إمام المسجد النبوي: العيد لحﻈات سرور في زمن سريع االنقﻀاء
أدى جموع املصلن في املدينة املنورة صالة عيد الفطر املبارك باملسجد الـنـبـوي يتقدمهم أمـيـر منطقة املـديـنـة املــنــورة األمــيــر سلمان بــن سلطان بن عبدالعزيز، ونائب أمير املنطقة األمير سعود بن خالد بن فيصل بن عبدالعزيز، وسط أجواء إيمانية مفعمة بالبهجة واألمان والطمأنينة. وأم املصلن إمــام وخطيب املسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بــن عـلـي الـحـذيـفـي، الـــذي تـحـدث عــن فـضـل يــوم الـعـيـد والــديــن اإلسالمي، موصيًا املسلمن بتقوى الله عز وجل، ومهنئًا إياهم بعيد الفطر املبارك. وقال:«هنيئًا لكم عيدكم الذي تختالون في حدائقه ورياضه، وتنهلون من عذب معينه وحياضه، وافيتم من إبان الزمان ربيعه وشبابه، وقطفتم من جنا العام ثمرته ولبابه، فال زالـت أيامكم أعيادًا وال أنبت سروركم آمادًا، عرفكم الله يمن هذا العيد وبركته وضاعف لكم سروره وسعادته وأحياكم ألمثاله فـي أسبغ النعم وأكملها وأفـسـح املــدد وأطـولـهـا». وأضـــاف: «هذه مــواكــب العيد املجيد تتدفق فيه هــذه الـبـقـاع الــزاهــرة والـبـطـاح الطاهرة تدفق الغيث من السماء يغمر الناس في هذا اليوم األغر من مشاعر البهجة واألنــــس والـــســـرور مــا يـغـمـر الــــروض الــجــديــد حن يــتــنــدى بــمــاء الــســمــاء، ومـــا يـغـمـر املــشــتــاق حن يستقبل الغائب املحبوب، إنـه يـوم ينضح في النفوس رواء السرور، وينفح في القلوب عبق الصفاء والحبور، بعد موسم عظيم من مواسم العبادة تجلت فيه منه الله وبركاته وانهمرت فيه آالؤه ورحماته بعد أن روت األرواح من معن العبادة في شهر الصيام». وبن أن يوم الـعـيـد فــي اإلســــالم يـشـبـه لـحـظـات الــســرور في الـزمـن املمتد، سريعة سـاعـات انقضائه، طويلة آثار بقائها، يعلق في القلوب من مشاعر حبورها ومظاهر سرورها علوق الطيب بصاحبه حينًا، حتى يـعـاودهـا الـشـوق للعبد الــذي يعقبه حنينًا، فتشوق إليه تــشــوق الـضـاحـي إلــى الــظــل الـفـيـنـان وقــت الـهـجـيـر، تحترق إليه تحرق الظامي إلى العذب النمير. وأشـار إمام وخطيب املسجد النبوي إلى أن هذا الدين العظيم دين التوحيد والشريعة والعبودية الخالصة لله وحــده، كما أنـه ديـن الحياة وديــن الدنيا ودين العمران والبناء ودين األخالق والقيم، ديــــن مـــتـــوازن مــتــكــامــل الــبــنــاء يـتـجـلـى ذلك الكمال في معالم الجمال املنطبع في مناحي الحياة جميعها ألن شارعه -تعالى وتقدسجميل يـحـب الــجــمــال، جـمـال الـظـاهـر وجمال الباطن فهو -سبحانه- جميل في ذاتــه وجميل فــي صـفـاتـه وجـمـيـل فــي أفــعــالــه، حـتـى فـــاض ذلك الجمال الرباني في كونه وخلقه وتشريعه وأحكامه. وأوضح أن ديانة اإلسالم ليست بالرهبانية الخرساء التي تنطوي خلف ستار الطقوس العبادية وحـدهـا وال باملادية الجوفاء التي تهرع خلف سراب املظاهر البائدة فحسب، ولكنه دين الحياة املـتـدفـقـة الـتـي تـضـﺞ بصمت فــي عـــروق الــوجــود وتــهــدر هـديـر الـسـيـل في التهائم والنجود، ويتزين به الكون جماال وجـالال، وبناء وعطاء وأخالقًا وقيمًا، إنه دين جامع بن الجمال الظاهر والباطن وبهاء التعامل وصفاء القلوب. وختم إمام وخطيب املسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد بن علي الحذيفي خطبته، مبينًا أنــه يـشـرع العيد فـي اإلســـالم بعد أداء عبادتن عظيمتن وانقضاء موسمن جليلن من مواسم العبادات الكبرى ليجمع الشارع الحكيم -سبحانه- بن ثنائية التهذيب الروحي واإلرواء اإليماني، وبن االستمتاع بمباهﺞ الحياة الضاحكة للنفس اإلنسانية، في ازدواجية بديعة تجلى كمال ذلــك التشريع الـربـانـي الــذي يريد منه الـشـارع السمو بالنفس اإلنسانية واالرتقاء بها من مجرد املظاهر املادية أو العبادية إلى يفاع من التكامل اإلنساني، تساوقًا مع متطلبات هـذا املخلوق اإلنساني البديع في تكوينه الظاهر والباطن. وقد أديت الصالة في محافظات ومراكز وقرى املنطقة كافة.