Okaz

إصابة عموري

-

تـمـزق وتــر القيثار هـكـذا بـكـاه جـمـهـوره، تعرض الــــاعــ­ــب الــــدولـ­ـــي اإلمــــــ­اراتــــــ­ي عـــمـــر عبدالرحمن والشهير بعموري إلــى إصـابـة بليغة فـي الركبة أدت إلى قطع في الرباط الصليبي وسيخضع إلى عملية جراحية في إسبانيا نسأل الله أن تتكلل بالنجاح وأن يطمئن قلوب أسرته وجـمـهـوره عبر الخليج، الحقيقة لست مهتمة بـالـشـأن الكروي وربــمــا هــذه املـــرة األولـــى الـتـي التفت بها لـظـاهـرة كــرويــة شابة، فهذا الاعب يحظى بجماهيرية وتقدير من جمهوره وأيضا من مشجعي الفرق األخرى الذين ابتهلوا بالدعاء له وتشاركوا األسى واأللم مع منافسيهم، هذا هو املحك الحقيقي للرياضة وأي نشاط بشري «أن تجمعنا اللحظة وال تفرقنا»، هذا ما حدث حني انشغل الجميع باالطمئنان على هذا الاعب الخلوق الـذي حرص على مشاركة جمهوره أشــد لحظات أملــه بابتسامة وودعـهـم بكلمات هادئة ومتفائلة. كمجتمع يهمنا حـقـًا نــجــاح فــتــاة مـجـتـهـدة فــي شــمــال اململكة ويبهرنا نشاط شـاب من أقصى الجنوب ويزيدنا عزيمة نجاح مــنــظــم­ــات ومــؤســسـ­ـات الــعــاصـ­ـمــة وتــــرق قــلــوبــ­نــا لــوتــر حجازي وتشتاق أنفسنا للوحة فنية من الشرقية، لوهلة شعرت كم نحن بعيدون عـن هموم الـنـاس الحقيقية، عندما سمعت عـن إصابة عــمــوري شــعــرت بـالـخـجـل بـأنـنـي لــم أكـــن أعــلــم عــن هـــذه املوهبة العبقرية، وهو الذي نشأ بيننا كما قرأت وأيضا سبق وقد وحاز على الـعـديـد مــن األلــقــا­ب على مستوى الـعـالـم، وبالطبع أمثاله يمتلكون قوة تأثير على الجيل بأخاقهم، بل قد تجد ابنك وابنتك يحفظون رقم قميصه وتاريخ مياده وحتى قصة حياته. التحدي اآلن، هل توجد لدينا برامج مجتمعية حقيقية لتمكني هؤالء املبدعني؟ أو كما يسميهم مالكوم جادويل «االستثنائي­ون»، وهل لدينا برامج تعزز الرياضة كممارسة حقيقية للشعب وليس فقط الـذهـاب للملعب، أتــرك هـذه األسئلة لكتاب الرياضة فلست منهم، لكن ماذا لو تم محاكاة فكرة جادويل الكاتب الذي تناول فلسفة النجاح بمنظور ينتزعه من السياق الفردي ويحمله إلى السياق الجمعي، بمعنى أن أغلب قصص النجاح التي نسمعها عن الاعبني أو غيرهم تتحدث عن تفوقهم الفردي وتهمل البيئة والــظــرو­ف املعيشية الـتـي أحــاطــت بـهـم، وهـــذا أمــر غير منطقي، فالفرد الناجح واالستثنائ­ي ال ينفصل عن بيئة داعمة وتنشئة موجهة وتدريب مستمر. جادويل يؤمن أن اإلنسان يستطيع أن يمتلك أي مهارة، شرط أن يقضي عشرة آالف ساعة يتعلمها وثــاث ساعات يومية بشكل ثـابـت ملمارستها، يفجر جــادويــل املـفـاجـأ­ة ويكتب عـن «خرافة املوهبة» والذي يعزز بها ملفهوم التدريب وتحسني األداء، بمعنى أن املحك الحقيقي للنجاح هو التدريب واملمارسة، عليه ماذا لو تقدمت الهيئة العامة للرياضة بطرح مـشـروع «بحث ميداني» لدراسة الظروف البيئية واالجتماعي­ة التي يظهر منها الاعبون املبدعون وتلقي الضوء عليهم، بالتالي تدفع بهم لأكاديميات الــريــاض­ــيــة «املــفــتـ­ـرضــة أو لــنــقــل املــنــتـ­ـظــرة»، دراســـــة «التمكني» بـاملـنـاس­ـبـة لـيـسـت رهـيـنـة بــاملــرأ­ة فــقــط، فـالـتـمـك­ـني مـفـهـوم حياة ينبغي أن يشمل الجميع. ال شــك أن الـريـاضـة الـسـعـودي­ـة تعيش تألقا وتـفـاعـا مجتمعيا مـبـهـجـا، بــل لــعــل الــجــانـ­ـب الــريــاض­ــي لــديــنــ­ا مــن الــجــوان­ــب التي نستطيع الرهان عليها مستقبا، لكن األهم أن ينطلق التمكني من البداية بااللتفات إلى املحترفني منذ نشأتهم ومراجعة ظروفهم املحيطة ودعمهم، علينا اآلن أن نعزز من خالها فكرة التدريب ومــراجــع­ــة مـفـاهـيـم املــوهــب­ــة، فـكـل إنــســان مــوهــوب لـكـن بطريقة مختلفة! ولعل أسوأ ما قمنا به تجاه أبنائنا كمجتمع أننا عززنا مفاهيم التنافسية البغضية «األول على الصف، املـوهـوب، األفـضـل»، كل هذه التفضيات التي أثبتت فشلها وتجاوزها الغرب منذ سنوات ما زلنا نعلق بها، الناجح الحقيقي هو من يصنع نفسه بالتدريب والــعــمـ­ـل واالجـــتـ­ــهـــاد وبــاملــن­ــاســبــة كـــل مـــهـــار­ة أو كــمــا يسمونها «مــوهــبــ­ة»، وفــق جــادويــل، قـابـلـة لـاكـتـسـا­ب والـتـعـلـ­م طــاملــا أنت تتمرن! كلمة أخـيـرة أنقلها على لسان جمهور عـمـوري «تـقـوم بالسامة وترجع أقوى إن شاء الله»، وفخورون بك. * كاتبة سعودية

 ??  ?? أريج الجهني * @areejaljah­ani areejaljah­ani@gmail.com
أريج الجهني * @areejaljah­ani areejaljah­ani@gmail.com

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia