Okaz

تﺄّمالت في رؤية المملكة ‪4( 2030‬ – )4

- نجيﺐ عصام يماني ‪nyamanie@ hotmail.com‬ ﻛاتﺐ سعودي

الحلقة األخـيـرة فـي تـأمـالت الـرؤيـة ومالمحها التي غـيـرت وجــه اململكة ونقلتها إلى حركة ال تهدأ من العمل واإلبــداع في شتى املجاالت، فالتداخل الكبير بن برامﺞ رؤية اململكة ٠3٠2 يجعل من الصعب الفصل بن املـسـارات كما لو كانت أرخبيال من جزر متفرقة؛ ولهذا أرجو من القارئ واملطلع على هذه التقسيمات التي اعتمدتها في قراءتي لـ«رؤية اململكة ..2٠3٠ والتأثير في بنية املجتمع السعودي» على اعتبارها موجهات تستخلﺺ هذه األبعاد، وال تفصلها عن بعضها، بقدر ما تصنفها تصنيفًا واصفًا وال ليس فاصال لها، وعلى هذا فمن املمكن النظر إلى املسار االجتماعي في سياق الرؤية من خالل برنامجي «جودة الحياة»، و«تحول القطاع الصحي»، كونهما يتصالن بكافة قطاعات املجتمع دون تمييز، ويستهدفان خلق بيئة اجتماعية سليمة تعن على البلوغ بـ«الرؤية» إلى أقصى املمكن من النجاح. أوال: برنامﺞ جودة الحياة أطلق هـذا البرنامﺞ في عـام 81٠2م، والغاية من «تحسن جـودة حياة الفرد واألسرة من خالل تهيئة البيئة الالزمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة املواطن واملـقـيـم والــزائــ­ر فـي األنـشـطـة الثقافية والترفيهية والـريـاضـ­يـة والسياحية واألنماط األخرى املالئمة؛ التي تساهم في تعزيز جودة حياة الفرد واألسـرة، وتوليد الوﻇائف، وتنويع النشاط االقـتـصـا­دي، وتعزيز مكانة املــدن السعودية فـي ترتيب أفضل املدن العاملية».. وهو بهذا املفهوم يتقاطع مع مستهدفات برامﺞ أخــرى، لكنه يمتاز عليها بكونه يفتح آفاقًا جديدة لقطاعات جودة الحياة، التي تمس املواطنن بشكل مباشر؛ مثل الرياضة والثقافة والتراث والفنون والترفيه والترويح ونحوها. ومن النجاحات التي حققها البرنامﺞ منذ إطالقه:

• إعادة إطالق قطاع السينما.

• تنظيم الفعاليات الترفيهية والرياضية والثقافية املحلية والعاملية.

• افتتاح عدد من املتاحف واملعارض الثقافية واملهرجانا­ت املوسيقية.

• إطالق العديد من األكاديميا­ت واملعاهد والبرامج التي تعنى بتطوير الفرد.

• تطوير القطاع السياحي في اململكة، واإلسهام بتعزيز مكانة اململكة وجهة سياحية عاملية.

• إطالق التأشيرة السياحية.

• زيادة املواقع التراثية املدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العاملي.

• توطني املهن القيادية في قطاع اإليواء.

• تفعيل وتمكني دور القطاع الخاص من خالل أتمتة عملية التراخيص لتسهيل أعمال املستثمرين ودعمهم مـن خــالل إنـشـاء صناديق تنموية؛ مثل صـنـدوق نمو الثقافي، وبرنامﺞ كفالة لتمويل املشاريع السياحية. إن تهيئة البيئة املناسبة لجودة الحياة أمر تقره الشريعة، وتحﺾ عليه، ولنا في ذلك شواهد حاضة على الترويح عن النفس، كي ال تصيبها املاللة والكدر، بما يمكنها من اإلقبال على العمل بجد واجتهاد وروح وثابة، ويمكننا القول بأن هذا البرنامﺞ يمثل التحدي األكبر ملجتمعنا، كونه قد عـاش ردحـًا من الزمن تحت مظلة فكر ضيق عليه واسـعـًا، وحـجـم حركته بموجهات ال يسندها شـرع أو تقرها قيم، فعاش على هامﺶ الحياة، محاصرًا بخطاب يراقب حركته، ويحاصره بزواجر تبدأ من «البدعة» وال تقف عند «التحريم»، في مظهر من فظاﻇة وخطاب جـاف خال من روح الوسطية والدعوة بــ«الـتـي هــي أحــســن»، وكــل ذلــك تــرك أثـــره فــي التعاطي مــع الــزواجــ­ر والــنــوا­هــي بنزعة «اإلذعـان» و«الطاعة» وافتقدت -في الغالب- لروح الضمير املراقب، والنفس املحاسبة، واالطمئنان املفضي إلى اليقن الراسخ لدى البعﺾ، فنشأ في مجتمعنا نوع من اإلذعان الهﺶ، بما يضعنا أمام تحد كبير، للتعاطي اإليجابي مع برنامﺞ جودة الحياة الذي حرر املجتمع من هذه املقيدات، وهو انفتاح تبقى الخشية من آثــاره الجانبية كبيرة، قياسًا على ما أشرنا إليه من انتقال فجائي من الكبت إلى التحرر، ومن التضييق إلى االنفتاح، ولهذا فﺈن من أوجب الواجبات ضبط بوصلة القيم والسلوكيات املجتمعية الراقية حتى توافي مستهدفات هذا البرنامﺞ في نصوع غايتها بتوفير حياة مفعمة بالحيوية.. ثانيًا: برنامﺞ تحول القطاع الصحي إننا أمام «رؤية» يعز مﺜيالتها على مستوى العالم، وﻗيادة تعي ما ترمي إليه، وتستشرف أفق ًا يبدو للبعﺾ «أحالم ًا» يمثل هذا البرنامﺞ أحد البرامﺞ املؤثرة في رؤية اململكة ٠3٠2، فمن إطالقه خالل عام 12٠2م، عمل على ضمان استمرار تطوير خـدمـات الرعاية الصحية فـي اململكة عبر إعادة هيكلة القطاع الصحي في اململكة ليكون نظامًا صحيًا شامال وفعاال ومتكامال، يقوم على صحة الفرد واملجتمع (بمن فيهم املواطن واملقيم والزائر)، معتمدًا على جملة مـن املـبـادئ مـن أبـرزهـا الشفافية واالسـتـدا­مـة املالية مـن خــالل تعزيز الصحة العامة، وتطبيق النموذج الجديد للرعاية املتعلقة بالوقاية من األمــراض، وتحسن الوصول إلى الخدمات الصحية من خالل التغطية املثلى والتوزيع الجغرافي الشامل والعادل، وغـيـر ذلــك مــن املــبــاد­ئ واملـسـتـه­ـدفـات الـتـي وضعها الـبـرنـام­ـﺞ فــي أجــنــدة عمله ضمن منظومة الرؤية، بما أثمر في وقته القصير عن نجاحات باهرة تمثلت في تحسن جودة وكفاءة الخدمات الصحية، وتسهيل الحصول عليها من خالل االهتمام برقمنة القطاع الصحي، وإطالق حزمة من التطبيقات مثل (صحتي)، (موعد) وزيادة تغطية الخدمات لجميع مناطق اململكة. ولـو أخذنا مستشفى امللك فيصل التخصصي ومركز األبحاث نموذجًا للتدليل على نجاح الـرؤيـة، لكفانا ذلــك، حيث يقف هـذا الصرح الطبي العمالق شاهدًا على عظمة «الرؤية» من خالل ما أنجزه من نجاحات باهرة وضعت في صدارة املؤسسات الصحية والبحثية على املستوى الـعـاملـي، وأصبحت رقـمـًا ال يمكن تخطيه، ويكفي أنــه أسهم في توطن «السياحة العالجية»، وأرســى القواعد املتينة في عمليات زراعــة األعضاء، وغيرها من العمليات املعقدة، التي كانت تكلف خزينة الدولة الكثير في سبيل عالجها في الخارج.. كما ال ننسى أن اململكة اكتسبت سمعة صحية عاملية من خالل عمليات فصل التوائم السيامية بتوجيهات ودعـم من قيادتها الرشيدة، في روح إنسانية ال تجد لها مثيال في كافة دول العالم. ملخﺺ ما أردت اإلشارة إليه من خالل تأمالت في الرؤية عبر هذه الحلقات األربع أننا أمام «رؤية» يعز مثيالتها على مستوى العالم، وقيادة تعي ما ترمي إليه، وتستشرف أفقًا يبدو للبعﺾ «أحـالمـًا»، ولكنه في وعيها الباصر «أجـنـدة» لعمل منجز وفـق ما يخطط له ويرسم، فال شيء يقف أمام «الهمة»، وال محيد عن «القمة»، التي تتقاصر مع عزم «سلمان» وهمة «محمد». والله ولي التوفيق.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia