القرين اﻹلكتروني للقضاة
ورد فــــي األثــــــــر، أن اإلنـــــســـــان مـــوكـــل به قرينان؛ أحدهما من الجن يأمره بالشر والظلم، واآلخر من املالئكة يرشده للخير والفالح. وبـمـا أن «وزارة الــعــدل» أولــت خدماتها اهتمامًا إلكترونيًا كبيرًا؛ أنشأت وحدة خـاصـة بـــ«الــذكــاء االصـطـنـاعـي» (حسب قــــرار وزيــــر الـــعـــدل فـــي )1443 /1 /11 تهدف إلى تحسني تجربة املستفيدين. وعند النظر فـي تطبيقات الـــوزارة نجد أنــهــا فـــي: الـتـنـبـؤ بــاألحــكــام فــي دعاوى الــنــفــقــة والـــحـــضـــانـــة والــــــزيــــــارة وأجـــــرة الـعـقـار والـتـعـرف على الـوثـائـق وتنقيح الــنــصــوص ونــمــذجــة األحــكــام وتوصية القضاة في التكليفات. أمــا «ديــــوان املــظــالــم»؛ فـوقـع فــي /2 /6( )1443 مـــذكـــرة تــفــاهــم مـــع الهيﺌة الــســعــوديــة لــلــبــيــانــات والذكاء االصطناعي (سدايا) لالستفادة مــمــا يـمـكـن أن يــقــدمــه «الذكاء االصـــطـــنـــاعـــي» وفـــقـــًا لطبيعة عمل الديوان. ولـــــــكـــــــي يــــــتــــــم تـــــحـــــســـــني الـــــخـــــدمـــــة للمستفيدين بشكل أفضل؛ فإن املفيدين (الــقــضــاة) بـحـاجـة إلــى قــريــن إلكتروني ال يوسوس لهم مثل القرين من «الجن»، إنــمــا قــريــن إلــكــتــرونــي يــقــدم لــهــم خدمة ألنفسهم وللمستفيدين، بحيث يقوم هذا القرين اإللكتروني بعدة أمور؛ منها: أوال: تسجيل الجلسات صوتًا وصورة، ويعتبر ذلك دليال قاطعًا لدى التفتيش القضائي عندما يتظلم املستفيد. ثــانــيــًا: مــن مــهــام «الــقــريــن اإللكتروني» إصـــــدار تــقــريــريــن عـــن الــقــاضــي؛ شهري وســـنـــوي، وفــقــًا لـلـمـعـايـيـر املـمـنـوحـة له، ويــمــكــنــه وفــقــًا لـــقـــراءة الــبــيــانــات بشكل مــحــايــد فــصــل الــقــاضــي أو تــطــويــره أو تــرقــيــتــه، كــمــا أن مـــن مــيــزاتــه أن يحول مــكــتــب الـــقـــاضـــي مــــن مــكــتــب قـــائـــم على الـسـيـطـرة إلــى مكتب قــائــم عـلـى الخدمة بأعلى مستوى من الجودة. ويـــمـــكـــن أيـــضـــًا الـــتـــوســـع فــــي استخدام «الذكاء االصطناعي» بالرجوع للخبرات املتراكمة من الدول الكبرى فمثال: ـ فـــي الــــواليــــات املـــتـــحـــدة؛ قـــــدرت «شركة مــكــنــزي» أن مـــا نــســبــتــه %20 إلــــى %30 مــن الـقـضـايـا يـمـكـن اسـتـبـدالـهـا بالذكاء االصطناعي. ـ في الصني؛ يوجد أكثر من 100 «روبوت» موزعة في املحاكم في أنحاء البالد. ـ في دولة إستونيا التي تصدر االبتكارات في املجال الحكومي إلى 28 دولة؛ صمم قـــاض عـلـى هيﺌة «روبــــوت» للنظر فــي الــنــزاعــات املــالــيــة القصيرة الـــتـــي ال تــقــل عــــن ســبــعــة آالف يـــــورو ويـــصـــدر الــحــكــم بذلك، ثم يمكن االعـتـراض عليه أمام قاض بشري. ـ فــــــــي دبــــــــــــي، يــــســــتــــخــــدم الــــــذكــــــاء االصـــطـــنـــاعـــي فــــي الــقــضــايــا الجنائية التي تكون عقوبتها الغرامة املالية دون الحبس وذلك عند اإلقرار. آخر القول: إن الـوزارات التي ال تعيد اختراع نفسها ملـــواجـــهـــة املــســتــقــبــل ســـــوف تــعــيــش في املـــاضـــي بــتــطــبــيــقــات أصــبــحــت قديمة، ظـنـًا مـنـهـا أنــهــا تــواكــب الــحــاضــر، والله املستعان.
د. عبدالكريم إبراهيم العريني محامي @abdualkaremoran