المملكة تتقدم قاﻃرة االنضمام للدول المتقدمة

بدأت المملكة فعليا في اتباع أسلوب «القفزات السريعة» وتحقيﻖ َت َق ُّدم فيﻪ

يمثل قطاع االقتصاد الرقمي والذكاء االصطناعي أهم مجاالت التنمية الضرورية «لتسريﻊ» عملية االنضمام للدول املتقدمة، األمر الذي يؤهل هذا القطاع ألن يقود «قـاطـرة التقدم». وتملك اململكة العربية السعودية العديد من املزايا التنافسية في هذا املجال للحاق بالدول املتقدمة، والتي تشمل: ريادتها في مجال الطاقة، ووجود اإلرادة السياسية، والقدرات التمويلية، والكفاءات البشرية. وقبل التطرق إلى أهمية تطوير االقتصاد الرقمي والذكاء االصطناعي كقاطرة للتقدم، يـجـدر هنا التأكيد على أن هــذه األهـمـيـة الـخـاصـة لتطوير «االقتصاد الرقمي»، ال تنتقﺺ من أهمية إحــراز تـقـدم في مجاالت التقدم التقليدية التي تتمثل في قطاعات الصناعة والزراعة وﻏيرها. إال أن تطوير االقتصاد الرقمي والذكاء االصطناعي يساهم أيضا في إحراز تقدم في كل من مجاالت التنمية االقتصادية واملجتمعية األخــرى؛ ذلك أن االقتصاد ﱠَ

ٍَ الرقمي يدعم فعالية وتنظيم جميﻊ األنشطة االقتصادية واملجتمعية، ويرفﻊ من

ُِ مستوى رفاهية املجتمﻊ بشكل عام، وهي من أهم مستهدفات رؤية اململكة ،2030 التي يقودها باقتدار األمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. وتـأكـيـدا على أهمية القطاع الـرقـمـي، نشير إلــى أن انتقال دول مـثـل: «تايوان» و«هونج كونج» و«كوريا الجنوبية» و«سنﻐافورة» إلى مصاف الدول املتقدمة، خــالل فـتـرة لـم تـتـعـد ثـالثـة عـقـود، مـن خــالل التركيز على التطوير فـي مجاالت التقنية املتقدمة. ومما يؤكد أيضا على أهمية تطوير االقتصاد الرقمي في «تسريﻊ» عملية التقدم، تزايد اعتماد دول كبرى على التطوير في مجاالت التقنية املتقدمة لدعم استمرار تقدمها. وفي ذلك نشير، على سبيل املثال، إلى أن «االقتصاد الرقمي» يمثل ما يـقـارب 0٤٪ من الناتج املحلي اإلجمالي في الصني. وتخطﻂ الصني ألن يمثل «االقـتـصـاد الرقمي» نحو نصف ناتجها املحلي اإلجمالي بـحـلـول عـام ٧202، وبما يجعل االقتصاد الرقمي «قاطرة التقدم» الصيني. ويقودنا ما سبق إلى التساؤل عن كيفية االستفادة من تطوير االقتصاد الرقمي

ِﱢ والـذكـاء االصطناعي للحاق بــدول العالم املتقدم. ونشير في ذلـك إلـى أن تبني «األسلوب التقليدي» للحاق بالدول املتقدمة يستﻐرق وقتا طويال ال يتوفر لنا

ﱠُ َُِﱡﱢ حاليا. كما أن التطور السريﻊ في مجاالت العلوم والتقنية يؤدي إلى تﻐير سريﻊ

ََْ فيها، األمـر الـذي يجعل أسلوب «التطور الـتـدريـجـي»، مـن القاع إلـى القمة، ﻏير

َِ مجٍد، من حيﺚ إنه يبِقينا بِعيدا عن آخر التطورات الِتقِنية، والتي تمثل الفرق بني الدول املتقدمة واملتخلفة.

َِ وتوفر «الطبيعة الخاصة لالقتصاد الرقمي»، من حيﺚ وقوع الجزء األكبر من وﻇائفه وتطبيقاته في «العالم االفتراضي»، فرصة ذهبية لتحقيق تقدم سريﻊ، دون الحاجة إلى االنتظار إلى حني اكتمال البنية التحتية التي تتطلبها التنمية الصناعية التقليدية. ويـتـمـثـل تفعيل هــذه الطبيعة الخاصة لالقتصاد الـرقـمـي، فـي إمكانية تبني أسلوب «القفزات السريعة» .(Leapfrogging) ويتحقق ذلك من خالل الدخول في مجاالت التقنية واالبتكار في أعلى مستوياتها، بـدال من التدرج في الصعود إليها. ولقد بدأت اململكة العربية السعودية فعليا في اتباع أسلوب «القفزات السريعة» وتــحــقــيــق تـــقـــدم فــيــه. ونــشــيــر هــنــا، عــلــى سـبـيـل املـــثـــال، إلـــى دخــــول «صندوق االستثمارات العامة السعودي» بنسبة مؤثرة في تأسيس «رؤية سوفت بانك»، أحد أكبر صناديق االستثمار في التقنيات املتقدمة عامليا. ويحقق هذا األسلوب مـن االستثمار «تــواجــدا مــؤثــرا» فـي أعلى مــواقــﻊ اتـخـاذ قـــرارات اخـتـيـار ودعم

ََ وتوجيه التنمية في مجاالت التقنية املتقدمة على مستوى العالم.

ُِ ويدعم هذا األسلوب من االستثمار أيضا، عملية توطني التقنية والتقدم على مؤشرات التنافسية الدولية. وفي ذلك نشير إلى تحقيق اململكة العربية السعودية املرتبة الثانية بني دول مجموعة العشرين في مجال التنافسية الرقمية، وذلك حسب تقرير املركز األوروبي للتنافسية الرقمية، .2021 كما دخلت اململكة العربية السعودية بقوة في مجال تقنية «الطاقة النظيفة» بمستوى ريادي عاملي لم يطرق في دول متقدمة. ونشير هنا إلى مشروع إنشاء أكبر منشأة إلنتاج الهدروجني األخضر في العالم، باستخدام الطاقة الشمسية. كما تستهدف اململكة توفير أكثر من ٥1٪ من إنتاج الهيدروجني األزرق عامليا. ويشمل تبني أسلوب «القفزات السريعة» أيضا، اختيار أعلى مستويات التقنية والذكاء االصطناعي عند إنشاء مشاريﻊ البنية التحتية والتطوير املجتمعي، وذلك بﻐرض توطني هذه التقنيات، ودعم فرص رفﻊ مستوى املكون املحلي فيها. وتحقق اململكة العربية السعودية ذلك من خالل اختيار أعلى مستويات التقنية والذكاء االصطناعي في مجاالت املواصالت، واملــدن الذكية، والطاقة املتجددة، وقطاع األعمال، والرعاية الصحية، والحكومة اإللكترونية، وﻏيرها. إن استمرار اململكة العربية السعودية في تحقيق املزيد من القفزات في مجاالت االقـتـصـاد الـرقـمـي والــذكــاء االصـطـنـاعـي والـطـاقـة النظيفة على أعـلـى املعايير العاملية، واستمرار نمو دورها السياسي الرائد على املستوى العاملي، سيجعلها تفرض نفسها، عاجال أم آجال، كﺈحدى دول العالم املتقدم.