Okaz

حسام فّياض:

ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻟﺘﻔﺎﻫﺔ »ﻣﻬﺎرة« ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت أردت أن ﺗﺪﻣﺮ ﻣﺠﺘﻤﻌًﺎ ﻓﺪﻣﺮه ﺑﺎﻟﻘﺒﺢ واﻟﻴﺄس وﺳﻴﻄﺮة اﻟﺪﻫﻤﺎء

- عرض: علي الرباعي @Al_ARobai

دعا المفكر السوري الدكتور حسام ال ِّدين ف ّياض إلﻰ ﺿرورة رفﻊ مستوى الوعي االجتماعي لدى أفراد المجتمﻊ، بﺈقامة البرامﺞ التوعوية والندوات التﺜﻘيفية عن آلية استخدام مواقﻊ التواصل االجتماعي، وتشجيﻊ أفراد المجتمﻊ؛ وباألخﺺ الشباب منهم علﻰ الﻘيام بالمراقبة الذاتية ألنفسهم أﺛناء استخدام تكنولوجيا االتصال واإلعالم؛ كون هذه الوسائل مجرد تﻘنيات، وتوظيفها اإليجابي يتوقف علﻰ ﻃبيعة مستخدمها، فاألمور اإليجابية تعود عليﻪ باإليجاب، والعكﺲ صحيﺢ، مﺆكدًا دعم التوعية األسرية واإلعالمية بالمخاﻃر االجتماعية واألخالقية الناجمة عن االستخدام السلبي لمواقﻊ التواصل االجتماعي، ومشاركة األسرة لﻸبناء في بيان أهمية استخدام اإلنترنت، وتحديد ما هو إيجابي وما هو سلبي. وحث صاحب )تمظهرات السلوك اإلنساني في املجتمع املــعــاص­ــر( مــؤســســ­ات الـتـنـشـئ­ــة االجــتــم­ــاعــيــة بمختلف أنواعها على ترسيﺦ قيم ومبادئ العمل في حياة اإلنسان واملجتمع؛ ألن اإلنسان في وجـوده على وجه األرض فـي حاجة ماسة لبناء نفسه وتطويرها من كـل الـنـواحـي، والـبـنـاء ال يتم إال بالعمل النافع لدنياه وآخرته، وعد شأنه شأن الــعــمــ­ل بــاعــتــ­بــاره قـيـمـة اقتصادية حضارية أسهمت في تطوير قدرات الــــفـــ­ـرد املـــــاد­يـــــة، وانـــعـــ­كـــســـت على الــحــيــ­اة االجــتــم­ــاعــيــة، واستقالله باستقالليت­ه املالية، الفتًا إلـى أن التنشئة ال تقل أهمية عن املال في تنمية القوى العقلية والنفسية بما يــعــزز شـبـكـة الــعــالق­ــات االجتماعية، ويـــــؤهـ­ــــلـــــ­ه ملـــــواج­ـــــهــــ­ـة مــــشــــ­كــــالت الفقر والبطالة، والتشرذم االجتماعي واالنتحار واملــخــد­رات، والـعـنـوس­ـة، والسلوكيات اإلجرامية، كــمــا أن الــعــمــ­ل، فــي جــانــبــ­ه اإليــجــا­بــي، يــســهــم فــي بعث روح الـتـعـاون وتعميق مـفـهـوم املـسـؤولـ­يـة االجتماعية واالسـتـقـ­رار االجتماعي وازدهـــار­ه وتقدمه، ويــؤدي إلى تحقيق التغير االجتماعي نحو مستقبل أفضل، موضحًا أن وسائل التواصل االجتماعي غدت جزءًا ال يتجرأ من حياتنا االجتماعية، فمن خاللها يمكن لنا مـلء أوقات الـفـراغ والترفيه النفسي، وتنمية الثقافة العامة، ورفع مــســتــو­ى الـــوعـــ­ي االجـــتــ­ـمـــاعـــ­ي والـــصـــ­حـــي والسياسي، باعتبارها تمثل أعلى درجات التطور التكنولوجي؛ الذي وصل إليه اإلنسان بفضل العلم والبحث العلمي الدؤوب في وقتنا املعاصر، إال أن استخدامها وتحقيق الفائدة املرجوة منها يتوقفان على طبيعة التكوين النفسي واالجتماعي ملستخدم الوسائل التكنولوجي­ة -بحد ذاته-. وقال فياض: »إذا أردت أن تدمر مجتمعًا فدمره بالقبﺢ واليأس وغياب األمل وسيطرة الـدهـمـاء والتافهني على االهتمامات العامة للناس، مشيرًا إلى أن فكرة كتاب )نظام التفاهة( ل)آالن دونو( تتمحور حول أن كل نـشـاط فــي املــجــال الــعــام؛ سياسيًا، اجتماعيًا، ثقافيًا، أصبﺢ أقرب إلى )لعبة( يعرفها الجميع رغــم أال أحد يتكلم عـنـهـا، وال قــواعــد مـكـتـوبـة لهذه اللعبة، ولكنها تتمثل في االنتماء إلى كيان كبير ما، تستبعد القيم فيه من االعتبار، فيختزل النشاط املتعلق به إلى مجرد حسابات مصالﺢ متعلقة بالربﺢ والـخـسـار­ة عند املـاديـني )املـــال، والــثــرو­ة(، وعند الفارغني )السمعة، والشهرة، والعالقات االجتماعية(، إلى أن يصاب الجسد االجتماعي بالفساد بصورة بنيوية، فيفقد الناس تدريجيًا اهتمامهم بالشأن العام، وتقتصر همومهم على فردياتهم الجزئية والصغيرة«. ولفت إلى أن تجاهل اللعب مع أنفسنا يوسع من نطاق قواعدها طوال الوقت، ويفرض لها قواعد جديدة حسب الحاجة، إذ في كل مجتمع أفراد طموحون، ذوو معايير عــالــيــ­ة تــنــشــد الــنــجــ­اح الــرفــيـ­ـع، وآخــــــر­ون ذوو معايير متدنية يبحثون عن النجاح السهل، ومن يدير اللعبة هم الفئة الثانية؛ ألن أفرادها أقرب إلى ما تتطلبه الطبيعة اليومية للحياة من التبسيط، ونبذ املجهود والقبول بكل ما هو كاف للحدود الدنيا، وبما أنه لن يرتفع أصحاب الفئة الثانية إلى املرتبة العالية للفئة األولـى، حرصوا على أن ينحدر أولئك إلـى دركـهـم، إن لم يتنبه إليه أصــحــاب املــعــاي­ــيــر الــعــالـ­ـيــة -كونه يـــحـــدث بــســرعــ­ة، وبــشــكــ­ل مـــــراوغ، وال يلبث املــرء معه إال وقــد وجد نــــفــــ­ســــه ســــقــــ­طــــت مــــــن عليائها، وانضم إلى من في السفﺢ األدنى، والتسفل أيسر من الترفع، كما قال فــيــلــس­ــوف الــــشـــ­ـرق ومـــوقـــ­ظـــه جمال الدين األفغاني، ولﻸمر تفسير فيزيائي »فكل مرتفع يقاوم الجاذبية األرضية، فيما كـل منحدر يسلم نفسه إليها بـمـرونـة«. وكشف أن جوهر كفاءة الشخﺺ التافه، تتمثل في القدرة على الـتـعـﱡرف إلــى شخﺺ تــافــٍه آخـــر. وبــهــذا يـدعـم التافهون بعضهم البعﺾ، فيرفع كل منهم اﻵخر، ألن الطيور على أشكالها تقع، وتكمن مقدرة التافه الرئيسة -حسب دونوفــي الــتــعــ­رف إلــى تـافـه مـثـلـه، ويـعـمـالن مـعـًا عـلـى تمتني شوكة مجموعات عددها في ازدياد، وليس همها تجنب السخافة، بل جعلها تكتسي صور السلطة واملشروعية. مضيفًا أنــه وفــي ﻇــل هــذا الـتـوصـيـ­ف، تنحسر الثقافة، وتتقهقر الجدية، وينسحب العلماء واملفكرون ويسود الــدهــمـ­ـاء، وهــم مــن يـقـرر األولـــوي­ـــات، ويــحــدد املشكالت، ويثير الزوبعات، وبعﺾ املثقفني يشاركون في املعمعة وهم ال يفقهون قواعد اللعب؛ فتتساهل النخب الفكرية وتــغــدو تبع الـدهـمـاء فيما يـعـرض ويناقﺶ، مما يهم وال يـهـم، ويــتــســ­اءل: ألـيـسـوا هم األكـــثــ­ـر شـــهـــرة واألكـــثـ­ــر حـــضـــورًا على مواقع التواصل االجتماعي؟ أليسوا هـم مـن يتبعهم اﻵالف بـل املاليني أحيانًا؟ ويجيب: أتاح هذا املجتمع ألفـــــــ­ـــــــراد­ه بـــــواسـ­ــــطـــــ­ة الـــــتــ­ـــطـــــو­رات التكنولوجي­ة املتالحقة منقطعة النظير أن يكون مثقفًا مخضرمًا، سياسيًا محنكًا، مصلحًا اجتماعيًا، فـــقـــيـ­ــهـــًا دنـــــــي­ـــــــًا، ومــــــــ­ـن خـــــــــ­الل جسر مــواقــع الــتــواص­ــل االجــتــم­ــاعــي )العالم االفتراضي(، يعبرون عن آرائهم وأفكارهم وطــمــوحـ­ـاتــهــم، ويــدلــون بــأصــوات­ــهــم عـلـى منابر وحلقات البث املباشر واملناقشات الجماعية التي ال تفيد وال تثمر، ما بوأ هؤالء األفراد مكانات وأدوارًا بعيدة كل البعد عن أدوارهــم الحقيقية، وهدفهم جني األمـوال من خالل التركيز على رفع عدد املشاهدات، من خالل تقديم املــحــتـ­ـوى الــهــابـ­ـط الــــذي يـتـمـحـور بـشـكـل أســاســي حول دغدغة الغرائز، وتوسيع دائـرة التافهني ليفقد املجتمع ثقته بنفسه وكوادره ومنظوماته.

ﺟﻮﻫﺮ ﻛﻔﺎءة اﻟﺘﺎﻓﻪ، ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺮف إﻟﻰ ﺷﺨﺺ ﺗﺎﻓﻪ آﺧﺮ

ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻳﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻤﻌﺔ وﻫﻢ ﻻ ﻳﻔﻘﻬﻮن ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺐ

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia