الحد المقبول من الراحة
إن مـمـا يـفـقـهـه اإلنــســان الــعـــارف هــو مــا تحتمه تـغـيـرات الـوقـت ومــا تستدعيه غالبًا فـي وجوب الــتــأقــلــم مــعــه فـــي أمـــــوره املـــرنـــة الــتــي ال تخالف مبدأ وال قيمة، ومن ذلك هي العالقات اإلنسانية وباألخﺺ بني الزوجني، بما أنهما أكثر من يواجه املشاكل لكثرة اختالطهما ببعض وإحساسهما بــاالرتــبــاط الـــذي قــد يـبـدو أحـيـانـًا ثـقـيـال أو غير مبرر في بعض صـوره التي تحيطه بإطار قاتم وضيق. وبما أننا في زمن كثرت فيه مشاغله وضاق وقته، وفتح على بعضه، وبذات الوقت تحثه نفسه على أخذ الحيطة، وبات على نمط يحب تلك املساحة مــن الــراحــة وعـــدم الـضـغـط واســتــنــزاف الـــذات من الطرف اآلخر بشكل كبير ومؤذ؛ فتجد أن الغالبية تمنحهم الحياة التي ال تقيد وال تعقد وال تصبح شبيهة بسباق القفز فوق السياج، وأي خطأ فيه يـكـب فــرســه عـلـى وجــهــه، وال أســالــيــب املحاسبة والــتــجــريــح والــتــحــدي واملــالحــقــة والــلــوم وكثرة العتاب والتشكي. إنـــمـــا هــــي تـــلـــك الـــحـــيـــاة املـــريـــحـــة لـــطـــرفـــني بما يبقيهما على صلة وثيقة تحمل كل مسؤوليات الحياة وودهــا وسكينتها، وحفظها وكرامتها، ومـــصـــالـــحـــهـــا، وفــــــي ذات الــــوقــــت تــــكــــون أشبه باألرجوحة التي تسليك في الهواء أينما ذهبت بك إلى أي اتجاهيها. برأيي أن طبيعة الحياة اليوم تصنع منا نوعًا مختلفًا، قـد ال يكون متباينًا كثيرًا مـع املاضي، بــقــدر مــا أصــبــح أكــثــر تـعـقـيـدًا حـتـى ولــو لــم يكن كـذلـك فـي أصــل تركيبته، ولـكـن هـي أحــد أشكاله الراهنة ولو كانت مؤقتة متقلبة. لﺬلﻚ ما يحﻔﻆ ﻃول العﺸرة وبقاءﻫا والعاﻃﻔة بﻬا، ﻫو معرفة ﻫﺬا والتﺄﻗلم معﻪ لمن لم يعﻬده، أما من أدرك ﺣكمتﻪ فﻬو يجد لﺬتﻪ دون أن يبدي تﺄفﻔًا واستﻐرابًا، أو يبحث عن النمﻂ التقليدي الﺬي ليﺲ بالضرورة أن يكون ﻫو الﺼواب، أو باألﺻح ﻫو السعادة التي نبتﻐي.