الجمعة.. إجازة أم إنجاز ؟
تــشــهــد مــــواقــــع الــــتــــواصــــل هـــــذه األيـــــام سجاالت واسعة بني روادها السعوديني حـــــــــول «فــــــرضــــــيــــــة» تـــغـــيـــيـــر اإلجـــــــــــازة األســبــوعــيــة إلـــى يــومــي الـسـبـت واألحد بدال عن الجمعة والسبت، وبالطبع فﺈن إقحام الدين والجانب الشرعي حاضر فــي هـــذه الــســجــاالت لـيـتـحـول األمـــر من فرضية مقترحة بني رواد التواصل إلى مــشــادات فـكـريـة عـقـيـمـة، بينما املسألة أبسط من ذلك بكثير. من ناحية القدسية ليوم الجمعة، فال شك بأنه يوم متميز بتفرده بخطبة الجمعة املـرتـبـطـة بـصـالة الـظـهـر والـسـعـي لذكر الله وترك البيع (في ذلك الوقت تحديدًا) كما في اﻵية الكريمة، وليس املـراد ترك الــعــمــل والــعــلــم والــتــخــلــف عـــن مواكبة العالم يومًا كامال، أي أن األمـر جاء في ســيــاق وقــــت الـــصـــالة وســـمـــاع الخطبة التي قـد تختزل فـوائـد دينية ودنيوية واجـــتـــمـــاعـــيـــة، هــــذا فـــضـــال عـــن أن يوم الجمعة يتخلله ساعة استجابة تسبق وقت الزوال؛ أي وقت نهاية النهار سواء كان يوم عمل أو عطلة، إذًا فالقدسية ال تنطوي على إهدار يوم بأكمله من أجل صالة واحدة، وهذا الهدر لم يرد في أي نــﺺ وال يـوجـد أي دالئـــل عـلـى تعطيل الـتـجـارة واألســــواق وتـوقـف الـحـيـاة في عهد النبوة أو التابعني، وإن كان األمر يــتــعــلــق بــفــضــل يـــــوم عــــن آخــــــر، فيوما اإلثــنــني والخميس تـرفـع فيهما أعمال العباد فيجتهد البعض منا بصيامهما بغية كسب الحسنات وعرض صحائف األعمال نقية خالصة، فهل يعني ذلك أن نترك العمل في هذين اليومني؟ يـــوم الـجـمـعـة هــو يـــوم عــمــل فــي جميع أنــــحــــاء الــــعــــالــــم، ونـــحـــن جـــــزء مــــن هذا الـــعـــالـــم بـــاقـــتـــصـــاده وحــــركــــة أسواقه ونـــشـــاط قــطــاعــاتــه املــالــيــة ومؤسساته االســـتـــثـــمـــاريـــة والـــتـــعـــامـــالت البنكية والــبــورصــات الــعــاملــيــة الــتــي ال تتوقف إال يومي السبت واألحـد، بينما تتعطل عـنـدنـا حــركــة الــســوق واالقــتــصــاد كليًا ثالثة أيام، وهذا بال شك مؤثر كبير على اقتصادنا وحاجتنا للتواصل التجاري مع العالم وحاجتهم لنا كسوق نفطي ضخم ومؤثر.
فـــــي 22 يـــونـــيـــو 2013 تـــــم تطبيق الــقــرار امللكي القاضي بتغيير اإلجازة األســـــبـــــوعـــــيـــــة مـــــــن يــــــومــــــي الخميس والجمعة إلــى يـومـي الجمعة والسبت، وحـقـق الــقــرار فـوائـد جمة ونـمـوًا كبيرًا لــالقــتــصــاد الــســعــودي بــعــد مــضــي عام واحد فقط على صدور القرار وتطبيقه في جميع القطاعات السعودية، تتقدمها القطاعات املالية والصناعية والتجارية التي تمثل أساس االقتصاد الوطني ألي دولة بالعالم، وقد تبني بعد ذلك االرتفاع الكبير في مستوى االقتصاد، مما عزز متانته وجعله قــادرًا على التماشي مع كل املتغيرات ومتناميًا باملستوى الذي يـجـعـلـه يـتـفـوق عـلـى الــصــعــوبــات التي تمر بها اقــتــصــادات الكثير مــن الدول، واستفادت أسواق املال السعودية بشكل كبير، حيﺚ باتت الـتـداوالت في السوق العاملية متاحة أربعة أيام في األسبوع، فــمــاذا لــو أصـبـحـت خـمـسـة أيـــام كبقية العالم؟ إجـــــازة يـــوم الـجـمـعـة هــو «فـــي الواقع» محفز للنوم والتكاسل والخمول وليس لــلــعــبــادة، ولــكــن الــعــمــل فـــي هـــذا اليوم يختزل يومًا نشيطًا يحفز على اإلنجاز والعبادة وتأدية الصالة معًا.
ﻛاتبة سعودية