Okaz

احلديدة مسار نحو السالم

-

من املبكر جدا التعرف على كافة مالمح املراحل الـقـادمـة بعد الـسـويـد، وسـتـكـون الـحـديـدة هي زهــرة دوار الشمس التي ستبرهن على جدية (األطــراف اليمنية) ورغبتها الحقيقية بالدخول في مسار طـويـل ومـمـلـوء بـألـغـام الـكـراهـي­ـة والـشـك واألحــقــ­اد والدماء والـــدمــ­ـار، وهــي دورة أجــد صـعـوبـة فــي االقــتــن­ــاع بإمكانية تــجــاوزه­ــا خـــالل فــتــرة قــريــبــ­ة، وال يـعـنـي هـــذا الــتــوقـ­ـف عن العمل والدعوة بجد وترفع للبدء في إيجاد أرضية قد تمثل بصيص أمل عند املواطنني. ربـــمـــا أن لــــقــــ­اءات الـــســـو­يـــد قـــد مــثــلــت انـــطـــا­لقـــة متواضعة نـحـو ســالم مـسـتـدام يستعيد مـعـه اليمنيون بصيص أمل يوشكون أن يـفـقـدوه، ويتمنون ارتـفـاع منسوب املسؤولية األخـالقـي­ـة عند (األطــــرا­ف) لاللتفات إلــى املـعـانـا­ة الكارثية التي يعيشونها فقرا وجوعا ومرضا، وصــاروا ال يعولون كــثــيــر­ا عــلــى (األطــــــ­راف الــيــمــ­نــيــة) بــل وضــعــوا آمــالــهـ­ـم على اإلقليم والعالم إلخراجهم من هـذه الهاوية السحيقة التي قادهم إليها جشع قادة األحزاب والرغبة املحمومة للتشبث بالسلطة والعيش في رغدها، تاركني هم الوطن لدول اإلقليم والعالم التي صارت ترى في اليمن مجرد مساحة من األرض تعيش فيها مجموعة من الناس يثيرون شفقته ودموعه. أيــضــا فــإن اخـتـبـار الــحــديـ­ـدة سـيـكـون مــؤشــرا حقيقيا على جـديـة األمـــم املــتــحـ­ـدة، وخــاصــة الـــدول دائــمــة الـعـضـويـ­ة في مجلس األمن، للبدء في مسار يقود البالد نحو سالم يتيح للناس اسـتـعـادة جزئية للسلم االجـتـمـا­عـي وااللـتـفـ­ات إلى مللمة الجروح وعالجها، ولكنها في األساس اختبار لضمير (األطراف اليمنية) ورغبتها في السير خطوة نحو استعادة االستقرار واالسـتـعـ­داد لتقديم تـنـازالت تاريخية تسهم في تحريك املسار السياسي والحوار بعيدا عن االنقالب على ما يتوافق عليه الناس، ومـن املؤكد أن البدايات تكون صعبة وتحتاج إلــى شخصيات تقدم الـعـام على الـخـاص وتتفهم أخالقيا وإنسانيا أن الوطن قد أنهكته األحزان وسيل الدماء وتراكم الثارات وهول الدمار. كـــررت فــي أكــثــر مــن مـنـاسـبـة أن الـيـمـنـي­ـني لــن يــدركــوا هول الفاجعة التي لحقت بالبالد قبل أن تتوقف املعارك وتصمت املدافع وتفتح الطرقات، حينها فقط سيتمكنون من معرفة تفاصيل مـا جلبه الـصـراع املجنون، وكيف أن فشل القوى السياسية في حل نزاعاتها وتوهم كل فريق منهم أنه صاحب الحق والقول الفصل ينتهي بانتصار األقوى عسكريا الذي يسرع لحسمها دون وعي بخطورة الفعل وآثاره املدمرة على النسيج االجتماعي وعـدم توقعه للردود على فعلته داخل وخارج الحدود، وهو ما حدث في اليمن. يجب أن يـحـرص اليمنيون بكل توجهاتهم وارتباطاته­م على الدعوة إليقاف الحرب في الحديدة؛ إذ إنها سانحة قد ال تتكرر للسير نحو تهدئة مؤقتة تسمح لفتح قنوات تواصل يمنية – يمنية، وليس من الحصافة االنشغال الكثيف في مواقع التواصل االجتماعي لتناول موضوع السيادة واتهام كل طرف لآلخر بالتنازل عنها، فالقرار 2216 هو في جوهره تخل عنها، بينما الـطـرف اآلخــر الــذي استدعى واستوجب التدخل الخارجي بتصرفاته التي استفزت الداخل والخارج ال يمكن له أن يضعها حاجزا أمام االنخراط الدولي اإلنساني إزاء غياب سلطة قـادرة على حماية املواطنني وتأمني أدنى متطلبات الحياة لهم. في مجمل األحـوال فإن اتفاق السويد ليس وثيقة سالم وال تفاهم دائــم لوقف الـحـرب وليس قــرارا دولـيـا بالعودة إلى املسار السياسي، لكنه مسار فرضه اإلقليم املعني واملجتمع الدولي اللذين صارت اليمن في نظرهما ملفا ثقيال ومحزنا، وكالهما يقود بقوة مسارا إلغالق امللف اليمني وتركه للقوى املحلية للتفاهم على مشهده الوطني بما يحفظ االستقرار الداخلي وعدم تهديد الجوار.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia