Emarat Al Youm

قانونيون: تأثير «كورونا» في الالتزامات التعاقدية متوقع والقانون تناول تداعياته

المشرّع الإماراتي يعتبره «قوة قاهرة» أو «حدثا استثنائيا» ويفرض الموازنة بين طرفي العقد

- محمد فودة À دبي

أثَّرت الإجراءات الاحرازية، التي اتخذتها معظم دول العالم تفادياً لانتشار فروس «كورونا» المستجد، عى الأنشطة التجارية، خصوصاً بعد تعليق رحلات السفر الدولية، حيث انعكس ذلك بشكل مباشر عى الالتزامات التعاقدية التي ربما تمس قطاعات أكر من غرها، مثل قطاع السياحة بمختلف فروعها، وما ترتب عى ذلك بشأن عقود الفنادق المؤجرة بغرض الاستثمار، وعقود التوريد والتبادلات التجارية، بل يمتد إلى عقود القروض، سواء الخاصة بالمؤسسات والشركات أو الأفراد.

وحول هذا الجانب المهم من تبعات فروس «كورونا»، قال قانونيون ل«الإمارات اليوم» إن المشرّع الإماراتي انتبه إلى هذه النقطة، ووضع لها احتمالن في قانون «المعاملات المدنية»، الأول يطلق عليه «القوة القاهرة»، وهو الحدث غر المتوقع أثناء التعاقد الذي يستحيل دفعه أو منعه أو درء نتائجه، ما يمكن أن ينطبق عملياً عى «كورونا» وتبعاته، لافتن إلى أن القانون ينص في مثل هذه الحالة عى فسخ العقود من تلقاء نفسها إذا كان تنفيذ الالتزام مستحيلاً، أو تعديل العقد إذا كانت الاستحالة جزئية.

وأوضحوا أن الاحتمال أو التكييف القانوني الثاني يعرف ب «الحادث الاستثنائي »، الذي يختلف عن «القوة القاهرة» في كونه يجعل تنفيذ الالتزام بالعقود مرهقاً ومسبباً لخسائر فادحة غر معتادة، وللقاضي في هذه الحالة الموازنة بن مصلحة الطرفن، ويرد الالتزام المرهق إلى المعقول، ويمكن تطبيق ذلك عى عقود القروض التجارية والشخصية، مؤكدين أنه بشكل عام يجب أن تُدقق وتفحص كل حالة عى حدة، ويثبت الطرف الذي لم يلتزم بتعاقده بالأدلة تأثره المباشر بتبعات فروس كورونا قبل

أن يحسم القاضي الأمر.

وتفصيلاً، قال المحامي عيى بن حيدر إن القانون يغطي تبعات «كورونا» تجارياً من زاويتن، الأولى حالة الطوارئ الاستثنائي­ة غر المتوقعة، والثانية القوة القاهرة، وفي الحالة الأولى تطرأ حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، مثل السيول والفيضانات والزلازل والراكن والحروب والجوائح والأوبئة، ونحوها من الحوادث الطارئة العامة، التي تجعل تنفيذ ما اتفق عليه طرفا العقد مرهقاً للمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة، أما في حالة القوة القاهرة فإنها وإن اتفقت مع حالة الطوارئ في كونها حالة استثنائية عامة، إلا أنها تجعل تنفيذ الاتفاق مستحيلاً، إما استحالة كلية أو جزئية.

وأضاف أن قانون المعاملات المدنية تناول كلتا الحالتن، فعندما تطرأ حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب عى حدوثها جعل تنفيذ الاتفاق مرهقاً يجاوز سعة المدين، ويهدده بخسارة فادحة، ويعرض الأمر عى المحكمة ليتدخل القاضي موازناً بن مصلحة الطرفن، وله سلطة تقديرية لرد الالتزام المرهق للحد المعقول، متى اقتضت العدالة ذلك.

أما في حال استحالة تنفيذ أحد الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبن بسبب قوة قاهرة، فينص القانون عى انقضاء الالتزام من كلا الطرفن، فعى سبيل المثال إن هلك المبيع في يد البائع قبل تسليمه بسبب قوة قاهرة، يسقط التزام البائع بالتسليم، ويسقط كذلك التزام المشري بدفع ثمن المبيع، وهو ما يعرف قانوناً بفسخ العقد، أي رد الأطراف للحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد.

وأكد أن هناك ملاحظتن

جديرتن بالذكر، الأولى أنه لا يكفي التذرع بوقوع حادث طارئ للتنصل من المسؤولية العقدية، بل لابد من ثبوت تأثر ذلك الحادث عى تنفيذ الالتزامات التي تراضى عليها أطراف العقد بجعل ذلك التنفيذ مستحيلاً أو مرهقاً للطرف المدين، والثانية أنه في العقود الملزمة للجانبن لا يجوز لأحد طرفيه الرجوع فيه أو تعديله أو فسخه إلا براضي الطرفن أو بحكم القاضي أو بمقتى نص في القانون.

وأوضح أنه إجمالاً، في حالة تعذر عى أحد طرفي العقد تنفيذ التزاماته العقدية بسبب انتشار فروس كورونا أو الإجراءات الاستثنائي­ة التي اتخذت للحد من ذلك الوباء، يجب عليه إثبات ادعائه بعد عرض الأمر عى القضاء والبحث والتمحيص في كل حالة عى حدة، ليُفصل فيها موضوعياً، مراعياً لمصلحة الطرفن بلا ضرر أو ضرار.

من جهته، قال المستشار

القانوني، رسمي راجي، إن انتشار فروس كورونا، وما تلا ذلك من إجراءات احرازية طارئة ومشددة، يصنف بلا شك باعتباره حدثاً استثنائياً، من شأنه أن يغر الالتزام التعاقدي، لأنه وإن لم يصبح العقد مستحيل التنفيذ، فإنه صار مرهقاً للمدين، ويهدده بخسارة فادحة، وأجاز القانون للقاضي في هذه الحالة تقدير الظروف، والموازنة بن مصلحة الطرفن بأن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، وهذا ينطبق عى عقود الديون وغرها من العقود التجارية.

إلى ذلك، قال المحامي عي مصبح إن المادة )472( من قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات تنص عى أنه ينقضي الحق إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب خارجي، أو قوة قاهرة لم يتوقعها الإنسان أو يستطع التغلب عليها، وتكون عادة من أفعال الطبيعة، مثل الفيضانات والعواصف والجوائح، مثل فروس كورونا الذي ضرب جميع دول العالم، ما دفع حكوماتها، ومن بينها حكومة دولة الإمارات، الى اتخاذ التدابر الاحرازية بكل أشكالها لمواجهة الوباء، بما يرتب عى ذلك من تعطيل بعض الالتزامات الخاصة لغاية أسمى، وهو الحفاظ عى الصحة العامة لسكان الدولة من مواطنن ومقيمن.

وأكد أن تلك التدابر تأتي في مقدمة الأسباب المقبولة شرعاً وقانوناً لإعادة النظر في التعاقدات والالتزاما­ت التي تأثرت بوجود تلك القوة القاهرة، ويقاس ذلك حسب درجة تأثر تلك القوة عى الرابطة العقدية أو الالتزام، مثل عجز المقرض من البنوك بضمان أعمال تجارية أو حتى قروض شخصية، نتيجة منعه من دخول الدولة لممارسة تجارته، أو منع القائمن عى إدارة وتنفيذ أعماله، أو عجز الموظف الذي حصل عى قرض شخي بضمان راتبه عن العمل،

لعزل أو سبب آخر مرتبط بتلك القوة القاهرة.

من جهته، قال المحامي راشد الكيتوب إن جائحة أو وباء كورونا، وما ترتب عليها من إجراءات احرازية لم تشهدها الأجيال الحالية، له تأثر مباشر عى كثر من القطاعات، أولها قطاع السياحة، ومن المنطقي أن تمتد تبعاته إلى الالتزامات التعاقدية، مثل عقود الفنادق المؤجرة بغرض الاستثمار، والبيوع الدولية، والتوريد.

وأضاف أن المشرّع الإماراتي جعل الأصل العام بالعقود أنه لا يجوز لأحد طرفيها أو للقاضي أن ينقضها أو يعدلها منفرداً، لكن منح القاضي استثناءات، منها التعرض لقوة قاهرة أو حادث غر متوقع.

وأوضح أن القوة القاهرة هي حادث غر متوقع يستحيل دفعه، ولا يمكن درؤه أو تفادي نتائجه، وعالجته المادة 273 من قانون المعاملات المدنية بالنص عى «في العقود الملزمة للجانبن، إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً، انقى معه الالتزام المقابل له، وانفسخ العقد من تلقاء نفسه، وإذا كانت الاستحالة جزئية، انقى ما يقابله، ويطبق هذا الحكم عى الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة، وفي هاتن الحالتن يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين.»

ومنح القانون القاضي الحق كذلك بحسب المادة 249 من القانون ذاته في حالة ما يعرف بالحادث الذي يندر حدوثه، بعد إبرام العقد، وقبل تمام تنفيذه، ولا يمكن تفاديه أو دفعه أو درء النتائج المرتبة عليه، ومن شأنه جعل تنفيذ الالتزام بالغ الإرهاق، مرتباً خسارة فادحه غر معتادة، وليس مجرد عبء يضيق به المدين؛ وللقاضي هنا الموازنة بن مصلحة الطرفن، ورد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إذا اقتضت المصلحة ذلك.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ?? رسمي راجي:
«للقاضي تقدير الظروف والموازنة بين مصلحة الطرفين بأن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول .»
رسمي راجي: «للقاضي تقدير الظروف والموازنة بين مصلحة الطرفين بأن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول .»
 ??  ?? راشد الكيتوب:
«للقاضي في حال الحادث الاستثنائي أن يرد الضرر إلى الحد المعقول دون تجاوز فسخ العقد أو إنهائه.»
راشد الكيتوب: «للقاضي في حال الحادث الاستثنائي أن يرد الضرر إلى الحد المعقول دون تجاوز فسخ العقد أو إنهائه.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates