتشغيل، وضعف املعرفة واملهارات لدى أصحابها، وافتقارهم للدراسات االقتصادية واملتابعة واإلشــراف. وفي نـهـايـة تـقـريـر مـجـلـس األعــمــال الــســعــودي األمــريــكــي يوصي الـتـقـريـر بــضــرورة ســن تـشـريـعـات تسمح بالتمويل املخاطر والتمويل بالغ الصغر والتمويل الجماعي، موضحا أهمية دعـم الهيئات الحكومية لتطوير املؤسسات الصغيرة، وذلك بإصدار سياسات دعم للمنشآت الصغيرة واملتوسطة. ومــن أهــم تـوصـيـات الـتـقـريـر، الــذي أعـتـبـره مــن أهــم التقارير عـن وضـع املؤسسات الصغيرة واملتوسطة، تقسيم املشاريع الـحـكـومـيـة إلـــى أجـــــزاء تــســاهــم فــي فــتــح املــجــال للمؤسسات الــصــغــيــرة واملـــتـــوســـطـــة لـــلـــدخـــول فـــي املـــشـــاريـــع الحكومية مباشرة. ومـــن املــؤكــد أنــهــا أرقـــــام كــبــيــرة لــم تــــدرس أو تـكـلـف مكاتب استشارات للتعرف على األسباب، ورغم الجهود الكبيرة التي تبذل من الجهات املعنية ورغم التسهيالت التي تقدمها الدولة إال أنــه ال يـــزال هـنـاك قـصـور لتغطية احـتـيـاجـات املؤسسات الصغيرة. إن مـــن أهــــم املــشــكــالت واملـــعـــوقـــات الـــتـــي تـــواجـــه املؤسسات الـصـغـيـرة واملـتـوسـطـة هــي عــدم دراســـة جـــدوى املـؤسـسـة قبل التأسيس، والتوسعات غير املخططة، وارتفاع عبء املصاريف اإلداريـــــة ونــقــص املــهــارات اإلداريـــــة للقائمني عـلـيـهـا، وكذلك عـدم التمكن من االستفادة من حوافز االستثمار واإلعفاءات الجمركية أو الضريبية أو الحصول على أراض مجانية أو بأسعار منخفضة أو قروض بأسعار منخفضة مما يؤدي إلى فشل هذه املؤسسات. ولو جاز لي االقتراح القترحت حزمة من اإلعفاء ات من الرسوم والـضـرائـب للمؤسسات الصغيرة، وأضــم صوتي إلـى تقرير مـجـلـس األعـــمـــال الــســعــودي األمــريــكــي عـلـى ضــــرورة تجزئة املشاريع والسماح للمؤسسات الصغيرة واملتوسطة بالدخول في هذه املناقصات. إن أهمية املـشـاريـع الصغيرة تكمن فـي توفير فــرص العمل والـــحـــد مـــن الــبــطــالــة واملــســاهــمــة فـــي زيــــــادة الــنــاتــج املحلي اإلجــمــالــي والــنــمــو االقــتــصــادي والـتـخـفـيـف مــن حـــدة الفقر، كـمـا أنــهــا كــانــت املــحــور األســاســي فــي الـتـنـمـيـة االقتصادية واالجتماعية في العديد من الــدول كاليابان والهند، وبديال إستراتيجيا في جميع الــدول سـواء املتقدمة أو النامية لحل الكثير من املشكالت التي تواجه اقتصاداتها. فــفــي الـــواليـــات املــتــحــدة األمــريــكــيــة أصــــدر قــــرار عـــام م1953 بــفــرض قــانــون خـــاص لـحـمـايـة املــشــاريــع الــصــغــيــرة، كـمـا تم تخصيص وكالة فيديرالية ملساعدة هذه املشاريع تحت اسم «إس بـي إيــه»، حيث استفادت منها نحو 20 مليون منشأة صغيرة خالل 50 عامًا، وساهمت في انتقال عدد من املشاريع الصغيرة إلى شركات كبرى، كما حدث لشركات «أبل» و«إنتل» و«فيدرال اكسبريس» و«كومباك» و«أمريكا أون الين»، حيث ساهمت املـشـاريـع الصغيرة بنسبة %50 مـن الـنـاتـج املحلي اإلجمالي األمريكي، تاركة النصف اآلخر للمشاريع الكبيرة. وكذلك الحال في التجربة األملانية باالعتماد على املشاريع الصغيرة واملـتـوسـطـة وتـوفـيـر املـنـاخ املـنـاسـب لها مـن حيث الــتــمــويــل وعـــقـــد شــــراكــــات بـــني الـــجـــامـــعـــات األملـــانـــيـــة وهذه املؤسسات الصغيرة واملتوسطة بهدف االستفادة من األبحاث العلمية والتطبيقات العملية، حيث يوجد نحو 3.6 مليون شركة صغيرة ومتوسطة تضم غالبية القوى العاملة. وأخيرا ليس عيبا أن نعلن فشل الخطط والسياسات التي تم وضعها مسبقا وكـان هدفها معالجة القصور ورفـع املعاناة عن املؤسسات الصغيرة واملتوسطة، ونحن بحاجة ماسة إلى تبني إحدى الجامعات دراسة دقيقة عن أسباب فشل املؤسسات الصغيرة واملتوسطة، وعلى الجامعات وكليات إدارة األعمال أخذ املبادرة في تخصيص أقسام متخصصة -Entrepreneu ship تسهم في بناء رجال أعمال املستقبل، ليكون العمل مبنيا على أسس علمية تم تدريسها قبل الدخول في املجال.