Emarat Al Youm

ترامب يحطم آمال الفلسطينيي­ن من جديد

• إثر إعلان إدارته أن المستوطنات الإسرائيلي­ة شرعية

- * مراسل دبلوماسي ل «فورين بوليسي» ترجمة: حسن عبده حسن عن «فورين بوليسي»

أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، قبل أيام أن الولايات المتحدة لم تعد تعتر المستوطنات المدنية الإسرائيلي­ة عى الأراضي الفلسطينية انتهاكاً للقانون الدولي. وتمثل هذه الخطوة قراراً تاريخياً يخالف عقوداً من السياسة الأميركية، كما أنها الأخيرة ضمن خطوات عدة داعمة لإسرائيل، من شأنها أن تقضي فعلياً عى آمال قيام حل الدولتن، لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقال بومبيو للصحافين، أخيراً: «بعد دراسة معمقة لجميع جوانب القضية القانونية، تعتقد الولايات المتحدة أن إنشاء المستوطنات المدنية الإسرائيلي­ة في الضفة الغربية لا يتناقض بحد ذاته مع القانون الدولي». وأضاف: «أن هذا القرار لا يعني أن حكومة الولايات المتحدة تعر عن وجهات نظرها حول الوضع القانوني لكل مستوطنة عى حدة، أو أنها تصدر أحكاماً مسبقة عى الوضع النهائي للضفة الغربية .»

ويلغي تصريح بومبيو الرأي الصادر من وزارة الخارجية الأميركية عام 1978، والذي شكل أساساً للرؤية القانونية للولايات المتحدة، في ما يتعلق بالمستوطنا­ت الإسرائيلي­ة، والتي تؤكد أن المستوطنات المدنية في الأراضي المحتلة «تتعارض مع القانون الدولي.»

ويمثل هذا القرار أحدث وسيلة تستخدمها إدارة الرئيس دونالد ترامب، لإضعاف مطالب الفلسطينين في إقامة دولتهم، حيث يصب ذلك في مصلحة أقرب حلفاء واشنطن بالشرق الأوسط، ويقدم نصراً سياسياً آخر لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامن نتنياهو، المحاصر بالمتاعب، وهو يخوض صراعاً من أجل البقاء، بعد فشله في تشكيل حكومة ائتلاف.

وخلال السنوات الأولى لرامب كرئيس، قام بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وأغلق مكتب ممثلية فلسطن في واشنطن، وقطع مساعدات الولايات المتحدة عن وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئن الفلسطينين )أونروا(. واعرف، أيضاً، بالسيادة الإسرائيلي­ة عى مرتفعات الجولان السورية، حيث تجاهل موقف الإدارات الأميركية، خلال نصف القرن الماضي. وقال الباحث من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، آرون ديفيد ميللر، وهو مستشار سابق لوزارة الخارجية الأميركية حول المفاوضات العربية الإسرائيلي­ة: «أصبحت لدينا، الآن، حزمة كاملة من الجهود، تجعل

إيجاد حل تقليدي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني أمراً مستحيلاً، عى الأقل خلال ما تبقى من زمن لإدارة ترامب .»

خطة سلام

ويساعد الموقف الأميركي الجديد عى زيادة الاهتمام بخطة السلام للشرق الأوسط، التي طال انتظارها ولاتزال طيَّ الكتمان، والتي سلم ترامب مهمة إنجازها لزوج ابنته، غاريد كوشر، منذ دخوله البيت الأبيض. وواجهت إدارة ترامب انتقادات كثيرة من الخراء والمسؤولن السابقن، لرفضها نشر هذه الخطة، بعد تأجيلات عدة، وتجاهل شامل لنصائح كبار الدبلوماسي­ن في الإدارة. وفي الشهر الماضي، كشف أحد كبار الدبلوماسي­ن، وهو مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شنكر، أنه ليست لديه أي فكرة عن خطة السلام، التي يصنعها كوشر، كما أنه لم يلعب أي دور في المساعدة عى وضعها.

