أوروبا الجديد الشرق األوسﻂ..

وفي ما يتعلق بالشرق األوسط، تقدم اململكة، عبر األمير محمد بن سلمان، رؤية لشرق أوسط يـسـوده االسـتـقـرار ويتنافس على التقدم والــرخــاء واالزدهــــار، وال تسيطر عليه الصراعات، ولـيـس أسـيـرًا لـنـزاعـات أيديولوجية تـهـدر مـقـدراتـه. شــرق أوســط تـسـود عـالقـات الـسـالم بني قــواه الفاعلة، ويسهم فيه العرب بـدورهـم الطليعي التاريخي، وذلــك ما عبر عنه األمير في ختام القمة الصينية العربية في ٩ ديسمبر ٢٢٠٢م، حني قال: نؤكد للعالم أجمع أن العرب سيسابقون على التقدم والنهضة مرة أخرى.. وسوف نثبت ذلك كل يوم«. وهو نفس ما قاله ولي العهد خالل انعقاد النسخة الثانية ملنتدى مبادرة مستقبل االستثمار فـي الــريــاض قبل أكـثـر مـن خمس ســنــوات، فـي أكـتـوبـر ٨١٠٢م، حـني أكــد أن »منطقة الشرق األوســط ستصبﺢ أوروبــا الجديدة«، ما يعكس االستمرارية واالتـسـاق في الرؤية السياسية لولي العهد. وعـلـى الــرغــم مــن إدراك األمــيــر محمد بــن سلمان أهمية تحقيق النهضة للمملكة العربية السعودية ونظرته للوضعية السياسية والتاريخية واالقتصادية والدينية الخاصة لبالده في اإلقليم، وأهمية تصدر اململكة وقيادتها النهضة والنمو، وعلى حد قوله إنه »ال يليق أن يكون هذا البلد العظيم إال في موقع الصدارة في كل املجاالت«، فﺈنه ال يرى ذلك إال في إطار شرق أوسطي شامل ومستقر ينعم فيه الجميع باالستقرار والرخاء، لذلك يقول في حواره مع )فوكس نيوز(: »لنحقق أهدافنا في اململكة يجب أن تكون املنطقة مستقرة، ونتطلع إلى أن تنعم املنطقة ودولها كافة باألمن واالستقرار لتتقدم اقتصاديًا«، وهو نفس ما كان األمير قد قاله سابقًا عام ٩١٠٢م، حني قـال: »لن يهدأ لنا بال حتى نحقق هذا الهدف لوطننا أوال ثم ألشقائنا في املنطقة«. وفق ذلك يرى األمير محمد بن سلمان أن تقدم السعودية وصدارتها في املنطقة أمر حتمي، ويصل إيمانه بمستقبل الشرق األوسط املزدهر -أوروبا الجديدة- إلى حد القناعة والعقيدة السياسية. وال تقتصر رؤية اململكة للشرق األوسط على الجانبني السياسي واالقتصادي، كما ال تقتصر على مجرد الرؤى والطموحات، وإنما ترافقها خطوات عملية على األرض، حتى تشمل مجال البيئة واملــبــادرات بـشـأن املـنـاخ والتشجير. وكــان ولــي العهد أطـلـق مــبــادرة الـشـرق األوسط األخضر في عام ١٢٠٢م؛ وهي التحالف اإلقليمي األول الذي يهدف إلى الحد من آثار تغير املناخ على الشرق األوســط وشمال إفريقيا، كما انطلقت النسخة الثانية من مبادرة الشرق األوسط األخضر في ٧ نوفمبر ٢٢٠٢م في مدينة شرم الشيﺦ، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر األمم املتحدة املعني بتغير املناخ .(COP٢٧) وتبقى الدائرة الخليجية املركز األول لنشاط الدبلوماسية والفكر اإلستراتيجي السعودي، وهي مركز الرعاية الخاصة لولي العهد، ويبقى الهدف األسمى للمملكة داخل هذه الدائرة هو العمل على الحفاظ على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي وتضامنها وأمنها القومي وإبعادها عن األزمات، ودفع أي تهديدات يمكن أن تطالها من العالم أو من اإلقليم، وليس أدل على ذلك من حرص السعودية على وجود دول املجلس معها في كل خطوة دبلوماسية عاملية تخطوها، أو فضاء دبلوماسي جديد تتحرك نحوه، وذلك نهﺞ اململكة املستمر؛ ففضال عن جذب السعودية معها دول املجلس في القمتني الخليجية- األمريكية والخليجية- الصينية اللتني عقدتا عام ٢٢٠٢م، فقد حرصت اململكة عام ٣٢٠٢م على وجود دول املجلس معها في التحركات الدبلوماسية الجديدة التي أحدثتها في سياستها الخارجية، على نحو ما حدث في القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى في يوليو املاضي، والقمة الخليجية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا )اﻵسيان( في الرياض في أكتوبر. وفيما يتعلق بمواقف التضامن العملية للمملكة مع شقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي، وكمثال واحد فقط، يمكن اإلشارة إلى البيان شديد اللهجة الذي أصدرته الخارجية السعودية في ٢ أغسطس ٣٢٠٢م تضامنًا مع الكويت ضد املوقف اإليراني؛ حيث صدر البيان بعد مضي خمسة أشهر على اتفاق تطبيع العالقات بني السعودية وإيران، برعاية صينية، ما يؤكد أولوية قضايا دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للمملكة، وأنها ال تتأثر في ذلك بأي مواقف أو حسابات سياسية متعلقة بأطراف أخرى، حينما يكون الحق مع دول املجلس.