مرﺛية اﻟﻐربﺎء
أي الدموع أصدق.. دموع األقارب أم دموع الغرباء؟ ليس مــن الـغـريـب أن تجد قريبًا يبكي فـــراق قـريـبـه، ولن تكون تلك الدموع منظرًا يستحق التساؤل! لـــن تــتــحــكــم فـــي املـــشـــاعـــر وقــــت الـــحـــدث قــــوة الـــعـــالقـــة أو هشاشتها، بـل إن الـذكـريـات والـقـرابـة ستمنح الـحـدث ما يستحق من الحزن والدموع.. لكنك حني تجد غريبًا ينتابه الحزن أو غريبًا يبكي بشجن ملوت غريب! هــنــا ال بــد أن تــقــف عــنــد شـخـصـيـة الـفـقـيـد وأحـــوالـــه قبل املوت.. هل يكفي أن يكون مشهورًا لنحزن ملوته!؟.. ربما! هل أننا تعودنا على وجوده حتى بات فراقه كافيًا لنشارك أهله الدموع!؟.. ربما! هــل نــحــزن بــهــذا الــعــمــق ألن الــحــزن هــو أقــــرب حــالــة إلى إنسانيتنا فنجد في موت املشاهير سببًا إنسانيًا يمنحنا فرصة التعبير عن حزن آخر مغلف بحزن معلن!؟ أسئلة تدور حول الحزن أجدني منساقًا إليها مع موت كل شخص مشهور. حـــني يــتــحــول املـــكـــان (كــــل مـــكـــان) إلــــى صـــــورة رمـــزيـــة له وحكايات ال تنتهي عنه. هل كان بيننا طيف خفي لم نكن نلمحه!؟ هل كانت أعماله ومقوالته سرًا دفينًا أخرجه املوت!؟ هل كنا صمًا بكمًا عميًا ال نشاهد كل ذلك وال نسمع شيئًا وال نحسن التعبير، ثم جاء املوت ليعلمنا فن الكالم!؟ أتــأمــل كــل ذلــك وأنـــا أقـــرأ فــي املــالمــح وفــي الـكـتـابـات وفي األصــوات حزنًا صادقًا لفراق األمير بـدر بن عبداملحسن، رحــمــه الــلــه، الــرجــل الـــذي عـــاش بيننا لـعـقـود مــن الزمن؛ كان ملء السمع والبصر، لكنه كان كطيف عابر ال نحسن اإلمــســاك بــه ووضــعــه أمـــام أقــالمــنــا وكـامـيـراتـنـا وفرشاة رسمنا! كان يكتب الشعر بلساننا في كل مكان، وفي كل موقف، وال نجد إال أن نصفق إعجابًا وذهوال، لكننا ال ننصفه كثيرًا! رحل اﻵن وفي أعناقنا له فضل كبير وشكر عظيم ودعاء ال ينقطع! رحمك الله يا بدر الشعر وربانه، وستبقى في األذهان رمزًا قوميًا يخلده التاريﺦ ويحفﻆ قدره األوفياء. ولك أقول ما قال شوقي في رثاء حافﻆ إبراهيم: خـــــلـفـت فـــــي الــدنــيــــا بـيــانــــا خـالدا
َْ وتــــــــــــــركــــت أجــــيــــــــــــــاال مـــــــــــن األبنــاء وغـــــدا ســـيـذكـرك الــزمـــــان، ولـــــم يزل
لــلــدهــــــــر إنـــصـــــــــــاف وحــســـــن جـزاء.