تحذيرات

ويحذر بعض الخراء من أن القرار الأخير، الذي أعلنه بومبيو، يمكن أن يضعف الآمال بحل الدولتن للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في ظل غياب أي خيار بديل من كوشر. وقال مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد، إيلان غولدنبيرغ: «ستكون النتائج المرتبة عى قرار بومبيو عدة». وأضاف: «أنه يطيح 40 عاماً من التقليد السياسي الأميركي مقابل لا شيء. إنه يحطم دور الولايات المتحدة كوسيط نزيه في الصراع.» وشبه غولدنبيرغ ذلك بدبلوماسية منافسة غير عادلة لأكل شطيرة، حيث يفاوض أحد المتنافسن عى كيفية أكل الشطيرة، في حن أن الآخر مشغول بقضمها.

لكنَّ خراء آخرين يعتقدون أن هذه الخطوة يمكن أن تمهد الطريق، أمام مفاوضات مثمرة بن الجانبن في المستقبل. وقال الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة الراث الفكرية، جيمس فيليبس، معلقاً: «فاوض الفلسطينيو­ن عى افراض أنهم سيحصلون عى كل الضفة الغربية وقطاع غزة، في أي تسوية مفرضة ». وأضاف: «عى الأقل، فإن هذه الخطوة تفتح الباب أمام احتمال أن ذلك غير صحيح، وربما يمكن أن يحفزهم ذلك عى الانخراط في المفاوضات وليس الابتعاد عنها، بانتظار أن تقوم الولايات المتحدة بتقديم إسرائيل عى طبق، وهو الأمر الذي كانوا يقومون به، خلال السنوات الأخيرة .»

ولكن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، رفضت هذا الرأي بقوة، وقالت: «لم تكن هذه الخطوة مفاجئة لنا، لكنها مشينة.» وأضافت أن إدارة ترامب أصبحت، الآن، «شريكة في الجريمة» مع إسرائيل. وقالت عشراوي إن إدارة ترامب كشفت، الآن، عن نياتها بعد إذعانها ضم الضفة الغربية، واعرافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسعيها لحرمان ملاين الفلسطينين من حقوقهم. وأضافت: «القانون الدولي ليس ملك واشنطن لتتلاعب به كما تشاء، بحيث يناسب دعم التوسع الإسرائيلي .»

وحتى قبل إعلان بومبيو قبل أيام، أشار بعض الخراء إلى أن الولايات المتحدة تحاول تغيير موقفها الذي حددته وزارة الخارجية عام ،1978 في ظل الإدارات الجمهورية والديمقراط­ية. وفي فراير عام 2011، استخدمت إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما أول «فيتو» لها في مجلس الأمن، عى قرار يعتر النشاط الاستيطاني الإسرائيلي غير قانوني، وأنه يشكل عقبة رئيسة أمام السلام. لكن بعد ذلك أصدرت سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة في حينها، سوزان رايس، بياناً في مجلس الأمن أكدت أن

معارضتها للقرار لا ينبغي فهمها باعتباره إشارة دعم للنشاط الاستيطاني. وأضافت «عى العكس نحن نرفض بأشد العبارات شرعية النشاطات الاستيطاني­ة الإسرائيلي­ة .»

وخلال الشهر الأخير من وجود أوباما في البيت الأبيض، ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في رفضه لسياسة المستوطنات الإسرائيلي­ة، حيث رفضت إدارته استخدام حق «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي، ضد قرار يدين سياسة إسرائيل الاستيطاني­ة.

وأثار قرار إدارة أوباما غضب الرئيس المنتخب في حينها، دونالد ترامب، بعد أن حاول مستشاره للأمن القومي، مايكل فلن، وصهره كوشر، تأجيل القرار إلى ما بعد تنصيب الرئيس ترامب. وحذر الرئيس ترامب الأمم المتحدة، عى حسابه في «توير»، من أن «الأمور ستتغير، بعد أن يصل إلى السلطة.»

 ?? غيتي ?? احتفال فتح السفارة الأميركية بالقدس الذي شاركت فيه ابنة الرئيس ترامب.
غيتي احتفال فتح السفارة الأميركية بالقدس الذي شاركت فيه ابنة الرئيس ترامب.
 ?? أ.ف.ب ?? عشراوي قالت إن إدارة ترامب أصبحت الآن «شريكة في الجريمة» مع إسرائيل.
أ.ف.ب عشراوي قالت إن إدارة ترامب أصبحت الآن «شريكة في الجريمة» مع إسرائيل.
 ?? أ.ف.ب ?? شنكر قال إنه لا يعلم شيئا عن خطة السلام التي يعدها كوشنر.
أ.ف.ب شنكر قال إنه لا يعلم شيئا عن خطة السلام التي يعدها كوشنر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates