املوظف اللعاب وصفحة الوفيات !
تقول الحكاية إن رئيس قسم إداري عرض عليه نـقـل مـوظـف مــن قـسـم آخــر إلــى القسم الــذي يرأسه وكــان العرض الــذي وصله من رئيس ذلك املوظف، فسأله: وهل تريد مقابله موظفًا يكون بديا له في عمله، فنفى ذلك، فعلم األول أن املـوظـف املــراد التخلص منه ونــقــلــه إلــيــه مــن فــئــة «املـــتـــرديـــة»، فـــرد على الــعــرض بـصـوت عـــال: لــو كــان فـيـه خـيـر ما رماه الطير، وهو مثل شعبي معناه الظاهر واضح ال يحتاج إلى شرح. وجـاء أحـد املوظفني إلـى زميل له في عمله يـكـبـره فــي املـنـصـب وطــلــب مـنـه أن يصبح تحت رئاسته في املنصب، بحجة أنـه غير مرتاح في عمله الحالي، فقال له: يا بني إن العمل كله واحد، ومن حق اإلدارة أن تضعك فـــي املـــوقـــع الــــــذي تــــــراه مــنــاســبــًا لتحقيق مصلحة العمل، فألح عليه املوظف ورجاه أن يقبل منه طلبه فـقـال لــه: أمهلني ثاثة أيــــام وبــعــدهــا يـصـيـر خـــيـــرًا، ثـــم ســـأل عنه رؤســــــاؤه فــي الــعــمــل مــن أول رئــيــس حتى آخـرهـم، فأجمعوا أنــه موظف «لـعـاب» وأن لديه عددًا من األقـارب يموت كل ثاثة أيام منهم واحد من األعمام والعمات واألخوال والخاالت واإلخوان واألخوات، وأن رصيده بـــدأ يـنـفـد مـنـهـم فــأخــذ فــي اآلونــــة األخيرة يستعني بأعمامه وعماته وأخواله وخاالته مـــن الـــرضـــاعـــة، مـــؤكـــدًا لــهــم أن الرضاعة كــالــنــســب، فـــــأدرك ذلـــك اإلداري أن املوظف «الــلــعــاب» قــد وصــل مــع رؤســائــه السابقني إلى طريق مسدود، فقرر أن يبدأ معه صفحة جديدة من «الوفيات» فلما راجعه اعتذر له عن عدم تحقيق رغبته، فقال له مغضبًا لقد قلت لي: يصير خيرًا، فرد عليه بقوله: وهذا هو الخير؟! ولقد مّر بي في الحياة اإلدارية أن هذا النوع مـــن املــوظــفــني يـــحـــاول كـــل مــديــر أو رئيس قسم التخلص منهم بنقلهم إلــى قسم آخر ويحصل في بعض األحيان أن تكون عملية النقل بترقية املـوظـف اللعاب يساهم فيها رئيسه الذي سعى للتخلص منه فا يتسنى لــه ذلــك إال بترقيته عـلـى وظـيـفـة فــي إدارة أخــــرى، وقـــد يـحـصـل املــوظــف الــلــعــاب على مزايا ال يحصل عليها زميله املوظف الكفء املنتج املنضبط خلقًا ودوامًا، ألن «اللعاب» يــقــدم خـــدمـــات خــاصــة لـــرؤســـائـــه الـــذيـــن ال يقلون عنه فسادًا، فيحبط املوظف املجتهد وقد يفكر في االنضمام إلى «كوكبة» الفساد لـعـلـه يـسـتـفـيـد مـــن املـــزايـــا الــوظــيــفــيــة التي تعطى «للهامل» ويحرم منها العامل!