قابل للكسر
شــاع فـي اآلونـــة األخــيــرة مصطلح «الهشاشة النفسية» حتى أصبحنا نـــشـــهـــد وجـــــــــود مشاعر متراخية ونفسيات هشة ومـــــزاجـــــًا مــضــطــربــًا وقلبًا قابل للكسر، يعكر صفوه الرأي املعاكس ويطول ليله وسهده بكلمة يسمعها مــن عــابــر، يـقـف عـلـى كــل كلمة تـقـال لـه حتى تـنـال النصال مـنـه، وبسببها يبنى مزاجه لبقية يومه وعليه يكتب إما أن يكون شقيًا أو سعيدًا، يأخذ األمــور على محمل شخصي ويــكــون بــني أمــريــن ال ثــالــث لــهــمــا، إمـــا أن يـــرد اعــتــبــاره أو يــكــن الــضــغــيــنــة، يسهل انقياده باملدح ويسهل كسره بالذم يرى أن املشاكل أكبر مـن قـدرتـه على التحمل وهــذه والـلـه مـن الـسـوءة أن تــرى الشخﺺ حــســاســًا لــدرجــة تــفــوق قــــدرة مــن حــولــه على تحمله، يمشون على رؤوس مخاوفهم خشية أن ال ينكسر، يفهم الكالم على غير معناه، يدخل في ديمومة االستحقاق العالي املصطلح الـذي يورث من السوء ما الله به عليم حتى شاع بني الناس. مصطلح يوصل األشخاص لجنون العظمة ابتدعه الذين يزعمون أنهم مطورون للذات، يريدونك أن تمجد ذاتك لدرجة الغلو املفرط التي ال تقبل فيها املساس لذاتك العظيمة وتكمم أفواه املجتمع حتى ال تـطـولـك آراؤهــــم ونصائحهم ألنــك الـكـمـال ومن بعدك الطوفان، تكون في منفى تضع السياج حول نفسك وقلبك وكأنك في الجنة ال يمسك نصب وال @Amal77ha وصب. ومـــــــادام الـــشـــيء بــالــشــيء يـــذكـــر؛ فــــرض االحترام والــتــرفــع عــن املــهــتــرات صـفـة نـبـيـلـة، ولــكــن هـــذا ال ينسينا قـــول رســولــنــا الــكــريــم «مـــن خــالــط الناس وصبر على أذاهـم، خير ممن ال يخالط الناس وال يـصـبـر عـلـى أذاهـــــم»، هـــذا الــحــديــث يـــورث بالقلب صــبــرًا وســلــوى، فعليه ينبغي أن يـتـسـم اإلنسان املـسـلـم املــوحــد بـالـتـجـلـد والـتـحـمـل ويــــدرب نفسه بــاســتــمــرار عـلـى الــصــبــر؛ لـــذا مــا يـمـيـز الـصـبـر عن باقي الصفات أنـه صفة يكتسبها الشخﺺ تزداد اتـسـاعـًا بـالـتـجـارب، ويــقــول رسـولـنـا الكريم «من يتصبر يصبره الله». عـــلـــى املـــســـلـــم أن يــبــنــي ســــــورًا منيعًا يكسبه الـقـوة ويـفـوض أمــره إلــى الله، ويــربــي نـفـسـه عــلــى أن يــكــون مــن أهل الـصـبـر فـهـم أهـــل الـفـضـيـلـة لـهـم الثناء الـحـسـن فــي الــدنــيــا واآلخـــــرة، وأن ال يكون بنفسية هـشـة تعصفها األلـسـنـة وتـلـكـوهـا كيفما شـــــاءت، وأن يــرتــقــي عــن كــل عــثــرة وزلـــــة، ويعرف قيمته الحقيقية في عني نفسه ويدركها إدراك الفطن، وال يزدري نفسه ويستعملها بما يرفع قيمتها دينيًا ودنيويًا، فإن كان كذلك جعل كـالم الناس واملشاكل الـتـي تصيبه بوتقة يــرى فيها عظمة نفسه وصبره، ويعلم أن حتى الــذات اإللهية قـد يمسسها بعض الــبــشــر جـــهـــال وتــطــرفــًا جـــــرأة وتخلفًا، فكيف يا ابن الطني ذاتك تسلم؟