أمثال شعبية إماراتية تبحث عن مرادفاتها العالمية
ضمن أجواء عابقة بسحر الماضي، يطل كل من الإعامي الإماراتي جمال مطر، والباحث الإماراتي خميس إسماعيل المطروشي، لينسجا معاً خيوط حكايا وحكم صنعها الأجداد، ويستكما تفاصيل الحكاية الشعبية التي ترجما مآلاتها في رؤية تلفزيونية جديدة، عنوانها «أهل المثل قالوا»، التي تبث للمرة الأولى عى «سما دبي»، لتعكس بمهارة بعض أوجه الثقافة المحلية الأصيلة بطابع اجتماعي وثقافي متفرد ينهل من قاموس الراث الشعبي القديم بتجاربه الإنسانية والحضارية المحلية والعربية والعالمية.
فقرات عدة، وأفكار متنوعة وأنماط رواية جديدة، ينأى بها أصحابها عن التكرار وكاسيكيات الطرح القديمة إعداداً وتقديماً، يرافق فيها الإعامي جمال مطر، مع الباحث في الراث الإماراتي الأصيل، خميس المطروشي، لتقديم منتج إعامي متميز ينطق بالأصالة ويحاكي المفردة الإماراتية الأصيلة، التي اخترت هذه المرة بعناية فائقة لا تغفل التفاصيل ولا متعة المشاهدة ولا عناصر المفاجأة، التي كرسها مقدماها عر أطروحات دقيقة تمزج الجد بالدعابة، والعفوية بالطرافة، في محاولة ذكية لتوحيد الذائقة ووحدة الأصل والجذور بن جيل من المشاهدين الشباب و«الشواب» عى حد سواء.
«تدنى دور العائلة الكبيرة لينحصر في مواعيد لقاءات نهاية الأسبوع، أو في المناسبات الاجتماعية .»
«تتقاطع الأمثال الشعبية الإماراتية مع عشرات الأمثال في العالم العربي والأدب الإنساني العالمي .»
محاولة لربط الأمثال الشعبية الإماراتية بالمجتمع المعاصر.
محاكاة الواقع
«الإمارات اليوم» زارت استوديو تصوير الرنامج الجديد عى قناة سما دبي، المقرر بثه قريباً بالتوازي مع الدورة الرامجية الجديدة، حيث أكد الباحث والإعامي الإماراتي خميس إسماعيل المطروشي، صاحب المؤلفات المتعددة في مجال الراث والأمثال الشعبية، أهمية محاكاة الزمن الجميل، وقيمة التأكيد عى دور الأسرة الإماراتية بامتداداتها الصغرة والكبرة، التي قد تضم عادة الجد والأب وكل أفراد العائلة، لافتاً إلى دورهم في تقويم سلوك الأبناء عر تبني عادات اجتماعية قيمة، أحدها حرص الآباء عى اصطحاب أبنائهم إلى المجالس التي كانت بمثابة المدارس الحقيقية التي يلتقطون منها الأمثال والحكمة، ويتعلمون الشعر عر التلقن أو المحاكاة، وحتى عر النظر والاستماع إلى ما يردده الكبار في هذه المجالس، مضيفاً: «في التطور الإنساني الذي طرأ عى حياتنا المعاصرة، أصبح هناك نوع من الاستقالية لدى العائلة الإماراتية، ومن ثم تدنى دور العائلة الكبرة، لينحصر في مواعيد لقاءات نهاية الأسبوع أو في المناسبات الاجتماعية فحسب.»
لهذا السبب، أكد الباحث الإماراتي عى أهمية التناولات الحالية لإرث الحضاري، لافتاً إلى قيمة «التناولات اللسانية» التي تتجى في الأمثال الشعبية الإماراتية، ومحاولة ربطها بالمجتمع الإماراتي المعاصر، لمد جسور للتواصل الحضاري بن الأجيال، من خال مجموعة الفقرات التي تم تصويرها خارجياً بإشراف الباحث الإماراتي، جمعة بن ثالث، الذي يطل في الرنامج الجديد عر فقرة ثابتة تعتمد عى زيارة «الشواب»، وسؤالهم عن الأمثال القديمة ومعانيها وظروف نشأتها، وحتى تداولها عى الصعيد المحي، والأمثال المهددة بالانقراض لأسباب عدة، مقابل إمكانية أن ولادة أمثال إماراتية معاصرة تستوحي من البيئة المحلية والمجتمع الحاضر مفرداتها وديمومتها.
قواسم مشتركة
يحفل سجل الإعامي والمؤلف الإماراتي، جمال مطر، بتاريخ طويل من التجارب الإعامية المتنوعة، وعشرات الرامج الثقافية والاجتماعية التي نجح في تقديمها، سواء عى شاشة التلفزيون أو عر أثر الإذاعة، إلى جانب تجربته الغنية في مجال العمل المسرحي تأليفاً وإخراجاً، فضاً عن تصديه
لعديد من الدراسات والأبحاث الأدبية والثقافية، التي سيجسد جانباً منها عر لقائه الثنائي مع المطروشي، الذي سيتئ فيه عى ثقافته العامة في هذا المجال، لعقد مقارنات مهمة ومقاربات مفيدة
للأمثال الشعبية مع مرادفاتها عى مستويَي الخليج والعالم العربي، وصولاً إلى شكسبر والمتنبي وبوشكن «تتقاطع الأمثال الشعبية الإماراتية مع عشرات الأمثال في العالم العربي والأدب الإنساني، في الوقت الذي تتميز اللهجة المحلية الإماراتية بقدرتها عى الاختزال والإيجاز، لإيصال المعلومة والمعنى المراد تقديمهما، ولو توقفنا عند مثل واحد في اللغة العربية لوجدنا جملة )ربيت جرواً، فصار كلباً، فعضني( تقابل اختزالاً عامياً في الإمارات مفاده )ربي كليبك ياكلك.»)
ولافت «بالإضافة إلى اعتمادنا عى ما قدمه خميس إسماعيل المطروشي، كصاحب مؤلفات في الأمثلة الشعبية الإماراتية، تأتي كتب الراث واللغة العربية كمصادر مرادفة تسهم بشكل فعال في إغناء الجانبن المعرفي والثقافي للحلقات الجديدة، التي لا تخلو طبعاً من حس الفكاهة والطرفة، الذي نجده ممثاً في المثل الشعبي الإماراتي «الشردة نص المرجلة»، الذي يقابله مثل «الهريبة ثلثن المراجل،» و«ميت جبان ولا يقولوا الله يرحمه»، ومن ثم ما قاله شكبر في هذا الصدد «إن الجبان يموت آلاف المرات، ولكن الشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة»، وهو ما يقابل بدوره قول المتبني «وإذا ما خا الجبان بأرض / طلب الطعن وحده والنزالا .»