Okaz

معظمنا داخل الفﺦ

- عبده خال ABDOOKHAL2@YAHOO.COM كاتب سعودي

كنت أشاهد مقطعًا إعالنيًا ترويجيًا عن سلعة، واملشهد قائم على إيقاع املستهلك فــي فــخ الــثــراء، أو الـحـصـول عـلـى مبلﻎ مــالــي ضــخــم، أو إشــعــال فتيل الحصول على بساط الحلم السحري، أو أنه سيهديك فانوس عالء الدين، وجـل اإلعالنات التسويقية لها بــذرة من بــذرات االستغالل ملعرفة حاجيات الناس إلـى أي مبلﻎ يدفع بهم إلى خارج تأزم امليزانية األسرية، ومع أن األغلب يعاني من تعثرات مالية إال أن الجميع يتسابق إلـى اإلنـفـاق حتى ولـو بالقرض، ومعلومة ترسب شهوة االسـتـهـا­لك لــدى املــواطــ­ن جعلت الـشـركـات تتحول إلــى مـقـرض فـي صــورة الرجل النبيل الذي يساعد الفرد منا لتحقيق ما يريد الحصول عليه، بينما حقيقة األمر أن تلك الجهات املقرضة ما هي إال وحوش ضارية حتى وإن لم تظهر لنا بمفهوم الوحوش الناهشة.. وفي إعصار االستهالك، اختلط املحتاجون بالنصابني، ولم يعد هناك من تفريق بني املحتال، واملحتاج، فكل منهما يبحث عن اآلخر. وأذكر بأنني كتبت ذات مرة عن ضرورة إسقاط بند «القانون ال يحمي املغفلني»، وطالبت بأحقية هــؤالء املغفلني في الحماية القصوى؛ كـون التغرير بهم هدف جميع النصابني، واملحتالني. ومــع توسع درجـــات االسـتـغـا­لل والـنـصـب، وتـنـوع أساليبها، تحول املستهدفون بهذه العمليات إلى خانة وجـوب الحماية، وينفي عنهم تهمة الناقﺺ أو عديم األهلية، أو السفهاء، واملجانني، أو كونهم في رعونة عمرية، أو أنهم وقعوا في التدليس، والغﱭ، والجهل، وبمعنى آخر أن نصوص القانون كتبت في زمن لم تكن به كل األساليب واألالعيب املستحدثة والتي تجعل شرائح اجتماعية كبيرة في خانة الغفلة، ولذا يستوجب سن قانون جديد لحماية املغفلني الجدد الذين يتم استهدافهم من خالل الدعايات التسويقية الكاذبة، أو اإلعالنات املالية املستقطبة لـشـرائـح اجتماعية مــن خــالل وســائــل إعـالمـيـة لها مصداقية أنـهـا جهة موثوق بها، بينما هي من تقوم بترويج حلم الثراء، أو إيهام املواطن أنهم الباب الواسع

يستوجب سن قانون جديد لحماية المغفلين الجدد الذين يتم استهدافهم من خالل الدعايات التسويقية الكاذبة

للخروج من املﺂزق املالية. أعتقد أن عمليات الـتـرويـج الحديثة تـدخـل لالحتيال مـن أوســع األبـــواب، وهذه الــعــمــ­لــيــات بــحــاجــ­ة إلـــى قـــانـــو­ن يــســن عــلــى بــطــالنـ­ـهــا كــتــصــر­ف، مـــع جــعــل دائرة املـتـضـرر­يـن أكــثــر اتــســاعـ­ـًا، بحيث تــكــون الــقــوان­ــني الــجــديـ­ـدة مـوجـبـة للتعويض، وحامية للمتضررين. وألن عمليات النصب هذه تعيش في وضح النهار، ومع وضوحها لم تثر التشكيك، أو إظـهـار الــضــرر، فاستفحلت وتـنـوعـت فـي أسـالـيـب االحــتــا­لل، مـتـدثـرة بأغطية تحميها من كونها مدلسة أو غابنة، أو مستغلة للجهالء، أو عديمي األهلية، أو تثبيت اإلرادة، أو اإلكـــراه أو الغلط، فكل الـحـاالت املستوجبة إلدانــة تـم التالعب عليها بأغطية سميكة، بحيث أصبح الغش واالحتيال قانونيًا .%100 ومهما حدث من اختالط بني مفاهيم النصب واالحتياج، والحاجة، تصبح مظلة االستهالك قابلة لتضليل الكل، ويظل املواطن مسكينًا في دوامة «أريد، وأريد»، فلم تعد هناك من سلعة يمكن االستغناء عنها، إذ إن عشرات السلع تحولت من كمالية إلى ضرورية، وبسبب هذا االحتياج يقبل املواطن -عن طيب خاطر- للوقوع في فخاخ املحتالني والنصابني.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia