Emarat Al Youm

ملينا جيسينسكا.. الصحافية التي أوقعت كافكا في غرامها

تحولت رسائلهما إلى كتاب ألهم الأدباء والموسيقيي­ن

-

أن تنجح المرأة في أن تسرق قلب الرجل، قد يكون أمراً مكرراً ومعتاداً، وأن تكون قادرة عى أن تتحول إلى ملهمة لشخصية مبدعة هو أيضاً أحد الشروط الطبيعية التي يحتاج إليها لاستفزاز قريحته الابتكارية، ولكن أن يقع أحد أهم أدباء القرن العشرين في أوروبا في غرام امرأة عر مجرد رسائل متبادلة، فالأمر يعني أننا في صدد التعرف الى شخصية استثنائية لا تتكرر. ملينا جيسينسكا الصحافية، والكاتبة، والمحررة، والمرجمة، والناقدة السياسية، التي بالرغم من سنوات عمرها القليلة إلا أنها تحولت إلى المادة الأكر تعقيداً وعمقاً ودراسة في الكثير من الكتب التي طرحتها، بينما تحولت رسائلها إلى ومن الكاتب والروائي التشيكي الأصول ألماني القلم فرانز كافكا، لواحد من أهم الكتب القادرة عى إلهام الكثيرين، من كتّاب وموسيقيين. يقال إن عائلة جيسينسكا تنحدر من «جان جيسينوس»، وهو أول بروفيسور في مجال الطب بجامعة تشارلز في براغ، وأنه طبيب، وسياسي، وفيلسوف بوهيمي، وأنه كان من ضمن ال27 مثقفاً الذين تم إعدامهم في ساحة المدينة القديمة في براغ في 21 يونيو عام 1621، لمعارضتهم سلطة الملك فيرديناند آنذاك. ولدت ملينا جيسينسكا في براغ في 10 أغسطس 1896، من عائلة تشيكية مسيحية، ولأب وسيم ذي مكانة اجتماعية وثقافية وعلمية مهمة في المجتمع التشيكي الراقي، حيث كان جان، بروفيسوراً في جراحة الأسنان بجامعة تشارلز في براغ، بينما توفيت والدتها وهي لاتزال في الثالثة عشرة من عمرها، ولم يتوانَ والدها عن توفير مستوى تعليمي رفيع لابنته التي ألحقها بمدرسة «منيرفا» الثانوية، وهي أول مدرسة خاصة في التشيك للفتيات، والتي خرّجت مجموعة من أوائل المثقفات صاحبات الفكر المتحرر، الأمر الذي حول ملينا إلى شابة ذات أفكار متمردة عى المعتاد، وذات شهية لفتح خط النار أمام المجتمع التقليدي. التحقت جيسينسكا بعد التخرج ولفرة قصيرة في «براغ كونسيرفاتو­ري»، وهي مدرسة لتعليم الموسيقى، ثم التحقت أيضاً بكلية الطب، إلا أنها تخلت عن كا الفكرتين بعد فصلين دراسيين فقط.

جنون أخلاقي

في مجتمع راقٍ يعرف به الجميع بعضهم بعضاً، لم تكن سلوكيات ملينا الامبالية والسائبة أمراً مقبولاً لدى والدها ذائع الصيت بمكانته المحرمة، الأمر الذي جعله يقدم عى إيداعها لمصح «فيليزلافين» لأمراض العقلية ولمدة تسعة أشهر عى أساس ما سمي ب «الجنون الأخاقي »، وهي الفرة ذاتها التي كانت فيها الابنة المتمردة عى عاقة بموظف البنك والناقد الأدبي إيرنست بولاك.

بولاك وكافكا

لم يكن إيرنست بولاك رجاً عادياً، بل كان أحد أهم الشخصيات النقدية الأدبية في تلك الفرة، كما كان يعرف ب «بولاك الحكيم ،» ويسعى لأخذ نصيحته ومساعدته العديد من مشاهير الأدب النمساوي آنذاك، كما كان أحد أهم الشخصيات ضمن تلك الدائرة الثقافية التي تردد عى عدد من المقاهي الثقافية، والتي كان كافكا أيضاً زائراً لها، وهي الفرة ذاتها التي بدأ فيها بولاك بالرويج للكاتب الشاب وغير المعروف من براغ )فرانز كافكا(، وهي الفرة ذاتها التي تعرفت فيها جيسينسكا الى هذا الاسم الجديد في عالم الأدب. وبالرغم من ثراء بولاك الثقافي، إلا أن مدخوله المادي لم يكن كذلك، خصوصاً في مدينة مزق الحرب اقتصادها، وهي الفرة ذاتها التي استطاعت فيها أن تطور لغتها الألمانية بما يكفي لتجربة الرجمة من الألمانية إلى التشيكية، وأن تعين زوجها مادياً، فعملت عى ترجمة العديد من القصص والمقالات، سواء الألمانية إلى التشيكية، أو غير الألمانية إلى الألمانية، وبدأت بإرسال ترجماتها إلى الصحف والمجات التشيكية.

ترجمة

بالرغم من أنها ترجمت العديد من النصوص، إلا أن ترجمتها لقصة فرانز كافكا القصيرة «ذي ستوكر» كانت تعتر أول ترجمة لأعماله من الألمانية للغة أخرى، كما استمرت الرسائل المتبادلة طوال عشرينات القرن الماضي، مع ملينا التي تعيش تجربة زواج تعيسة. وبالرغم مما تحمله الرسائل من تعبير عاطفي محموم، إلا أن كافكا وجيسينسكا لم يلتقيا طوال فرة عاقتهما سوى مرتين فقط، حيث كان اللقاء الأول في فيينا سعيداً قضيا خاله أربعة أيام حملت الكثير من الوعود والأمل، إلا أن اللقاء الثاني في مدينة غموند النمساوية، والذي لم يكن سوى ليوم واحد، كان سيئاً وأسفر عنه قرار كافكا إنهاء العاقة في ما بينهما، فبالرغم من رغبة كافكا الارتباط بجيسينسكا، إلا أنها وبالرغم من سوء العاقة الزوجية، رفضت التخلي عن زوجها، وفضلت البقاء معه. واستمر التواصل في ما بينهما رغم قلته خال عامي 1922 و1923 .

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates