«ال تعلمني وال تكذب علي»!
مــن أخـطـر أنـــواع الغسيل هــو غسيل املخ، الذي ال يقارن ضرره بغسيل األموال مهما كان مصدرها. فغسل املخ يبدأ مع الطفولة وال ينتهي دعكه وفركه حتى مع عجوز في السبعني، فهذه اآللية (الغسيل) مستمرة إلـى أن تقوم الـسـاعـة.. مـع غـسـاالت القنوات الفضائية واملـنـصـات اإلعـالمـيـة املوجهة ضـدنـا، والـتـي تستلهم قوتها من الكذب املغلف برداء الحقيقة، بالضبط مثلما يتم غسل األموال في غساالت بعض الجمعيات الخيرية واملشاريع اإلنسانية يصبح األمر فوضويا حتى بات يـسـتـوجـب فـــرض عــقــوبــات صــارمــة عـلـى مــن يقومون بغسل املــخ مثلما تفرض تلك العقوبات على غسالي األموال، ألن غسل املخ أودى بحياة أطفال ومراهقني في مختلف بقاع العالم إلـى التهلكة في ساحات قتال ال ناقة لهم فيها، وال جمل. إن كل ما تشاهده أو تقرأه يقوم بغسل مخك دون أن تـدري، لو وضعت ألف متراس عليه.. إنه السحر الذي قـــال عـنـه إخــوانــنــا املــصــريــون «الــــزن عـلـى الـــــودان أمر مـن الـسـحـر»؛ فمثال.. الصحويون قـد يغسلون مخك.. الــديــمــقــراطــيــون قـــد يــغــســلــون مـــخـــك.. املــحــافــظــون قد يغسلون مــخــك.. اإلرهــابــيــون قــد يغسلون مــخــك.. يمر مـخـك بــمــراحــل كـثـيـرة مــن الـغـسـيـل إلـــى أن يـتـلـف مثل الــثــوب الـبـالـي الـــذي مــع كـثـرة الغسل والــدعــك يصيبه االهــــتــــراء. ومــثــلــمــا طــبــاخ الــســم يـــذوقـــه، كــذلــك غسال األمخاخ يصيبه طشاش الغسيل أيضا، ودون أن يدري أنه يغسل مخه بنفسه! الحقيقة املــرة مهما كـانـت صعبة البلع إال أنـهـا أنبل بكثير مـن غسيل قــذر يطالعنا عبر منصات وقنوات معادية. لـذا على املـرء -غالبا- أن يتقبل الحقائق القذرة حوله في ضوء الغساالت الطاحنة بالوحل. * كاتبة سعودية