Okaz

أمريكا: انتخابات الكونغرس النصفية

-

يذهب الناخبون األمريكيون اليوم لصناديق االقــتــر­اع الخـتـيـار الـكـونـغـ­رس الــقــادم (٥3٤ نـائـبـا و٥3 شــيــخــا). الـكـونـغـ­ـرس املنقضية والياته، كان جمهوريًا بامتياز، إذ يتمتع الجمهوريون فيه بأغلبية 238 مقعدًا في مجلس النواب و1٥ مقعدًا في مجلس الشيوخ. يأمل الديموقراط­يون أن يقلبوا معادلة الــكــونـ­ـغــرس الـــقـــا­دم، لــيــفــو­زوا بـاألغـلـب­ـيـة فــي املجلسني. بينما يـحـاول الجمهوريون تعزيز تفوقهم الحالي في املجلسني، خاصة في مجلس الشيوخ، ليضمنوا هيمنتهم التشريعية في دورة الكونغرس القادمة. عــادة ما تكون انتخابات الكونغرس النصفية، بمثابة االستفتاء على الرئيس. لكن املتواتر تاريخيًا في سلوك الناخب األمريكي، أنه ال يرتاح بوجود رئيس وكونغرس مــن حــزب واحـــد، مهما كــانــت شعبية الـرئـيـس فــي وقت إجــراء االنتخابات النصفية. الناخب األمـريـكـ­ي، بصفة عامة، ال يثق في الحكومة.. وباألخص: ال يرتاح لحكومة تسيطر عـلـى السلطتني التنفيذية والـتـشـري­ـعـيـة، طوال دورة رئاسية وتشريعية كاملة، بوجود رئيس أمريكي وأغلبية لحزبه في الكونغرس. هــذا الـقـلـق مــن احـتـمـال وجـــود رئـيـس أمـريـكـي وأغلبية فــي الــكــونـ­ـغــرس مــن نـفـس الــحــزب، طـــوال دورة رئاسية وتشريعية واحــدة، مهما كانت شعبية الرئيس وحزبه، يعكس سـلـوك الـنـاخـب األمـريـكـ­ي بتأكيد سيطرته على الحكومة.. وتذكير رمــوز النخب الرفيعة فـي مؤسسات الدولة السيادية، بأن املواطن هو صاحب السيادة األول والـــوحــ­ـيـــد.. وأن بــقــاء رمــــوز الـسـلـطـة واســتــمـ­ـرار سطوة مـؤسـسـات الــدولــة، يعتمد أسـاسـًا على إرادة الـنـاخـب، ال على إرادة من هو في السلطة، سواء كان الرئيس بوصفه رئيس السلطة التنفيذية.. أو الكونغرس، الــذي يمارس السلطة التشريعية. هــــذا حــتــى فـــي حـــالـــة تــمــتــع الـــرئـــ­يـــس وحـــزبـــ­ه بشعبية تعكس رضــاء وقناعة بـأدائـه، وفاعلية وكـفـاءة إلدارته. بالتبعية: تكون إمكانية تغيير خريطة الكونغرس في االنـتـخـا­بـات النصفية، أكـثـر احــتــمــ­اال، إذا كــان الرئيس وحــزبــه ال يتمتعون بشعبية بــني الـنـاخـبـ­ني. انتخابات اليوم التشريعية تجرى والرئيس األمريكي دونالد ترمب يحطم رقمًا قياسيًا في تدني شعبية أي رئيس قبله. لذا الـكـثـيـر­ون يـتـوقـعـو­ن أن ال تحظى إدارة الـرئـيـس ترمب بكونغرس مؤيد، في النصف الثاني من واليته الحالية. مـــمـــا يـــعـــزز فـــــرص الـــديـــ­مـــوقـــر­اطـــيـــن­ي ســيــطــر­تــهــم على الكونغرس القادم، تمادي الرئيس األمريكي طوال فترة النصف األول مــن واليــتــه، فــي خطابه الـشـعـبـو­ي، الذي يعتبره الكثيرون خطابًا محرضًا مغرقًا فـي يمينيته وتطرفه، لدرجة اعتباره خطرًا، على السالم االجتماعي.. ونــكــران­ــًا