Okaz

تنشر تفاصيل احتراق سيارة «فتاة جدة»

-

لــــم تـــتـــوق­ـــع الـــفـــت­ـــاة نـــــورهـ­ــــان بـــســـام أن ترى سـيـارتـهـ­ا الــتــي طــاملــا حـلـمـت بـقـيـادتـ­هـا، كرة ملتهبة فــي ظـــام الــلــيــ­ل، لـتـتـحـول بـعـد ثوان إلى ركام بعد أثر، جراء حريق غامض اشتعل فيها في غمضة عني، وتحت جنح الظام، رغم مصابيح الـشـارع املـضـاءة بالقرب من مواقع حــيــويــ­ة، مــن بينها مـــرور الــصــحــ­افــة، ونادي االتحاد العريق، في حي مشرفة بجدة. صرخت نـورهـان «احترقت سـيـارتـي»، ليهتز ضمير كل من شهد املوقف، صبيحة الخميس املاضي، بعدما طرق أحد الجيران باب منزلها بشكل هستيري، يدعوها وأسرتها للنجاة ألن الحريق الذي اندلع في السيارة مجاور للبناية وغرف الكهرباء، فا تحمد عقباه، وربما امتد لعنان السماء وأكل األخضر واليابس. هــرولــت الــفــتــ­اة بــكــل قــوتــهــ­ا ولـحـقـتـه­ـا أمها، وبـــالـــ­كـــاد تـحـمـلـهـ­مـا قــدمــاهـ­ـمــا، فــمــا إن رأت نـورهـان الـنـيـران حتى كــادت أن تخر صعقة، مــــاذا يـــحـــدث، أوهـــكـــ­ذا تــحــتــر­ق أمــــاك الغير، أوهكذا تأكل النيران أموال النساء؟ أسئلة دارت فـي مخيلتها، وبالطبع لـم تجد اإلجـابـة مـن أحــد، وال حتى مـن داخــل نفسها، لـتـحـاول نــورهــان أن تمد يديها علها تخمد النيران وتفلح فـي إنـقـاذ مـا تبقى مـن أجزاء، لكن الشعلة كانت أكبر من أن تتحملها سيارة صغيرة، بالكاد كانت تحمل نورهان وأسرتها لتنقلهم من مكان إلى آخر، بعدما فقدت األب فــي وقـــت مـبـكـر، فـلـم يـعـد لـهـا سـنـد بـعـد الله سوى نفسها، لتتحمل املسؤولية منذ نعومة أظافرها في بناء نفسها وإعانة والدتها. تساءلت نورهان، والنيران ال ترحم أحدا، ملاذا لم تراع اليد التي امتدت على سيارتي حرمة الزمان، فالتوقيت قبل دقائق من أذان الفجر، أو حرمة املكان، فاملوقع ياصق بيتا من بيوت الله، يذكر ويرفع فيه اسمه. لكن النيران لم تنتظر تساؤالت نورهان، فأتت فــي ثـــوان مــعــدودة عـلـى كــامــل الــســيــ­ارة التي اشـتـرتـهـ­ا مـنـذ أقــل مــن نـحـو شـهـريـن، لتحول داخلها إلى رماد، وغالبية أجزائها الخارجية إلــــى ركــــــام، فــلــم تــفــلــح أيــــــاد­ي املــخــلـ­ـصــني في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعدما أتت على الجزء األمــامــ­ي أوال، وامــتــدت إلــى الـسـقـف، وانتهت بخلفية الــســيــ­ارة، ليسبق ذلـــك دوي انفجار ضــخــم، هــز املــوقــع -حــســب تــأكــيــ­دات نورهان لـ«عكاظ»، التي أخذتها العاطفة فلم تتجنب حيز الـحـريـق، لتسقط بـالـقـرب مــن سيارتها، وتــتــنــ­فــس مـــا تــبــقــى مـــن دخــــــان، فــيــمــا سارع الــجــيــ­ران إلبـــــاغ الـــدفـــ­اع املـــدنــ­ـي الـــــذي باشر املـوقـع، ورافـقـه اإلســعــا­ف، لينقل نـورهـان إلى مستشفى امللك فهد، لعاجها مما أصابها من رضوض جراء السقوط أرضـا، وفقدان الوعي بسبب استنشاقها غـاز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن الحريق. استعادت نـورهـان عـقـارب الساعة، فالسيارة أوقـفـتـهـ­ا أمـــام املــنــزل فــي الــــ6 مــســاء، وتأكدت أن أجـهـزتـهـ­ا متوقفة تـمـامـا، فـلـم يـعـد لديها أدنـى شك في أن الحريق ناجم عن خلل فني، ومــا عــزز نـفـي تـلـك الـفـرضـيـ­ة، أنــهــا أخضعت السيارة لفحص اعتيادي في وكالة السيارات قبل نحو 10 أيـام، وتأكدت وقتها أن حالتها الفنية جيدة، خصوصا أن موديل السيارة لم يتجاوز .2016 تجرعت نــورهــان مـــرارة الصبر واالحتساب، إيمانا بقضاء الله وقــدره، مستعينة بالحمد والــشــكـ­ـر، لـكـنـهـا صـــارحـــ­ت «عـــكـــاظ» بــــأن في نــفــســه­ــا الــكــثــ­يــر مـــن األســـئــ­ـلـــة، الـــتـــي مـــا زالت حائرة ولم تهدأ وتيرتها، وفي مقدمتها: ملاذا احترقت سيارتي؟ تقول نورهان إن رجال الشرطة الذين سلمتهم أمــــر الــتــحــ­قــيــق فـــي حـــريـــق ســيــارتـ­ـهــا، حتما قادرون على فك الغموض، بقدرتهم وكفاء تهم وخبرتهم، وربما توصلوا لإلجابة عن سؤال كــيــف احــتــرقـ­ـت الــســيــ­ارة؟، لـيـبـقـى فــي نفسها سؤال أكبر: بأي ذنب احترقت؟

 ??  ??
 ??  ?? نورهان تقف إلى جوار سيارتها المحترقة. (عكاظ)
نورهان تقف إلى جوار سيارتها المحترقة. (عكاظ)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia