علي الرباعي (الباحة) @Al_ARobai
قل ما يمر املتتبع ودارس اآلثار على مناطق جنوبية من اململكة العربية السعودية دون أن يقف على طلل له عالقة بأبي زيد الهاللي، من قرى بني هالل، وصخرة أبي زيد، وبيت أبي زيد، ورحى أبي زيد، وقدم أبي زيد؛ مما ال تزال شواهده ماثلة للعيان. وفي وادي العبالء، وبالقرب من الغيل الذي ال ينقطع جــريــان مـيـاهـه فــي منطقة عامرة باآلثار؛ ومنها طريق الفيل نرى شواهد حية تستعيد أبا زيد، ومنها رحاه في أعلى وادي رنـــيـــة، ولــعــلــهــا رحـــى تـطـحـن بــهــا الحجارة الستخراج الذهب والفضة في معدن (منجم) الـــعـــبـــالء، إذ يـــوجـــد بــاملــنــطــقــة دخـــــل عميق يرجح أنه من آثـار التعدين القديمة في ذلك املكان، والرحى عبارة عن قطعتني من الحجر الــصــلــب الـــــدائـــــري بــقــطــر 120 سنتيمترًا، وينسبها البعض ألبي زيد بحكم أسطورته وأنه عمالق. وأبـــو زيــد الـهـاللـي أحــد أمـــراء بـنـي هــالل بن عامر من هوازن وفرسانهم، وقائد الجيوش العربية فـي غــزوة هـجـرة بني هــالل بالقرن الــخــامــس أو الـــســـادس هـــجـــري، الــتــي كانت بناء على أوامـر من الفاطميني، وهو: سالمة (بركات) بن رزق بن نائل من بني شعيثة بن الهزم بن رؤيبة بن عبد الله بن هالل بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بـن منصور بـن عكرمة بـن خصفة بـن قيس عيالن بن مضر بن نـزار بن معد بن عدنان، الهاللي العامري الهوازني. وهـــو بـطـل أشــهــر املــالحــم الـشـعـبـيـة العربية املـعـروفـة بــ(سـيـرة بني هـــالل)، الـتـي صورت وقـائـع الـعـرب فـي الفترة مـن منتصف القرن الرابع الهجري إلى منتصف القرن الخامس الـــهـــجـــري، ورغــــــم شــهــرتــه لـــم يــكــن أبــــو زيد الــهــاللــي مـــحـــور هــــذه املــلــحــمــة، وإنـــمـــا كان واحـــدًا مــن أربــعــة انـتـهـت إلـيـهـم الـرئـاسـة في القبيلة وهم: حسن سرحان أبو علي، وذياب ابن غانم، والقاضي بدير، وأبـو زيد سالمة. ومهدت امللحمة لوالدة البطل بحادثة جعلت منه إنسانًا خارقًا، بحكم الشجاعة التي بالغ فـيـهـا الــشــعــر الــعــربــي وأخــرجــهــا مــن املمكن وتجاوز بها الطاقة البشرية وكاد يعتبرها من الخوارق، والحيلة، إذ يستطيع أن يتنكر في أي زي وأن يحترف أي مهنة وأن يتحدث بأي لغة. ومن هنا جاء املثل العربي الشهير «سكة أبي زيد كلها مسالك»، كناية عن قدرته الخارقة على اجتياز الصعاب.