Okaz

الرؤية الخليجية.. وتصويب عقارب الساعة الخليجية

- عبداللطيف الضويحي Abdullatee­f.aldwaihi@gmail.com كاتب سعودي

بعد مضي 43 سنة على تأسيس مجلس التعاون لدول الخليﺞ العربية، أعلن املجلس عن رؤيته لﻸمن اإلقليمي منذ أسبوعني خالفًا ملا دأب عليه املجلس منذ تأسيسه باالكتفاء بما يصدره من بيانات ختامية للمجلس األعلى عقب االجتماعات السنوية للقادة أو تلك التي تصدر عن املجلس الوزاري لدول املجلس.. كيف يمكن قــراءة الـبـروتـو­كـول املختلف الــذي جــاء مـن خالله إعــالن هذه الرؤية؟ وهل يحمل توقيت صدور الرؤية الخليجية أي داللة خليجية أو إقليمية أو دولية؟ إلى أي مدى تأثرت الرؤية الخليجية بالواقعية السياسية ونضﺞ التجربة الخليجية؟ أم أن دول املجلس أصبحت تستشعر األمن من خـالل تصفير خالفاتها البينية والعمل على املشتركات بينها وبني دول العالم؟ هـل وصلت الــدول الخليجية لقناعة بـأن تصفير الخالفات الخليجية البينية وتحييد الخالفات الخليجية اإلقليمية واإلبقاء على مسافة واحدة مع القوى الدولية في مناطق صراعاتها هو البداية الصحية والطبيعية للنأي بمجلس التعاون لدول الخليﺞ العربية عن الصراعات واملضي في االتجاه الصحيح؟ هل أدركـت دول مجلس التعاون الخليجي أن االقتصاد وليست السياسة هي املدخل والبداية الصحيحة لوضع البنية التحتية ألي تكتل خليجي حقيقي مﺆثر؟ وهل تنجح دول مجلس التعاون الخليجي بمحاكاة التجربة األوروبية في بناء تكتل اقتصادي خليجي يعكس إمكانات دول املجلس وتطلعات قادتها وطموحات شعوبها ويﺆسس لعالقات اقتصادية ندية لهذا التكتل الخليجي مقابل التكتالت واألسواق العاملية القوية واملﺆثرة؟ رغــم الــتــفــ­اؤل واآلمــــا­ل الـتـي تعلقها شـعـوب املنطقة عـلـى إيــجــاد وبلورة مشروع عربي بحجم مجلس التعاون لدول الخليﺞ العربية، يحمل على عـاتـقـه بــلــورة وتـأسـيـس مــشــروع عــربــي نـهـضـوي ويــقــوم بـمـا تــأخــرت أو تقاعست عن إنجازه جامعة الدول العربية، في مواجهة مشاريع إقليمية غير عربية تتنامى وتتسع نفوذها بشكل أصبح يشكل تهديدﴽ وجوديًا لـلـدولـة والـهـويـة والثقافة وحـتـى اللغة العربية، إال أن هـنـاك الكثير من التحديات والصعوبات التي تكتنف هذه املرحلة. صحيح أن املــشــرو­ع الـصـهـيـو­نـي تـكـبـد ويـتـكـبـد خـسـائـر وهــزائــم عميقة عـلـى يــد املـنـاضـل­ـني الفلسطينين­ي أصــحــاب الــحــق فــي األرض والتاريﺦ والحضارة، ويتكبد هزائم أخالقية بجانب الهزائم املهنية ومعه الشريك األمريكي والبريطاني، رغم الدعم السياسي والعسكري والشراكة القانونية لهذه الطراف مع الكيان بكل التهم له بالتطهير العرقي واإلبادة الجماعية والتهجير املتعمد واملخطط لــه.. وصحيح كذلك أن املـشـروع اإليـرانـي لم يستطع أن يـتـقـدم بــل هــو غـيـر قـــادر عـلـى حـمـايـة مـنـجـزاتـ­ه فــي كثير من مواقع املناطق العربية، بجانب ما يتعرض له املشروع اإليراني في العمق والداخل اإليراني من تحديات. أما املشروع التركي فمن الواضح أنه يستمد قوته وتأثيره من ضعف وإضعاف الدول العربية املجاورة، أي أن تقويضه مرهون بقوة وتقوية دول الجوار. لكن الــرؤيــة الخليجية تـأتـي فــي وقــت يشهد فيه الـعـالـم تــحــوالت كبيرة وعميقة بما فيها صـعـود قــوى عاملية مثل الـصـني وتشكل تكتالت مثل البريكس، باإلضافة إلى ما يشهده العالم من بدائل للدوالر كعملة عاملية ومــا يعنيه ذلــك مـن تأثير على مستقبل تأثير الـــدور األمـريـكـ­ي ونفوذه االقتصادي، ناهيك عن حركات التحرر الجديدة التي تشهدها أفريقيا ضد الهيمنة الفرنسية على دول الساحل اإلفريقية. كلما كانت الرؤية الخليجية ذاتية ومبنية على حسابات خليجية ووفقًا للساعة الخليجية ومـطـبـوخـ­ة عـلـى نــار خليجية ووفــقــًا للقيم العربية اإلسالمية الخليجية وتبعًا للمصالح الخليجية، ومع تصفير الخالفات الخليجية الخليجية، وتحييد السياسة أمـام االقتصاد وتفعيل مقررات القمم الخليجية واألفكار التي قدمها القادة مثل التحول من التعاون إلى االتحاد، كان ذلك ضمانة لنجاح هذه الرؤية وفرصة كبيرة لترجمتها إلى مستهدفات وبرامﺞ على املـدى املتوسط والبعيد، وتقديم مشروع عربي واضح وحقيقي يحفظ الحقوق والهوية والثقافة واملصالح العربية في مواجهة املشروعات اإلقليمية املدعومة ومخاطر تناميها.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia