Emarat Al Youm

«السبّ» وسيلة للربح الس التواصل الاجتماعي

مبتزون يستفزون المستخدمين لشتمهم وطلب تعويض مقابل عدم الإبلاغ

- محمد فودة - دبي

لم يعد الصيد في الماء العكر أسلوباً عبثياً لتحقيق الأهداف، فقد وجد فيه البعض وسيلة جديدة لكسب المال، عر ما يمكن أن يسمى «الربح بالسب». ويبدأ هذا النوع من الأشخاص بالتصرف بطريقة معينة، عر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، محاولاً استفزاز ضحيته، ثم ينتظر رد فعله لاستغلالها في ابتزازه، مقابل عدم فتح بلاغ ضده، وتهديده بالحبس أو الغرامة، وربما الإبعاد.

ما سبق يمثل واقعاً لنماذج قضايا تتداولها المحاكم، ويوضح ملابساتها ل «الإمارات اليوم » الخبير بالجرائم الإلكرونية، المستشار الدكتور خالد علي الجنيبي، مؤكداً أن هذه الجرائم ترتكب خلال ثانية واحدة عر منصات التواصل الاجتماعي: «توير» و«فيس بوك» و «واتس أب » و«إنستغرام».

وأضاف أن هذا النمط من الجرائم متكرر بشكل لافت، ونظرت المحاكم كثيراً من القضايا التي حوّلت حياة أصحابها إلى كوابيس بسبب كلمة، ربما كانت مقبولة سابقاً، لكن في ظل سهولة توثيقها في الأجهزة الإلكرونية تحولت إلى دليل إدانة، وانتهت بحبس قائلها أو تغريمه مبالغ تصل إلى 500 ألف درهم، والإبعاد الذي كان وجوبياً قبل تغيير القانون في عام 2018.

وشرح الجنيبي أن هناك ملابسات متكررة لهذه الجرائم، تبدأ عادة بدردشة عر إحدى منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ثم يحتد الموقف، ولا يتحكم أحد الطرفن في مشاعره، فيرتكب جريمة، خلال ثوانٍ، لافتاً إلى أن تكرار هذا النوع من الجرائم مرتبط بالإقبال الواسع عى استخدام المنصات.

وأوضح أن الإبعاد كان وجوبياً في جميع جرائم تقنية المعلومات، إلى أن تضرر مستثمرون ورجال أعمال وغيرهم. وأفادوا بأنهم فقدوا أعصابهم، وتفوهوا بعبارات جرّتهم إلى المحاكم، وهم عى استعداد لدفع أي مبلغ مقابل عدم إبعادهم، لأن حياتهم ومشروعاتهم وتجارتهم داخل الدولة.

وأضاف: «أعيد النظر في الإبعاد في الجنح البسيطة المرتبطة بجرائم تقنية المعلومات، ومنها السب، وصار جوازياً، لكن يظل الحبس أو الغرامة عقاباً رادعاً لمثل هذه التصرفات التي تقع في لحظة، لذا لا يجب الاستهانة بالحديث عر منصات التواصل، وإدراك أن ما يكتب أو يقال لا يمر مرور الكرام، خصوصاً في ظل توافر سوء النية من قبل البعض.»

وكشف الجنيبي عن جانب مهم في هذه القضايا، وهو استغلالها في الربح، إذ يدخل أحدهم في دردشة مع الشخص المستهدف، ويستفزه بعبارة ما، فيسبه الأخير، ليتحول إلى مجرم، بحسب القانون، فيبتزه الشخص الآخر، وربما يطلب منه تعويضاً مالياً مقابل عدم فتح بلاغ ضده وجره إلى المحاكم، لذا صارت وسيلة للمتاجرة والربح، ولذلك يجب الحذر من الوقوع في فخ هؤلاء المبتزين.

ويؤكد الجنيبي أن «هذا الموضوع مهم، ويمس كثيراً من الأسر، إذ يتكرر عادة بن المراهقن حديثي العهد بشبكات التواصل الاجتماعي، لذا يتحتم عى الآباء توعية أبنائهم بمخاطر التعامل مع تلك الشبكات، وضرورة ضبط النفس».

وقال إن «هناك جاليات تستخدم عبارات دارجة في الخطاب، لكنها غير شرعية بحكم القانون، فتكون سبباً لجرهم إلى المحاكم، وأثناء التحقيق معهم يؤكدون أنهم لم يقصدوا الإساءة، فهم يتداولون تلك الكلمات بشكل معتاد في ما بينهم. وهذه الحالات تكون محل نظر من الشرطة والنيابة والمحكمة، لكنها لا تحمي صاحبها من العقاب.»

ويضيف أن «هناك فارقاً بن السب والقذف، فالأخير، بحسب القانون، إسناد واقعة للغير تجعله محلاً للعقاب، مثل وصفه بالسارق أو المحتال، أما السب فكأن ينعت الشخص بصفة مسيئة، ولا يوجد فرق في العقوبة بن الجريمتن .»

ويوضح الجنيبي أن هناك قيدين مهمن في الاستدلال عى جرائم السب الإلكروني، أولاً ضرورة الإبلاغ خلال فرة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من التعرض للسب، فإذا تأخر وقت الإبلاغ عن ذلك يفقد صاحبه الحق.

أما القيد الثاني فهو ضرورة أن يبلغ الشخص المجني عليه بنفسه عن الجريمة، فلا يجوز أن ينوب عنه غيره، وفي هذه الحالة توسع المشرع في منح الحق، عى عكس

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates