Okaz

سقوط الدولة األممية.. وصعود الوطنية !

-

@massaaed ظـاهـرة الــدولــة الوطنية املـتـصـاع­ـدة فـي أمـريـكـا وأوروبــــ­ا ليست موضة سياسية طـارئـة، بـل هـي ردة فعل عميقة على مـا يسمى بــالــعــ­وملــة ومــــحـــ­ـاوالت قــــوى الـــيـــس­ـــار واملــتـــ­طـــرفـــن­ي الليبرالين­ي واملنظمات العابرة لتفتيت الــدول القديمة وتذويبها في أفكار وقيم أممية، ليصبح االنتماء لألفكار والتيارات أهم ومقدم على االنتماء لألوطان. خـــال أحــــداث الــقــاعـ­ـدة اإلرهــابـ­ـيــة فــي املـــدن الـسـعـودي­ـة 2005-2003 فوجئ السعوديون قيادة ومواطنني أن البعض من بينهم اليرى أهمية للوطن كقيمة ومرجعية، بل إن البعض كان يحتقر باألساس الدعوة لها والتغني بها، داعيا إلى استبدالها باألممية، كان موقفا صادما لكنه أيقظ في املقابل الكثير من املشاعر الوطنية والخوف على الباد. الحوادث الجسيمة التي وقعت في املدن السعودية، والتباين الذي حدث من بعض «الحركيني» في فهمهم ونظرتهم للوطن وخطورة انعكاسها عموديا تجاه الشارع دفـع الحكومة لتنفيذ مجموعة من الخطوات العاجلة لتعزيز حب الوطن وإعاء مكانته، بعد عقود تصور فيها الجميع أنه تحصيل حاصل وموجود في وجدان الناس وال يحتاج إلى مجرد التفكير فيه. الخطوات تمثلت في تعزيز مفهوم الوطنية وتقديمها على ما سواها، بالطبع ال تتقدم على الدين فهو رأس كل شيء، إال أننا اكتشفنا أن الدين يعزز النظرة للوطن ويعمقها، ولم يكن كما صورها الحركيون أن الدين والوطن يفترقان وال يجتمعان. كـــان مـفـهـوم األمــمــي­ــة بمفهومها «اإلخـــوان­ـــي» والـــدعــ­ـوة لـلـخـافـة العثمانية وتمجيدها وتعزيز صورتها فـي الخيال الـرومـانـ­سـي الـسـعـودي هـو األكثر انـتـشـارا فــي الـخـطـاب الـوعـظـي الـحـركـي، بــل قــدم على مــا ســواه ونـشـر قصدا انتظارا لفرصة ستحني يوما ما كما تمناها أعضاء تنظيم اإلخوان. بدأت السعودية بخطوات كبيرة تمثلت في إدخال مادة الوطنية في مناهجها، إضافة إلى رفع العلم السعودي على كافة األبنية واملؤسسات الحكومية وحثت القطاعات الخاصة للمبادرة والعمل بها، صممت على نشر النشيد الوطني بني أبنائها في املــدارس والجامعات، وأصبح الوقوف للسام واجبا، قررت االحتفال باليوم الوطني ووضعت له نظاما وقررته يوم إجازة سنوية يفرح فيها مواطنوها ويبتهجون به. في الحقيقة إن ذلك أثمر بشكل كبير مع بدايات ما يسمى بالربيع العربي حني اعتبر اإلخــوان والحركيون أن السعودية هي الجائزة الكبرى ضمن مخطط «الخريف»، بل لقد توقعوا أو هكذا بدا لهم أنها األكثر سهولة ضمن خطتهم لإلطاحة بالدول العربية، ومن أجل ذلك فعلوا في الشارع األفاعيل. أعد تنظيم اإلخوان ما يسمى بثورة حنني مختبئا خلف ما يسمى حزب األمة الـسـعـودي، وعـلـى الـرغـم مـن أن التنظيم سخر لـه مـا ال يقل عـن خمسني ألف حساب على موقع تويتر لفرض فكرة الثورة وتهييج الناس ودفعهم للخروج، إال أن السعوديني املتعلقني بوطنهم رفضوا التحريض، كانت صدمة هائلة لدى كل القوى املتآمرة عندما لم يخرج أحد أبدا. اليوم ومع إعادة السعودية تموضعها السياسي في املنطقة، اتخذت أسلوب املــواجــ­هــة ضــد األخـــطــ­ـار املـحـيـطـ­ة بــهــا والــتــي تــمــس أمــنــهــ­ا الــقــومـ­ـي، وعليه تعاظمت فكرة الدولة الوطنية وبدأت تأخذ األولوية في املصالح والعاقات على غيرها. فالوطن يعلو وال يعلى عليه، والسعودية أوال، كلها سياسات أصبح من امللح االلتزام بها نتيجة التحوالت الكبرى التي دهمت املنطقة في أعقاب ما يسمى بالثورات، ولذلك أصبح من الحتمي تقديم السعودية على غيرها. لقد فوجئت اململكة أن الكثير ممن ضحت من أجلهم وآثرتهم على نفسها، بل ووضعت مستقبلها وقوتها في مهب الريح من أجلهم، كانوا أول من خانوا وأول من غدر. إن مشاعر الوطنية والهبات العارمة التي دفعت السعوديني للدفاع عن وطنهم في معاركه الكبرى التي يخوضها، تؤكد صعود الدولة الوطنية وتعمقها في وجدانهم، كما أن ذلك التعظيم يحتم على السياسي أن يأخذ في اعتباره تلك املشاعر ويستفيد منها لصالح الوطن بحدوده وعلمه وشعبه، ألنها الرهان الحقيقي في مواجهة األخطار واملؤامرات املحدقة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia