الحنين إلى زمن الطيبين .. رمضان يعيد الذكرى
أعادت منصات التواصل بنشرها مقاطﻊ ملطابﺦ ووجبات إفطار زمـان الحنني أليـام مضت، لم يعشها ﻏالب جيل اليوم من الشبان والفتيات. وتقول اإلعالمية بدور سالم: رمضان قديمًا كانت له نكهته الخاصة األصلية؛ كنا نتلذذ باألكالت الرمضانية وجودتها، ربما ألنها كانت ال توجد ﻏالبًا إال على السفرة الرمضانية فنشتاق لها، أما اﻵن فنراها تقدم في كل شهور السنة. ويذكر أبو محمد أن حنينه يـزداد لتلك األيـام عندما كانت والدته تعد مائدة اإلفطار، وفقد تلك النكهة كما فقد األم الحنون برحيلها. أمــا الـطـاهـيـة فـاطـمـة الــعــمــري؛ الـتـي تبلﻎ مــن العمر 9٦ عـامـًا، فـتـقـول: «إن حياتها السابقة فـي األرياف كـانـت صـعـبـة، وكــانــوا يـبـذلـون الـجـهـد فــي تحضير فــطــور رمـــضـــان عــلــى الــحــطــب وبـــأطـــبـــاق محدودة وبسيطة عكس ما يحدث اليوم من كثرة األصناف وتوفرها، لكن دون السعادة التي كانت تشعر بها قــديــمــًا». وتــؤكــد )أم بـــدر( شـوقـهـا لـتـلـك األيــــام في حارتها القديمة الشعبية، وكيف كان الجيران يتبادلون األطباق قبل األذان، وكل طبق له ميزته ونكهته. أما سارة العتيبي فتقول إن رمضان قديمًا له نكهته، وتستذكر فيه طفولتها عندما كانت تنتظر بلهفة سماع مدفﻊ اإلفطار مﻊ أسرتها وتتأهب لرؤيته. من جانبه، أوضــﺢ خالد عبدالله أن من أجمل الـعـادات التي يحن لها فـي رمـضـان الخروج مـــﻊ والــــــده، رحــمــه الـــلـــه، بــعــد صــــالة العصر لشراء السوبيا والفول والتميس، ثم العودة إلى املنزل وتالوة القرآن الكريم إلى قبل أذان املﻐرب، واليوم يفعل ذلك مﻊ أوالده. ويــرى األخصائي النفسي خالد الﻐامدي أن الحنني للماضي لـم يتﻐير، والــذي تﻐير هو البيﺌة والثقافة، وال ارتباط بني األكل والعامل الـنـفـسـي نـهـائـيـًا، فـشـهـر رمــضــان ثــابــت كــل عـــام، وكذلك الـــعـــادات والـتـقـالـيـد، واملـشـكـلـة تـكـمـن فــي كيفية تنظيم الوقت، فعلى سبيل املثال األحياء القديمة ال تزال تحيي رمضان وال تﻐيير، ربما تداخل األكالت وكثرتها وتنوع الثقافات قد يكون السبب. من جانبه، يؤكد األخصائي النفسي سعود الـراشـد أنه قــد لــوحــﻆ علميًا تـأثـيـر ﻏــريــب للعاطفة عـلـى تكوين الـــذاكـــرة، وهـــو أن حـالـتـنـا الـعـاطـفـيـة فــي وقت وقـــوع الــحــدث يمكن أن تـؤثـر عـلـى قدرتنا عـلـى حـفـﻆ تـفـاصـيـل الــحــدث، فبسبب ما شـــعـــرت بـــه ســابــقــًا مـــن الـــشـــعـــور باألمان واالطـــمـــﺌـــنـــان والـــــــدفء واألنـــــــس ووجــــود األحـــبـــة فـــي الـــجـــوار فـــﺈن كـــل تــفــاصــيــل ما عايشته سابقًا من املواسم الرمضانية تظل محفورة في ذاكرتك، وكيف يمكن أن يؤدي تذكر املاضي إلى إيقاظ استجابة عاطفية. ويرى أن الذكرى العاطفية الطيبة بمقدار ما تحمل لنا من السعادة، تحمل لنا األلم أيضًا؛ ألنها لم تعد موجودة، ونشعر بأال شيء يمكنه أن يحل محلها أو يعوض دورها.