عقوبات اليوم وسفارة األمس
يـــوم أمـــس الـــرابـــع مــن نـوفـمـبـر كـــان تاريخ عــودة العقوبات األمريكية على الصادرات النفطية اإليرانية، حيث أقرت عقوبات على الصادرات النفطية اإليرانية في العام ،2011 لكن التطبيق كان أقل صرامة، العقوبات التي تدخل حيز التنفيذ اليوم تمثل الحزمة الثانية من العقوبات التي أقرت بعد خروج واشنطن من االتفاق النووي. الحزمة الثانية من العقوبات تشمل شركات تشغيل املوانئ اإليــرانــيــة، وقــطــاعــات الـشـحـن وبــنــاء الـسـفـن، بـمـا فــي ذلك خطوط الشحن اإليرانية، واملعامالت املتعلقة بالبترول مع شركات النفط اإليرانية الوطنية وشركة نفط إيران للتبادل التجاري، وشركة الناقالت اإليرانية الوطنية، يتضمن ذلك جميع عمليات شراء النفط واملنتجات النفطية أو املنتجات البتروكيماوية من إيران. وتشمل العقوبات إعادة فرض العقوبات التي تنطبق على األشخاص الذين رفعت أسماءهم الحكومة األمريكية من قائمة العقوبات أو الـقـوائـم األخـــرى الـخـاصـة، باإلضافة إلى املعامالت من قبل املؤسسات املالية األجنبية مع البنك املركزي اإليراني. الــالفــت فــي الــعــقــوبــات هـــذه املــــرة أن االقــتــصــاد اإليراني استجاب سلبيا للعقوبات قبل بدئها، حيث عانت العملة اإليرانية من االنخفاض الدراماتيكي، حيث حققت أرقاما قياسية في االنخفاض مقابل الـــدوالر، كما أن الصادرات الـنـفـطـيـة انــخــفــضــت بــحــوالــى الــنــصــف قــبــل بــــدء تطبيق العقوبات، كما وصــف تقرير لـــ«أويــل بـرايـس» العقوبات 610 التي ستطبق على طهران اعتبارا من يوم أمس األحد في قطاع النفط بأنها أسوأ كابوس في تاريخ إيران. أحد التساؤالت املطروحة حول العقوبات على الصادرات النفطية اإليرانية، عن مدى قدرة املستوردين على الصيام عن النفط اإليراني، خاصة أن اإليرانيني في وقت العقوبات يـبـيـعـون الــنــفــط بـسـعـر أرخــــص ويــقــدمــون تـسـهـيـالت في السداد، وقد شهدت فترة العقوبات )2011( إعفاءات لعدة دول ولكن بنسب معينة. وإذا نظرنا إلى أكبر خمسة زبائن لنفط إيـران، فهم الهند والـصـني وتركيا وكـوريـا الجنوبية والـيـابـان، وجميعهم عبر عن خشية من عدم وجود إمـدادات كافية عامليًا لتحل محلها، لكن اإلدارة األمريكية تنوي منح إعفاءات محدودة لبعض عمالء النفط اإليــرانــي حتى تضخ الــدول املنتجة الكبرى إمـــدادات إضافية فـي الـعـام الــقــادم، على أن يلتزم املستوردون بخفض كمية االستيراد من إيران. كانت الحكومة األمريكية جادة في التأكد من أن العقوبات على طهران ستوتي أكلها، يتضح ذلك من تصريح وزير الخزانة األمريكي ستيفن منوتشني «رويترز» أنه سيتعني على الـــدول أوال خفض مشترياتها مـن نفط إيـــران بأكثر مـن املستوى البالغ 20 % الــذي نفذته بموجب العقوبات السابقة.
كـــمـــا ســــافــــرت فـــــرق مــــن وزارتـــــــــي الـــخـــزانـــة والخارجية األمريكيتني إلى ما يزيد على نحو 20 دولة منذ أن انسحب تــرمــب مــن االتــفــاق الــنــووي فــي الـثـامـن مــن مــايــو، لتحذر الــشــركــات والــــدول مــن مـخـاطـر الـقـيـام بأنشطة مــع إيران، واجـتـمـع بــريــان هـــوك، املـمـثـل الــخــاص لــــوزارة الخارجية األمريكية املعني بـإيـران، وفـرانـك فانون أكبر دبلوماسي أمــريــكــي مـعـنـي بـــشـــؤون الــطــاقــة لـــدى وزارة الخارجية، في اآلونــة األخـيـرة مع مسؤولني من الهند، ملناقشة وقف استيراد النفط اإليراني، واإلعفاءات التي ستقدم للهند. كـمـا حــرصــت إدارة تــرمــب عـلـى خـنـق إيـــــرادات املبيعات، بحيث يتم حجزها لكي تستخدمها طهران بشكل حصري ألغــــراض إنــســانــيــة، وهـــي آلــيــة أكــثــر تــشــددًا بــاملــقــارنــة مع آلــيــة مــمــاثــلــة جــــرى فــرضــهــا عــلــى مــشــتــريــات نــفــط إيران خالل الجولة السابقة من العقوبات في ظل حكم الرئيس األمريكي السابق باراك أوباما. الــيــوم يــأتــي تنفيذ الـعـقـوبـات األمـريـكـيـة عـلـى إيــــران، في نــفــس األســـبـــوع الــــذي تــجــري فــيــه االنــتــخــابــات النصفية للكونغرس، وتـحـدث أيـضـا فـي 4 نوفمبر ذكــرى اقتحام الــســفــارة األمـريـكـيـة واحــتــجــاز رهــائــن أمـريـكـيـني، وموعد العقوبات وذكـراهـا ورقــة انتخابية هنا، وردة فعل إيران أيضا ستتأثر بنتائج االنتخابات. فإذا ما نجح الديموقراطيون في تشكيل أغلبية فستبحث عن آلية لاللتفاف على العقوبات في العامني القادمني، وإذا حافظ الجمهوريون على أكثريتهم، فهذا استفتاء ضمني يشير إلى أنه من املرجح أن ترمب سيفوز في فترة انتخابية ثانية، وعندها سيجثو النظام اإليراني على ركبتيه خالل 2019 طالبا اتفاقا جديدا مع واشنطن.