«النفاق احلركي»
ليبراليون للخارج متزمتون للداخل!
ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﻴﻴﻦ ﻭﻣﻨّّﻈﺮﻱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻳﻔﻮﻗﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻭﻏﺔ ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻗﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻲ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ، ﺇﺫ ﺃﻛﺴﺒﺘﻪ ﺳﻄﻮﺗﻬﻢ ﻃﻴﻠﺔ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﻓﻲ «ﺍﻟﺨﺪﺍﻉ» ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻻﻓﺘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻭﻏﺔ. ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ، ﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻛـ«ﻟﻴﺒﺮﺍﻟﻴﻴﻦ» ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﺿﻄﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻧﺴﻒ ﺛﻮﺍﺑﺘﻬﻢ. ﻭﺩﺍﺧﻠﻴًﺎ، ﻳﺴﺘﻤﺪﻭﻥ ﻗﻮﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺸﺪﺩ ﻭﻧﺸﺮ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﺢ ﺑـ«ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ»، ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻘﺎﻃﻌﻮﻥ ﻣﻌﻬﺎ، ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺷﺮﻋﻴﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ، ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮﻩ ﻭﻛﻴﻞ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻮﺍﺩ ﺳﺒﺘﻲ ﺍﻟﻌﻨﺰﻱ ﺧﻄﻮﺓ ﻣﺮﺣﻠﻴﺔ ﻟﺪﻯ «ﺍﻟﺤﺮﻛﻴﻴﻦ». وأكــــد الــعــنــزي لــــ«عـــكـــاظ» أن مـــراوغـــة «الحركين» تـفـرضـهـا املـرحـلـة الــتــي يعيشونها، لــذلــك يقدمون أنفسهم وفق مصالحهم الحزبية فقط، مضيفًا «هم يــجــيــدون تـوظـيـف األحــــداث بـمـا يــخــدم مصالحهم الـــحـــزبـــيـــة، لـــذلـــك ال تــعــجــب مــــن تــركــهــم املسلمات والـــخـــوض فـــي الـــــشـــــذوذات، والـــتـــلـــون فـــي األحكام دون حياء، ثم يغلفون ذلـك بعبارات فضفاضة، ثم املصلحة والـتـجـديـد فــي الـخـطـاب ومـواكـبـة التغير العصري ونحو ذلك». ويــؤكــد أســتــاذ الــدراســات العليا بجامعة أم القرى الـــدكـــتـــور حـــاتـــم الـــشـــريـــف أن الـــتـــشـــدد ســمــة عامة لــلــتــنــظــيــمــات الــحــركــيــة «حـــتـــى إن أظـــهـــر بعضهم االعتدال واالنفتاح». ويــذهــب الـشـريـف، فــي حديثه إلــى «عــكــاظ»، إلــى أن حــــرص «الــحــركــيــن» عــلــى الــجــمــاهــيــريــة يجعلهم يسايرون الجماهير، مضيفًا «فــإن كـانـوا يعيشون فــي مجتمع مـحـافـظ ســايــروه عـلـى مـحـافـظـتـه، وإن وجدوا في مجتمع منفتح سايروه على انفتاحه». ولـم تكن محاولة تسويق أن مساعد األمــن التحاد الــقــرضــاوي اإلخـــوانـــي املـسـمـى بـــ«االتــحــاد العاملي لعلماء املسلمن» الخاضع للمحاكمة، عبر شاشة قناة الجزيرة اإلنجليزية التي تعاني من ازدواجية الخطاب أيضًا واملستهدفة للمشاهد الغربي، تحول من املحافظة إلى االنفتاح املنادي بالتعددية وحقوق املثلين الجنسين، خارج إطار «التلون». وحملت الصحف الغربية تصريحات بدت صادمة لـلـداخـل الـســعــودي مــن حـركـيـن، ســرعــان مــا نفوها بعد عودتهم وإثارة الجدل حولها، كتصريح أحدهم لصحيفة سويدية بــأن املثلية الجنسية «ال تخرج مــن اإلســــالم، وأنــهــا ال تـسـتـلـزم عـقـوبـة فــي الدنيا»، وتناولها بطرح وصفه مراقبون غربيون بـ «املختلف والــــجــــريء». والـــتـــف عــلــى ردة الــفــعــل الــغــاضــبــة من تصريحه بتأكيده أن املثلية جنسية محرمة، وأنه لم يقل بغير حرمتها، فيما تجاهل جوهر تصريحاته املــثــيــرة الـكـامـنـة فــي أنـــه «ال تـسـتـلـزم عــقــوبــات على الشواذ في الدنيا». وفـــي الــلــقــاء ذاتــــه مــع الـصـحـيـفـة الــســويــديــة، رفض القول بإنكار محرقة اليهود على يد النازين األملان (هــولــوكــوســت)، متناسيًا أنـــه قــد سـبـق أن وصفها فـي لـقـاء تلفزيوني قبل أعـــوام قليلة بأنها مبالغة حـولـتـهـا املــؤســســة الـصـهـيـونـيـة إلـــى خــدعــة ولعبة سياسية، منتقدًا تقديسها ومعاقبة منكريها. وبينما كـان ال يفوت أي محفل للتنديد بما ينعته «محاوالت التغريب» لتطبيع االختالط بن الجنسن في اململكة، أطل عند تسلمه جائزة في إسبانيا تعج بــــ«االخـــتـــالط» لتضعه فــي مــوقــف مــحــرج، ليعاود التبرير بــأن «التغريبين» يقفون وراء نشر صور تسلمه الجائزة بجانب املرأة األجنبية! وفـي ذات «الـولـع بمناهضة االخــتــالط»، ظهر دعاة مــســكــونــون طــيــلــة عــقــود عــــدة بـــ«فــوبــيــا االختالط املــحــرم»، فــي مـحـاضـرات خـــارج الــبــالد «مختلطة»، ليبرروا الحقًا أمام الرأي العام بأن طبيعة املجتمعات هي الفاصل في املسألة، وملحوا إلى أن ما هو محرم على السعودين قد يكون مباحًا لغيرهم! وحـــــاول حــركــيــون الــتــســويــق ألنــفــســهــم عــبــر نافذة «تـحـديـث الــتــراث» إلــى املنظمات واملــراكــز البحثية الدولية بعد أحداث 11 سبتمبر، التي هزت منهاتن، وامـتـدت انعكاساتها إلـى العالم، فـي وقـت كـانـوا ال يزالون يكسبون بخطاب اإلقصاء و«تقديس التراث»، فمع تسويقهم تجديد الــتــراث اإلســالمــي وتحديث الخطاب الديني إلى الخارج، أصدروا بعدها خطابا موقعا من 21 نجمًا من نجوم الحركين يدعون إلى «الـجـهـاد ضـد الــقــوات األمـريـكـيـة» فـي الــعــراق، وبدا أن الجمهور الداخلي السعودي هـو املستهدف من نــشــره، كــون املــقــاومــة الـعـراقـيـة بـمـا فيها الفصائل املتطرفة لـن تنتظر حينها توجيها مـن 21 داعية سعوديا ليحثوهم على القوات األمريكية!. ومـــع انـــــدالع الـــثـــورات الــعــربــيــة، حــــاول الحركيون الخليجيون تقديم خطاب أكثر انفتاحًا -يتناقض إلـى حد كبير مع ما كانوا يرونه ثابتًا- ليطمئنوا القوى الغربية ويزيلوا التصورات الغربية املريبة من تحركاتهم، في وقـت كانوا يستثمرون الهجوم على الخطوات االنفتاحية في سوق العمل السعودي لكسب جماهيرية في الداخل. ويـــرفـــض الـــعـــارفـــون بـمـنـهـجـيـة الــحــركــيــن وصف مراوغاتهم بـ«البراغماتية» كما يرفضون وصفها بـ «الشيزوفرينيا» كون الحركين يمارسون الخديعة والخطاب املزدوج عن وعي.