السعودية تستﺜمر في المخيلة
الــعــالــم يــمــر، بــل يــمــور، بـمـتـغـيـرات وتــحــوالت هـائـلـة وســريــعــة عـلـى األصــعــدة كافة؛ الجيوسياسية والجيواقتصادية، واالجتماعية، والثقافية. وهذا يستدعي، بالتالي، الــنــظــر والــتــعــامــل مــع حـقـبـة بــالــغــة الــتــمــيــز والــخــطــورة فــي مــجــال الـتـقـنـيـة الرقمية وتطبيقاتها املختلفة، وخصوصًا الـذكـاء االصطناعي (Artificial Intelligence (AI الذي أضحى موضوعًا يثير اهتمام الدول واملؤسسات وحتى األفراد، ويؤثر في سائر املجاالت وامليادين. ولدى الذكاء االصطناعي قدرة فائقة في التعامل مع املعطيات الحياتية، بديناميكية ومقدرة واضحتني على فتﺢ األبواب أمام فرص جديدة؛ لضبط ومعالجة وبناء قواعد البيانات الرقمية بمختلف أنواعها، والتمهيد لتعزيز التعاون الدولي والثنائي في املجاالت جميعها. هـذا الذكاء يــؤدي، أيضًا، دورًا مؤثرًا في الدبلوماسية الرقمية في سياق التحديات الجديدة للدبلوماسية؛ إذ يعزز من أساليب وطـرق التعاون الناجعة والسريعة في األزمـــات الدولية والــكــوارث الطبيعية واألوبـئـة وقضايا األمــن السيبراني والرعاية الصحية والتعليم، فضال عن قضايا بناء الثقة في حالة الحوكمة وعملية املفاوضات، عبر العالقات الدبلوماسية الثنائية واملتعددة األطراف. وألجــــل ذلــــك، اهــتــمــت الــــدول بــظــاهــرة الـــذكـــاء االصــطــنــاعــي؛ حــيــث تـعـامـلـت مــع هذه الظاهرة الخارقة، في املقام األول، من زاوية اقتصادية واجتماعية وتنظيمية. وألجله عقدت الندوات واملؤتمرات ملناقشة مفاعيل هذه التقنية وتطبيقاتها املختلفة على عـمـل أجــهــزة الــــدول، فــي ضــوء انعكاساتها وتـأثـيـر الــذكــاء االصـطـنـاعـي عـلـى القوة الجيوسياسية، وعالقته بالدول األخرى. وباإلضافة إلى ذلك، فثمة فوائد مرجوة من الذكاء االصطناعي، لجهة وضع حلول سريعة تخدم التوقعات والقرارات التي تؤثر على مسار العالقات الدولية االفتراضية والحقيقية، خصوصًا ما يتصل بـدراسـة وقياس الــرأي العام إزاء قضية أو سياسة معينة، وتقييم املواقف، ومواكبة التغييرات في القرارات السياسية واالقتصادية، من خالل تقييم املعلومات بشكل دقيق، ما أثر على ديناميكية العمل الدبلوماسي الثنائي واملتعدد األطراف. الـدول استفادت من األنماط والخدمات الجديدة التي يقوم بها الذكاء االصطناعي، من حيث التفاعل مع املعلومات في مجال اإلعالم والفكر والثقافة والعالقات الدولية، ما أسهم في صياغة االستراتيجيات بأفضل الوسائل املبتكرة للمهمات املختلفة، باستخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي ChatGPT وجوجل بارد (Gemini) وغيرهما من التطبيقات املتخصصة في هذا الحقل، إذ أثبتت التجارب كفاءتهما في مختلف املــجــاالت، وقدرتهما على زيــادة عمل املؤسسات وجــودة إنتاجها، عـن طريق أتمتة العمليات واملهمات بسرعة فائقة. لقد المست هـذه التقنية الحديثة (AI) سائر مناحي الحياة، كما فعل اإلنترنت في تسعينات القرن املاضي، سواء في القطاع الخاص أو العام، ولعل املدهﺶ قدرة (AI) على محاكاة البشر، من حيث املهمات الذهنية والقدرات واإلبـداع والتفاعل اليومي، فعلى سبيل املـثـال تـم عــرض روبــوت يتكلم باللهجة السعودية فـي املؤتمر التقني الدولي (LEAP )٤٢ الذي عقد في الرياض مؤخرًا، ما شكل محفال دوليًا لبحث آفاق جديدة لالبتكار، واالستثمار التقني، واالقتصاد الـدولـي، بمشاركة عاملية ومحلية كبيرة. اململكة اهتمت بتقنية (AI) وآفاقها في تهيئة األجيال القادمة ملستقبل أفضل، سواء على صعيد العمل الـدبـلـومـاسـي ومـقـاربـة وزارة الـخـارجـيـة ومشاركتها بالجهود الدبلوماسية االفتراضية والحقيقية املستمرة في املؤتمرات الدولية واإلقليمية، أو عبر عقد القمم العاملية للذكاء االصطناعي بالرياض، تحت رعاية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي سدايا (SDAIA) األمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. ويصعب على املراقب متابعة سرعة التطورات التقنية املذهلة التي تحدث في اململكة، وإدراك مدى شغف املواطن السعودي بمنجزات وتطلعات القيادة الشابة التي أخذت بناصية العلم واملـعـرفـة والتقنيات الــجــديــدة، وهــو مــا يتجلى فــي كـثـرة املؤتمرات والشركات واملنصات والبرامﺞ والفعاليات التي تقام تلبية ألولويات برامﺞ التحول الــوطــنــي الــتــي تـتـبـنـاهـا املـمـلـكـة لــرفــع كــفــاءة وتـنـمـيـة االقــتــصــاد املــحــلــي، وتحقيقًا ملستهدفات رؤية اململكة ٠٣٠٢. ويصب في هذا االتجاه أيضًا إنشاء مدن ذكية مثل مشروع ذا الين (The Line) في مدينة نيوم الجديدة، الذي يعتمد كليًا على الطاقة املتجددة، باإلضافة للدور املهم والفاعل الذي يقوم به صندوق االستثمارات العامة (PIF) بجعل اململكة محورية في التقنيات الحديثة، والـذي جمع تحت مظلته الكثير من الشركات التقنية مثل شركة سايت، وشركة سكاي للذكاء االصطناعي، وسواهما من البرامﺞ التي تخدم سائر القطاعات األخرى، مع مراعاة الجانب الوقائي واألخالقي لهذه التقنيات الحديثة. السعودية، وهي تقوم بهذه الجهود الخالقة، التي تعكس رؤية وطموح القيادة الشابة فـي تطوير البنى واالسـتـفـادة مـن تقنية الـذكـاء االصطناعي ،(AI) فﺈنها فـي الوقت ذاتــه تعكس جاهزية اململكة للتعامل مـع التقنية الحديثة ومتطلباتها العصرية، وتسخيرها في خدمة النمو االقتصادي، والتنمية املستدامة، وفتﺢ آفاق جديدة في املخيلة والبناء االبتكاري، لتحسني نوعية الحياة للشعب السعودي، وبناء مستقبل واعد ومزدهر ومبدع لﻸجيال القادمة.
المملكة اهتمت بتﻘنية (AI) وآفاقها في تهيﺌة األجيال الﻘادمة لمستﻘبل أفضل، سواء علﻰ صعيد العمل الدبلوماسي أو عبر عﻘد الﻘمم العالمية للذكاء االصطناعي