مسؤول عزابي
ربـمـا ال يـولـي بعض املـسـؤولـني املعينني فـي مناصب إداريـــة فـي منطقة ما، أو املنقولني إليها، أهمية لالستقرار النفسي واالجتماعي وتأثيرهما اإليـجـابـي على أداء مهامه الوظيفية بـإتـقـان وتــفــان، وال يغفل املسؤول أن املنصب الــتــزام، واإليــمــان بمعايير الــواجــب الوظيفي يـعـزز االنتماء، فيندمج موظف الدولة مع إنسان املكان، ويغدو واحدًا منهم يفرح لفرحهم ويتكدر لكدرهم. بعض املسؤولني يتم نقله ملنطقة غير منطقته التي ولد فيها والتي بها منزل عائلته وأسرته ومنزله، وبما أن زوجته تعمل وأبناءه وبناته في مــدارس، فسيحسب تبعات النقل حسابًا اقتصاديًا أو نفعيًا، بحيث إنه لـو فكر فـي نقل كامل عائلته للمنطقة التي سيباشر بها فسيكبده ذلك خسائر مالية كبيرة، بينما بقاءهم في منطقتهم ومسقط رؤوسهم أريح لهم وأوفر لجيبه. بالطبع لـو نقلهم معه أو انتقلوا برغبتهم فسيحتاج إلــى مسكن كبير، واملــســكــن بــاإليــجــار، واإليـــجـــار يلحقه مــصــروفــات ال حـصـر لــهــا، كـمـا أن وقـت املـسـؤول لن يكون ملكه فهو بني دوام صباحي، والـتـزامـات عائلية وأسرية مسائية، وكل االمتيازات املادية التي ترتبت على نقله ستذهب في االستهالكات ما بني رواتب عاملني ومستلزمات. تفرض الذهنية النفعية أن تبقى العائلة في البلد األم، فهناك البيت ملك، والعائلة قريبة من اإلخوان واألرحام، وربة البيت إن كانت موظفة فممكن تتحمل أعباء املنزل دون حاجة لراتب الــزوج، الـذي سيدبر نفسه إما في غرفة أو ملحق أو شقة صغيرة باملجان أو بإيجار رمـزي، ويـداوم خمسة أيام أو أربعة ثم يلتحق بهم. هـل نتصور أن مـسـؤوال (عــزابــي) سيحرص على أن تكون مــدارس البلد الذي يعمل فيهً من أفضل املدارس (وأوالده ليسوا معه في بلد الوظيفة)؟ لو كان مسؤوال صحيًا فلن يقبل أن تكون األوضــاع الصحية متردية أو دون طموح املواطنني ما دام برفقته أسرته، وهكذا بقية الخدمات، وربما إن لم تكن عائلته معيته ال يعنيه تطور مستوى املدارس والصحة والبيئة والخدمات أم لم تتطور. مــن هـنـا أتــصــور أن مــن لـــوازم نـقـل أي مــســؤول أو تعيينه فــي منطقة أو محافظة أو مركز أن تكون عائلته معه إلزامًا، لتعيش مع الناس، تتمتع بما يتمتعون به، أو تعاني إن كانوا يعانون. غالبًا إن لم يكن املسؤول (عزابي) سيحرص على أن يكون أداء مؤسسته وكــافــة املــؤســســات املـعـنـيـة بـاملـواطـنـني فــي أعــلــى مـسـتـويـات األداء، هكذا أتصور.