عالقات متجذرة ومستقبل واعد
محمد بن سلمان: المباحثات التي أجريناها في ُعمان تؤكد الرغبة المشتركة بتعميق التعاون
في ثاني أيام جولته الخليجية، غادر ولي العهد األمير محمد بن سلمان العاصمة العمانية مسقط إلى أبوظبي ثاني محطات زياراته، بعد أن أتم جلسة مباحثات رسمية مـع سلطان عـمـان هيثم بـن طــارق. واستقبل السلطان هيثم، ولـي العهد في قصر العلم في مسقط، وأجـريـت لولي العهد مراسم استقبال رسمية، حيث استعرض حرس الشرف، ثم عزف السالمان الوطنيان، فيما أطلقت املدفعية 21 طلقة ترحيبًا بولي العهد. ورحــب سلطان عـمـان بولي العهد فـي زيـارتـه الحالية للسلطنة، فيما عبر ولي العهد عن شكره وتقديره للسلطان هيثم على حفاوة االستقبال وكرم الضيافة.
ونقل ولي العهد خالل الجلسة تحيات خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز لسلطان عمان، فيما حمله تحياته لخادم الحرمني الشريفني. وجرى خالل الجلسة استعراض العالقات األخوية بني البلدين الشقيقني، وأوجه التعاون الثنائي في مختلف املجاالت. كما جرى بحث مستجدات األحداث على الساحتني اإلقليمية والدولية. وقــدم سلطان عـمـان لـولـي العهد، وســام عـمـان املـدنـي مـن الــدرجــة األولـــى اعتزازًا بــالــروابــط األخــويــة والــعــالقــات املـمـتـازة والــتــعــاون الــبــنــاء، والـــذي يـعـد أحــد أرفع األوسمة العمانية ويمنح مللوك ورؤساء الدول وأولياء العهد ورؤساء الحكومات.
ورحبت السعودية وسلطنة عمان في بيان مشترك باإلعالن عن افتتاح الطريق البري بني البلدين. وأكد ولي العهد في برقية للسلطان هيثم بمناسبة مغادرته السلطنة أن املباحثات مع السلطان هيثم أكدت متانة العالقات األخوية بني البلدين، والرغبة املشتركة في تعميق التعاون بينهما في املجاالت كافة، في ظل قيادة خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان والسلطان هيثم، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح البلدين والشعبني الشقيقني، وتعزيز األمن واالستقرار في املنطقة. وتقدم ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايـد مستقبلي ولي العهد السعودي لدى وصوله العاصمة اإلماراتية.
برهنت قمة مجلس التعاون الخليجي؛ التي عقدت في العال بحضور أمـيـر قطر الشيخ تميم بــن حمد آل ثــانــي، الحرص على املصير املشترك والتضامن الفعلي من أجل استقرار دول املجلس، بما ينعكس على شعوبها باألمن والـرفـاه، وأثبتت أن الــخــالفــات أو االخــتــالفــات تـــذوب دائــمــًا فــي دائــــرة األخوة والــعــالقــات الــتــاريــخــيــة الــتــي تــربــط بــني قــــادة وشــعــوب دول مجلس التعاون الخليجي، وال أدل على ذلك من عودة الدفء للعالقات بني اململكة وقطر بثقة أعمق وترابط أوثق. واملــراقــب للشأن الخليجي يلحﻆ عــزم القيادتني فـي البلدين عـلـى دفــع الـعـالقـات إلــى آفـــاق أكـبـر مـمـا كـانـت عليه قـبـل قمة العال، وأن تكون نموذجًا يحتذى في التعاون والتكامل بني دولتني شقيقتني تجمعهما روابــط التاريخ وتتجذر بينهما أواصر املحبة واإلخاء، مع التأكيد على أهمية التنسيق الدائم واملستمر في معظم القضايا التي تهم دول مجلس التعاون أو املنطقة العربية مثل القضية الفلسطينية والوضع في سورية والــيــمــن، وبــعــض املــلــفــات األخــــرى بـمـا يـنـسـجـم مــع القرارات األممية. وتـــأتـــي لـــقـــاءات خــــادم الــحــرمــني الــشــريــفــني املــلــك ســلــمــان بن عبدالعزيز وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني واللقاءات األخوية التي عقدت بني أمير قطر وولي العهد األمير محمد بـن سلمان لتﺆكد الرغبة الصادقة فـي طـي صفحات املاضي وفتح صفحة جديدة من العالقات املتميزة. وتعكس حميمية هذه اللقاءات صدق النوايا في عالقات أخوية ال يكدر صفوها أي خالفات طارئة ال سمح الله. ويالحﻆ املتابعون، أن العالقات السعودية القطرية في الفترة األخيرة تزداد قوة يومًا بعد يوم وفق تطورات إيجابية تشير إلـى فهم سليم ألهمية الترابط والتعاون والتنسيق املشترك بني دولتني تجمعهما الكثير من القواسم املشتركة. وكان تأسيس مجلس التنسيق السعودي- القطري املشترك عام 200٨ خطوة نحو تفعيل التعاون القائم بني البلدين وتطويره ليحقق ما تصبو إليه القيادتان في البلدين الشقيقني واالتفاق على تنسيق كامل في مختلف املجاالت بني البلدين، وتطوير الـعـالقـات الثنائية فـي املــجــاالت السياسية واألمـنـيـة واملالية واالقتصادية والتجارية واالستثمارية والثقافية واإلعالمية وغيرها من املجاالت األخرى التي تقتضيها مصلحة البلدين والشعبني الشقيقني. وقـــد عــقــد املــجــلــس عــــددًا مـــن الـــــــدورات نــاقــشــت ســبــل تطوير التعاون في 9 مجاالت ما بني الجانب العسكري واألمني مرورًا بالجوانب االقتصادية والتجارية والزراعية وصوال إلى الشق الثقافي واإلعـالمـي، مع األخــذ في االعتبار التنسيق املستمر لتنفيذ املشاريع املشتركة من أجل تحقيق رؤية اململكة 2030 ورؤية قطر الوطنية 2030 على حد سواء.
وتـنـعـكـس الــعــالقــات املـتـيـنـة بــني املـمـلـكـة وقــطــر عــلــى مجمل الــعــالقــات الـشـعـبـيـة واالقــتــصــاديــة، إذ تـعـتـبـر قــطــر الوجهة السياحية املفضلة للعائالت مــن اململكة، وتــصــدرت اململكة قائمة األســواق املصدرة للسياحة إلى قطر، إضافة إلى حجم التبادل التجاري بني البلدين، ونشاط شركات االستثمارات الــتــي تعمل فــي الــتــجــارة واملـــقـــاوالت، الـهـنـدسـة واإلنشاءات، الـذهـب واملــجــوهــرات، النقليات والــخــدمــات، األدوات الطبية، االسـتـثـمـار والـتـطـويـر الــعــقــاري، الـخـرسـانـة الــجــاهــزة واملواد الغذائية واملطاعم وغيرها. وأثبتت األحـــداث حــرص اململكة وقطر على الوحدة الخليجية ودعم التعاون بني دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على تعزيز أوجه التقارب والتكامل من خالل توفير كل السبل واإلمكانات التي من شأنها توطيد العالقات األخـويـة الخليجية والعربية، وتهيئة كل الظروف لـتـقـويـة الــكــيــان الـخـلـيـجـي ملــا فــيــه مـنـفـعـة لـلـجـمـيـع وضمان اسـتـقـرار املنطقة ورخــائــهــا، وبـمـا يـرسـم صـــورة للتكامل في العالقات االستثنائية املعتمدة على الجوار واالنتماء والدين واللغة، ما يسهل تحقيق الطموحات ويجعلها قابلة للتطبيق، في ظل اإلرادة السياسية، التي نجحت في إزالــة كل العراقيل لتحقيق تـلـك الــطــمــوحــات، بــل وقــــادرة عـلـى صـنـاعـة خطوط عريضة مشتركة تخدم البلدين والشعبني، وتسعى ملستقبل
يحلم به الجميع، ومثل تبادل السفراء بني البلدين استعادة كامل العالقات الدبلوماسية بني البلدين، وال تــزال الزيارات الرسمية لكبار املسﺆولني في البلدين مستمرة للتباحث لتنمية التعاون فـي املـجـاالت األمنية والشرطية ومكافحة اإلرهاب، وهو ما يعبر عن الرغبة املشتركة بني اململكة وقطر في تطوير وتـعـزيـز الـعـالقـات عـلـى أســـاس االحــتــرام املـتـبـادل واملصلحة املشتركة، ما يعطيها مزيدًا من الزخم والفاعلية، وبلورة رؤية تـجـاه جميع الـقـضـايـا اإلقليمية والــدولــيــة، خـصـوصـًا تجاه ملفات املنطقة بما يعزز وحـدة املوقف التي تعبر عن طموح وتطلعات الشعبني الشقيقني.