أسﺌلة الشعر وعواصم البلدان
وليد الكاملي @wamly2016 كانت -وأﻇنها الزالت- الثقافة املوسوعية لدى الناس في مجتمعنا قائمة على اإلملـام بعلوم األدب وعلوم الجﻐرافيا والتاريﺦ، حيﺚ كانت أســﺌــلــة مــن قــائــل الــقــصــيــدة ومـــا هــي عاصمة دولة وكم عدد واليات أمريكا وما شابهها من أسﺌلة هي السائدة في املجالس، بل هي امليزان املعرفي الذي يفرق بني مستوى ثقافة شخﺺ عن آخر. وقد كان العارف ببعﺾ هذه العلوم يمتاز عن ﻏيره من أبناء محيطه وقد ال يتردد البعﺾ في وصفه باملثقف، خـــاصـــة إذا مـــا زاد عــلــى ذلك بمهارة الكتابة وفي الﻐالب أن هذا اللقب كان نابعًا من مفهوم الثقافة الذي حصر حينها في التعريف القائل بأنها معرفة شـيء من كل شـــــيء وكــــــأن حـــفـــﻆ بعﺾ الــقــصــائــد ومـــعـــرفـــة أسماء عواصم البلدان هو كل شيء. ولعل طرائق التعليم «التلقيني» الـــــذي كــــان يـــقـــوم عــلــى الــحــفــﻆ ومنﻊ مناهج التفكير الفلسفي والــســؤال الـــذي كان له أن يﻐير من خارطة املعرفة إجماال وﻏياب الـفـنـون وعيشها خائفة مـرعـوبـة تحت وطأة الــديــنــي، هـــي الــتــي أفــضــت ملــثــل هــــذه الحالة الثقافية الضيقة إن جـاز التعبير، األمــر الذي جـعـلـنـا وعــبــر عــقــود زمـنـيـة نـعـيـش فــي ركود فكري وثقافي زاد من حدتنا تجاه املتﻐيرات وأفـقـدنـا صناعة الـنـجـوم الـذيـن عرفنا بعﺾ البلدان املجاورة لنا بهم وبأسمائهم. كــــل مــــا ســـبـــق تــﻐــلــﻐــل وتــــراكــــم فــــي وجداننا الـثـقـافـي وتــصــالــﺢ الـجـمـيـﻊ مـعـه بــقــوة الزمن وأصـبـﺢ تالميذ الحقبة قــادة ومـسـؤولـني عن مشاريﻊ الحقبة الجديدة يحاولون جاهدين مـحـاكـاة املـرحـلـة بـجـهـاد الــــذات لـالنـعـتـاق من مخطوطاتها وأطاللها الثقافية التي تسكنهم، وهــو األمـــر الــذي يحسب لهم بـاعـتـقـادي، بيد أن املـرحـلـة وجماهير املـرحـلـة ال يعنيهم ذلك بــقــدر مـــا تـعـنـيـهـم الــنــتــائــج الــتــي يــأمــلــون أن تكون بحجم الظروف وحجم الطموحات التي تسكنهم. أعــلــم أن ســــؤاال مــثــل: مــا الــــذي تـــرى أن يكون عليه الوضﻊ أيها املتحذلق ؟! ســؤال مـشـروع لكل مـن يرى أنني قسوت أو تطاولت على حقبة زمنية أنجبت أسماء مهمة وواجــهــت تحديات كـــبـــيـــرة يـــعـــد التﻐاضي عــنــهــا ﻇــلــمــًا فــــي الحكم، وأعــلــم أن الــقــول بـأنـه لوال الــظــروف «الزمكانية» لكان الـــحـــال أفــضــل مــمــا كــــان قوال مــبــاحــًا وصــــادقــــًا ال يــنــم إال عن ثقة في النفس، بل وأعلم قبل كل ذلك أن مـا أدعـيـه مــن أن مكوناتنا الثقافية كانت حبيسة ألسـﺌـلـة الـشـعـر وعــواصــم الــبــلــدان قد يكون ادعـــاء بـاطـال ينم عـن جهلي ومراهقتي الكتابية التي تلتقﻂ األفكار التقاطًا لتترجمها إلى مقال أحـرص قبل نشره أن أضﻊ في رأسه صــورة شخصية «أتـــرزز» بها وبـه -أي املقالفـــي قـــروبـــات الـــواتـــســـاب ومــنــصــات التواصل االجتماعي، إال أن ما ال أعلمه -وأﻇن ﻏيري كثريتجلى في ســؤال ماهية الثقافة أسـاسـًا، وهل نـحـن نمتلك مـشـروعـًا ثقافيًا واضـــﺢ املالمﺢ، أم أن الـسـؤال في هـذه املرحلة عبﺚ مجاني ال يبتعد كثيرًا عن عبﺚ املقال وفكرته.
ﺟﻤاﻫﻴر اﻟﻤرﺣﻠﺔ ﺗﻌﻨﻴﻬﻢ اﻟﻨﺘاﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﻳﺄمﻠﻮن أن ﺗكﻮن ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻄﻤﻮﺣات اﻟﺘﻲ ﺗﺴكﻨﻬﻢ
ﻫﻞ ﻧﺤﻦ ﻧﻤﺘﻠﻚ مﺸروﻋا ﺛﻘاﻓﻴا واﺿﺢ اﻟﻤﻼمﺢ؟