لقيم الـلـيـبـر­الـيـة املـتـسـام­ـحـة، الـتـي تـتـالقـى مع حـالـة الـتـعـددي­ـة التقليدية فــي املجتمع األمــريــ­كــي. لقد بلغت حــدة الخطاب الشعبوي أوجـهـا قبيل انتخابات الــيــوم الـتـشـريـ­عـيـة، فــي سلسلة الــطــرود الــنــاسـ­ـفــة، التي تـم اعـتـراضـه­ـا مـن قبل أجـهـزة األمـــن، قبل أن تصل إلى وجــهــتــ­هــا لــســاســ­ة ومـــؤســـ­ســـات إعـــالمــ­ـيـــة وشخصيات عامة عرفت بليبراليته­ا وتسامحها وغيرتها على قيم املجتمع األمريكي الديموقراط­ية. لـكـن قـلـق الــرئــيـ­ـس األمــريــ­كــي، مــن تــحــول مـــزاج الناخب األمريكي عن إدارتــه وسيطرة حزبه على الكونغرس، ال يقف عند إرجاعه لخلفية أيديولوجية يمكن أن تعرقل بــرنــامـ­ـج الــرئــيـ­ـس تــرمــب غــيــر الــتــقــ­لــيــدي فـــي التعاطي مـع قضايا االقــتــص­ــاد.. واألمــــن.. والــخــدم­ــات.. والقضايا االجتماعية الشائكة، والسياسة الـخـارجـي­ـة... بـل علينا أال نغفل بعدًا شخصيًا، يعكس مصدر القلق الحقيقي للرئيس ترمب من تغيير خريطة الكونغرس، باحتمال سيطرة الديموقراط­يني عليه. الرئيس ترمب يخشى أنه من شأن قلب صورة الكونغرس الجديد، عن ما كان عليه الحال في النصف األول من واليته الحالية، تعزيز فرص الـديـمـوق­ـراطـيـني فــي املـضـي قـدمـًا فــي تحقيقات املحقق الفيدرالي روبــرت مـولـر، مما يزيد مـن فــرص احتماالت املــضــي فــي إجــــــرا­ءات عـــزلـــه.. وربــمــا خــروجــه مــن البيت األبيض. لكن املشكلة التي تواجه الديموقراط­يني من تحقيق نصر حاسم في انتخابات اليوم، خاصة في مجلس الشيوخ، أن انـتـخـابـ­ات اإلعــــاد­ة لبعض أعــضــاء مجلس الشيوخ، تـجـرى فـي واليـــات تحظى تقليديًا بـدعـم الجمهوريني، خاصة إذا ما استطاع الحزب الجمهوري أن يدفع ناخبيه الـجـمـهـو­ريـني إلـــى الـتـصـويـ­ت بـكـثـافـة الـــيـــو­م.. وتقاعس الكثير من الديموقراط­يني عن ممارسة حقهم االنتخابي، كما حدث في انتخابات .2016 ما يتطلع إليه الرئيس ترمب اليوم، ليس فقط االحتفاظ بـاألغـلـب­ـيـة الـحـالـيـ­ة للجمهوريني فــي مجلس الشيوخ، التي يعتبرها أغلبية ضئيلة (مقعدان فقط)، بل محاولة الحصول على أغلبية مريحة تساعده املضي في أجندته اليمينية املتطرفة، ما بقي من واليته الحالية، بعيدًا عن شبح احـتـمـاال­ت عــزلــه، بموجب نتائج تحقيقات لجنة مــولــر، األمـــر الـــذي يعتبر احـتـمـاال يمكن تــطــوره، إذا ما حصل الديموقراط­يون على األغلبية في مجلس الشيوخ.. وربـمـا، أيـضـًا، بناء الرئيس ترمب على هــذا النصر، لو حقق الجمهوريون املعجزة اليوم، الظفر بوالية ثانية في انتخابات 2020 الرئاسية القادمة. ال يوجد شخص في العالم ينتظر بقلق نتيجة انتخابات الكونغرس النصفية، الـتـي تـجـرى الــيــوم، مثل الرئيس ترمب.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia