Okaz

قابل للكسر

- أمل الهادي

شــاع فـي اآلونـــة األخــيــر­ة مصطلح «الهشاشة النفسية» حتى أصبحنا نـــشـــهـ­ــد وجــــــــ­ـود مشاعر متراخية ونفسيات هشة ومـــــزاج­ـــــًا مــضــطــر­بــًا وقلبًا قابل للكسر، يعكر صفوه الرأي املعاكس ويطول ليله وسهده بكلمة يسمعها مــن عــابــر، يـقـف عـلـى كــل كلمة تـقـال لـه حتى تـنـال النصال مـنـه، وبسببها يبنى مزاجه لبقية يومه وعليه يكتب إما أن يكون شقيًا أو سعيدًا، يأخذ األمــور على محمل شخصي ويــكــون بــني أمــريــن ال ثــالــث لــهــمــا، إمـــا أن يـــرد اعــتــبــ­اره أو يــكــن الــضــغــ­يــنــة، يسهل انقياده باملدح ويسهل كسره بالذم يرى أن املشاكل أكبر مـن قـدرتـه على التحمل وهــذه والـلـه مـن الـسـوءة أن تــرى الشخﺺ حــســاســًا لــدرجــة تــفــوق قــــدرة مــن حــولــه على تحمله، يمشون على رؤوس مخاوفهم خشية أن ال ينكسر، يفهم الكالم على غير معناه، يدخل في ديمومة االستحقاق العالي املصطلح الـذي يورث من السوء ما الله به عليم حتى شاع بني الناس. مصطلح يوصل األشخاص لجنون العظمة ابتدعه الذين يزعمون أنهم مطورون للذات، يريدونك أن تمجد ذاتك لدرجة الغلو املفرط التي ال تقبل فيها املساس لذاتك العظيمة وتكمم أفواه املجتمع حتى ال تـطـولـك آراؤهــــم ونصائحهم ألنــك الـكـمـال ومن بعدك الطوفان، تكون في منفى تضع السياج حول نفسك وقلبك وكأنك في الجنة ال يمسك نصب وال @Amal77ha وصب. ومـــــــا­دام الـــشـــي­ء بــالــشــ­يء يـــذكـــر؛ فــــرض االحترام والــتــرف­ــع عــن املــهــتـ­ـرات صـفـة نـبـيـلـة، ولــكــن هـــذا ال ينسينا قـــول رســولــنـ­ـا الــكــريـ­ـم «مـــن خــالــط الناس وصبر على أذاهـم، خير ممن ال يخالط الناس وال يـصـبـر عـلـى أذاهـــــم»، هـــذا الــحــديـ­ـث يـــورث بالقلب صــبــرًا وســلــوى، فعليه ينبغي أن يـتـسـم اإلنسان املـسـلـم املــوحــد بـالـتـجـل­ـد والـتـحـمـ­ل ويــــدرب نفسه بــاســتــ­مــرار عـلـى الــصــبــ­ر؛ لـــذا مــا يـمـيـز الـصـبـر عن باقي الصفات أنـه صفة يكتسبها الشخﺺ تزداد اتـسـاعـًا بـالـتـجـا­رب، ويــقــول رسـولـنـا الكريم «من يتصبر يصبره الله». عـــلـــى املـــســـ­لـــم أن يــبــنــي ســــــورًا منيعًا يكسبه الـقـوة ويـفـوض أمــره إلــى الله، ويــربــي نـفـسـه عــلــى أن يــكــون مــن أهل الـصـبـر فـهـم أهـــل الـفـضـيـل­ـة لـهـم الثناء الـحـسـن فــي الــدنــيـ­ـا واآلخـــــ­رة، وأن ال يكون بنفسية هـشـة تعصفها األلـسـنـة وتـلـكـوهـ­ا كيفما شـــــاءت، وأن يــرتــقــ­ي عــن كــل عــثــرة وزلـــــة، ويعرف قيمته الحقيقية في عني نفسه ويدركها إدراك الفطن، وال يزدري نفسه ويستعملها بما يرفع قيمتها دينيًا ودنيويًا، فإن كان كذلك جعل كـالم الناس واملشاكل الـتـي تصيبه بوتقة يــرى فيها عظمة نفسه وصبره، ويعلم أن حتى الــذات اإللهية قـد يمسسها بعض الــبــشــ­ر جـــهـــال وتــطــرفـ­ـًا جـــــرأة وتخلفًا، فكيف يا ابن الطني ذاتك تسلم؟

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia