Emarat Al Youm

مدى خضوع واشنطن ل «التفكير الجماعي» في إدارة علاقتها مع الصين

- واشنطن ⬛ د.ب.أ

تنطوي العاقات بن الولايات المتحدة والصن على جوانب متشعبة يصعب التفريق بن عناصرها في كثير من الأحيان، وهو ما استلزم من صانعي السياسة على كا الجانبن السير على حبل مشدود في إدارة العاقة التنافسية بينهما.

وقال ديفيد ماكورت، وهو أستاذ مشارك في قسم علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنريست» الأميركية إن «النظرة السليمة الأحدث بشأن الصن هي أن واشنطن في خضم حالة من التفكير الجماعي أو التفكير الجمعي، كما يطلق عليه أحياناً كثيرة، وهو ظاهرة تتجاهل فيه جماعة ما آراء متعارضة وأدلة متناقضة وتضغط في اتجاه إجراء معن، على الرغم من الحواجز الأيديولوج­ية، لكن وسط محاولة لتقريب وجهات النظر، لتجنب الدخول في صراع والوصول إلى اتفاق دون نقد آراء الآخرين.»

اتفاق

ويضيف أن «مؤيدي ومنتقدي السياسة الأميركية تجاه الصن، يتفقون على أن التفكير الجماعي يؤدي إلى اسراتيجية ضعيفة، سواء من خال التقليل من شأن التحدي الصيني أو المبالغة فيه».

وكما قال الصحافي الشهير فريد زكريا: «الصن منافس اسراتيجي جاد، وأهم منافس للقوة العظمى واجهته الولايات المتحدة منذ عقود عدة».

ويوضح ماكورت أن «هذا سبب إضافي لواشنطن لتشكيل سياسة خارجية عقانية ومدروسة تجاه ذلك. لكن عر المحيط الهادئ، ومع توطيد الرئيس الصيني شي جن بينغ للسلطة، يشعر بعض المراقبن بالقلق من أن بكن قد تعاني التفكير الجماعي الخاص بها. ويخشى هؤلاء المراقبون أن يكون الصينيون قد اتفقوا على وجهة نظر مفادها أن واشنطن تسعى إلى وقف صعود الصن، بينما لايزال بإمكانها ذلك. وإذا أصرّ الجانبان على التمسك بهذه الآراء، فمن المرجح أن تؤدي دوامة التدهور الخطير في العاقات إلى صراع».

ومع ذلك، لا تعاني واشنطن التفكير الجماعي في قضية الصن. ولا يتناسب وصف عالم النفس الأميركي إيرفينج جانيس الأصي للمصطلح بشكل جيد مع الوضع الحالي، لأنه ينطبق على إعدادات صنع القرار في المجموعات الصغيرة، وليس الأسواق مرامية الأطراف لأفكار، مثل مناقشات السياسة الخارجية في واشنطن العاصمة. وهناك الكثير من المناقشات القوية

والتفكير المختلف حول الصن في دوائر الأمن القومي الأميركي. والسؤال إذن هو: «لماذا تهيمن أصوات أكر تشدداً وكيف يمكن موازنتها؟».

الحفاظ على التماسك الجماعي يأتي التفكير الجماعي نتيجة للحاجة إلى الحفاظ على التماسك الجماعي. وكما يعلم أي شخص كان في أي وقت مى في اجتماع كبير بما فيه الكفاية، يحدث التفكير الجماعي عندما لا يعارض أحد اتجاه المناقشة، أو الاتفاق لأن القيام بذلك يبدو أسوأ من أي قرار دون المستوى الأمثل قد يتوصل إليه الاجتماع، بما في ذلك عدم التوصل إلى أي اتفاق على الإطاق.

ولكن من الناحية العملية، فإن الحفاظ على تماسك مجتمع السياسة الخارجية الأميركية، هو عكس ما يأمل خراء الأمن الأميركيون في تحقيقه أثناء مشاركتهم في نقاش حيوي مستمر حول السياسة الأميركية تجاه الصن.

ويقول ماكورت إن «إعادة العمليات المعقدة إلى التشخيصات النفسية، مثل التفكير الجماعي أمر شائع، ولنفكر في التحيز المعرفي أو القوالب النمطية السلبية. وعلى الرغم من أن هذه التسميات لها حلقة علمية، فإنها تعمل أيضاً على تحويل الانتباه بعيداً عن الحقائق الاجتماعية المشحونة سياسياً في كثير من الأحيان نحو عقلية جماعية يفرض أنها غير مشخصنة». وبعبارة أخرى، فإن إلقاء اللوم على

مجرد التفكير الجماعي يحجب العمليات الأكر فوضى وراء التغيير النموذجي في كيفية نظر واشنطن إلى بكن منذ عام 2016، والذي شهد نهاية عصر «المشاركة».

تحوّل في وجهات النظر

هذا التحوّل في وجهات النظر السائدة عن الصن، من شريك محتمل إلى منافس، وبشكل متزايد نحو العدو الفعي، يوصف بشكل أفضل بأنه ممارسة في «الاستخاص السياسي»، وهو طريقة إحصائية تُستخدم في علم النفس الاجتماعي لقياس العاقة بن حكم الشخص والمعلومات التي استخدمت لإصدار هذا الحكم، وذلك من قبل مناهضي المشاركة.

إن أولئك الذين يدافعون عن تنشيط المشاركة والإدارة الحذرة لمنافسة أميركا مع الصن يتم التسامح معهم بأدب على الأكر، ومن المؤكد أنهم ليسوا في مواقع السلطة. وقد خلص الأفراد الذين هم في السلطة إلى أن واشنطن وبكن عالقتان في صراع أيديولوجي مستمر منذ عقود.

ويوضح ماكورت أنه «لكي نكون منصفن، كان من المحتم أن يبتعد نهج واشنطن تجاه الصن عن وجهات النظر الوردية في النهج المؤيد للمشاركة. ولم يكن من المرجح أبداً أن تقبل الصن الصاعدة هيمنة الولايات المتحدة في شرق آسيا، وكان من المحتم أن تتخذ إجراءات صارمة ضد الحريات في هونغ كونغ، وتضخم التهديدات تجاه تايوان، وتحول مكاسبها الاقتصادية الضخمة إلى قوة عسكرية».

وكان القلق بشأن التطوّرات في الصن يكتسب قوة خال فرة ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الثانية. ومع ذلك، فقد ترجمت أفكار منتقدي المشاركة مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى سياسة، من الحرب التجارية إلى مبادرة الصن، التي كانت تهدف إلى إعادة تشكيل الأولويات البيروقراط­ية عر الحكومة. وبعيداً عن السعي إلى عكس مسارها، حافظت إدارة بايدن بدلاً من ذلك على المسار، واستفادت من الخرة في واشنطن بوجهات نظر مشابهة جداً لأولئك الذين عملوا مع ترامب.

عمليات بيروقراطية

ويرى ماكورت أن سياسة أميركا الحالية تجاه الصن هي في الواقع عدد من العمليات البيروقراط­ية، التي بدأها فريق ترامب لأمن القومي، واستمرت فيها الإدارة الاحقة. وعلى المستوى التنفيذي، عدل مجلس الأمن القومي اسراتيجية أميركا، وحدد نهجاً تنافسياً جديداً في مايو 2020 والذي تردد صداه في اسراتيجية الأمن القومي العام الماضي. وفي الحقيقة يسبق تخطيط وزارة الدفاع لعصر المنافسة بن القوى العظمى عهد ترامب، والصن الآن هي بقوة «تحدي السرعة» بالنسبة لأميركا. واستهدف الجمهوريون في مجلس النواب، مع فوزهم في انتخابات التجديد النصفي العام الماضي، بحزم دفع نهج حكومي أكر قوة تجاه الصن.

ويخلص ماكورت إلى إن عاج التفكير الجماعي خارج السياسة الخارجية هو «التفكير خارج الصندوق».

ويقول إن «نخبة السياسة الخارجية الأميركية ليست كلها متفقة مع الصن، ليس فقط على حقائق تصرفات الحزب الشيوعي الصيني ونواياه، ولكن ما يجب على واشنطن فعله رداً على ذلك، وما هي مصالح أميركا، وما هي السياسات التي تخدمها على أفضل وجه».

ويخشى كثيرون أن تكون المنافسة قد انزلقت بسهولة إلى المواجهة، وسيكون من الحكمة العودة إلى شكل منظم من منافسة القوى العظمى. ويقول ماكورت إنه «يجب على الإدارة الأميركية أن تستمع إلى الأصوات الأخرى التي تم دفعها جانباً، لأن هذه الأصوات تقدم تفهمات مختلفة لمصالح أميركا، التي لاتزال ضد الصراع بشدة».

«إن مؤيدي ومنتقدي السياسة الأميركية تجاه الصين، يتفقون على أن التفكير الجماعي يؤدي إلى استراتيجية ضعيفة، سواء من خلال التقليل من شأن التحدي الصيني أو المبالغة فيه.»

«يخشى كثيرون أن تكون المنافسة بين واشنطن وبكين قد انزلقت بسهولة إلى المواجهة، وسيكون من الحكمة العودة إلى شكل منظم من منافسة القوى العظمى.»

 ?? ⬛ أرشيفية ?? التنافس الصيني - الاميركي انحرف كثيرا عن مساره.
⬛ أرشيفية التنافس الصيني - الاميركي انحرف كثيرا عن مساره.
 ?? ⬛ أرشيفية ?? كان القلق بشأن التطوّرات في الصين يكتسب قوة خلال فترة الولاية الثانية لأوباما.
⬛ أرشيفية كان القلق بشأن التطوّرات في الصين يكتسب قوة خلال فترة الولاية الثانية لأوباما.
 ?? ⬛ أ.ب ?? ترامب للأمن القومي بدأ العمليات البيروقراط­ية للتعامل مع الصين واستمرت فيها الإدارة اللاحقة.
⬛ أ.ب ترامب للأمن القومي بدأ العمليات البيروقراط­ية للتعامل مع الصين واستمرت فيها الإدارة اللاحقة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates