Okaz

خطاب يليق مبلك ووطن

تلميح وتصريح

-

الزعامات الحقيقية ليس من طبعها الخطابات االستعراضي­ة املطولة التي تحشد عبارات اإلثارة والوعود املستحيلة والحديث في كل شيء وعن كل شيء عدا ما يهم املواطن واحتياجاته والوطن وقضاياه ومستقبله وأمنه واستقراره. نتذكر حكام بعض الدول سابقًا وحاضرًا عندما يتحدثون إلــى مواطنيهم أو إلــى الـعـالـم وكـيـف يصيبون املستمع بامللل ويـثـيـرون فيه شـعـور االمتعاض والسخرية وفــقــدان الثقة فـي مـا يـقـال، ألنــه بعيد عـن الــواقــع ويستخف بـوعـي الـنـاس وإدراكهم ويعاملهم كقطيع من السذج عليهم االستماع والتصديق والتصفيق ليس إال، بينما هم يغرقون في همومهم ومشاكلهم ومتاعبهم. هذه الحالة ال توجد في اململكة منذ مؤسسها إلى عهدنا الحاضر، ألن االستعراضا­ت الخطابية اإلنشائية الـفـارغـة ليست ضمن سياستها وال هـي مـن قناعات حكامها فـي كيفية التعامل مع املواطنني واملتلقي الخارجي واملجتمع الـدولـي، ســواء في األوضــاع الطبيعية أو خـال األزمات والظروف االستثنائي­ة. نعود إلى خطاب امللك سلمان يوم أمس في افتتاح السنة الثالثة من الدورة السابعة ملجلس الشورى. جاء هذا الخطاب واململكة تواجه تحديات غير مسبوقة داخليا وخارجيا. على الصعيد الداخلي هي تتحدى نفسها بمشروع تحديثي وإصاحي ضخم وتأريخي على كل األصعدة، ألنها قررت أن تنتقل إلى املستقبل الذي يليق بها وتجاوز كل العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف. وخارجيًا تواجه اململكة في هذه الفترة أصعب وأشرس استهداف الستقرارها وأمنها من محاور عديدة تتكالب عليها إلعاقة مضيها في الطريق الذي رسمته لنفسها. لو كان هذا يحدث في دولة أخرى لسمعنا إسهابا وتطويا وتشنجًا وتشريقًا وتغريبًا تضيع خاله القضايا الجوهرية وال يخرج املستمع بنتيجة محددة. لكن سلمان بن عبدالعزيز، كسابقيه من امللوك، وضع يوم أمس خارطة طريق مختصرة ومركزة فيها الخطوط العريضة واملبادئ واملحاور لسياسة اململكة في هذه املرحلة. كان خطابًا يليق بملك ويليق بمواطن بلغ قدرًا كبيرًا من الوعي، يثق تمامًا بسياسات دولته وقدرتها على إدارة الوطن بنجاح في كل املراحل والظروف.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia