«اإلمارات لإلفتاء الشرعي» يدعو إلى تجُّنب التشدد في المحتوى الموجه للمرضى
دعــــا املــلــتــقــى الــعــلــمــي الـــرمـــضـــاين الـــــذي نــظــمــه مـجـلـس اإلمـــــــــــــــارات لـــــإفـــــتـــــاء الــــــشــــــرعــــــي، مـــــســـــاء أول مــــــن أمــــــــــس، يف أبوظبي، املؤسسات اإلفتائية إىل تجنب التشدد يف إصدار املـــحـــتـــوى اإلفــــتــــايئ املـــوجـــه لـــلـــمـــرىض، ومـــواكـــبـــة املــســتــجــدات العلمية عامة، والطبية خاصة، مع الحرص عى تجديد «أرشــــــيــــــف اإلفــــــتــــــاء الـــــطـــــبـــــي»، فـــيـــمـــا أوىص املــــلــــتــــقــــى بــــإطــــاق مبادرة لتأسيس لجان مشركة بن خراء الطب والشرع للتعامل مع أهم التحديات التي تخدم حال املرىض.
وتــفــصــيــا، نــظــم مـجـلـس اإلمــــــارات لــإفــتــاء الــشــرعــي، مـــســـاء أول مـــن أمـــــس، مــلــتــقــاه الــعــلــمــي الـــرمـــضـــاين الــثــاين تـحـت عــنــوان «الــفــتــاوى الـطـبـيـة املــســتــجــدة.. رؤيـــة حـضـاريـة وتطبيقات واقعية وقيم مستدامة» يف أبوظبي، بحضور رئـيـس الهيئة العامة للشؤون اإلسـامـيـة واألوقـــاف مدير عـــــــام مـــجـــلـــس اإلمـــــــــــــارات لــــإفــــتــــاء الـــــشـــــرعـــــي، الـــــدكـــــتـــــور عــمــر حبتور الدرعي، وعدد من املسؤولن من مختلف الجهات واملؤسسات يف الدولة.
وسعى امللتقى إىل تفعيل أدوات االجتهاد الحضاري مــــن خـــــال مـــواكـــبـــة املـــســـائـــل الــطــبــيــة املـــســـتـــجـــدة وتـــطـــوراتـــهـــا الواقعية وآثارها اإلنسانية وفق مناهج معتدلة من خال مناقشات موسعة أجراها عدد من الخراء املختصن من الكادرين الطبي والشرعي، بهدف بناء الفتاوى يف املسائل الـــطـــبـــيـــة عـــــى أســـــــس ســـلـــيـــمـــة وتــــــصــــــورات دقـــيـــقـــة تـــســـهـــم يف تــــعــــزيــــز جــــــــــودة الـــــحـــــيـــــاة، وتـــــحـــــافـــــظ عــــــى الــــصــــحــــة الــــعــــامــــة،
وترفع الحرج واملشقة عن أفراد املجتمع لتأدية عباداتهم بروح إيمانية وسكينة وطمأنينة.
وأكــــد مـــديـــر عــــام مــجــلــس اإلمـــــــارات لــإفــتــاء الــشــرعــي، الدكتور عمر حبتور الدرعي، يف كلمة االفتتاح، أن تعاليم الدين اإلسامي الحنيف ومبادئه العامة تحث عى حفظ مصالح األنفس واألجساد، والحرص عى صحة األجسام وتـقـويـم األبـــــدان، ورفـــع األســقــام واآلالم، فـالـصـحـة منبع الحياة، واستدامتها مطلب شرعي، مشددا عى أن هذه التعاليم واملبادئ هي السبيل لإفتاء السليم.
وقال الدرعي: «يأيت هذا امللتقى ضمن املشروع الذي دشنه مجلس اإلمارات لإفتاء الشرعي لتقديم مقاربات حــــضــــاريــــة يف الــــتــــكــــامــــل بـــــن املـــخـــتـــصـــن بــــالــــعــــلــــوم الـــشـــرعـــيـــة والعلوم الكونية يف كـل القضايا املستجدة، خصوصا أن العلوم الشرعية عموما واإلفتاء خصوصا يف زمن االزدهار الحضاري لم تكن معرقا للطب وعمل األطباء، بل قدم املختصون الشرعيون دائما رأي الطبيب وأوجبوا مشورته واحرموا التخصص إجاال للعلم واملعرفة».
وتـــــوّجـــــه الـــــدرعـــــي بـــالـــشـــكـــر الـــجـــزيـــل لـــلـــقـــيـــادة الــحــكــيــمــة لدولة اإلمارات وعى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عى الرعاية والـــعـــنـــايـــة بـــــاملـــــرىض، واســــتــــدامــــة الـــصـــحـــة وجــــــــودة الـــحـــيـــاة، وتقديم خدمات صحية وغذائية فائقة املستوى، داعيا إىل أهمية أن يغمر املجتمع املرىض بالرحمة، ويمأل مشاعرهم بــاملــودة والـسـكـيـنـة، ويـمـدهـم بـكـل مــا يحقق لـهـم التسلية واالسـتـجـمـام، بما يجر كسرهم ويـفـرج كربتهم، ويرفع مــــعــــنــــويــــاتــــهــــم ويـــــحـــــيـــــي فــــيــــهــــم األمــــــــــــل، مـــــــؤكـــــــدا أن الــــتــــشــــدد والقسوة يف هذا الباب جرم عظيم.
وتــــضــــمــــن املـــلـــتـــقـــى جـــلـــســـتـــن عـــلـــمـــيـــتـــن: األوىل حــمــلــت عنوان «نماذج من التطبيقات الطبية وأثرها عى صناعة الــــــفــــــتــــــوى»، نـــــاقـــــش خــــالــــهــــا عــــــــدد مــــــن املــــخــــتــــصــــن الـــطـــبـــيـــن والشرعين والقانونين محورين مهمن يف املجال الطبي والــــشــــرعــــي والـــــقـــــانـــــوين، هـــمـــا «املــــــــوت الــــدمــــاغــــي واإلنــــعــــاش الكهربايئ.. استيعابه العلمي والقانوين وفق رؤية إفتائية حضارية»، و«غسيل الكى.. تصوراته العلمية وأحكامه اإلفتائية وآثاره عى الصيام».
وتـــنـــاولـــت الــجــلــســة الــثــانــيــة لـلـمـلـتـقـى مـــوضـــوع «املــنــهــج اإلفتايئ الحضاري يف املسائل الطبية املستجدة»، متضمناً ثاثة محاور رئيسة، شملت: «الفتوى يف املسائل الطبية بــــن الــــتــــطــــورات والـــســـيـــاقـــات الـــواقـــعـــيـــة الــعــلــمــيــة، وأهــمــيــة االجتهاد املؤسيس يف املسائل اإلفتائية الطبية املستجدة، واملنهجية العلمية يف املسائل الطبية اإلفتائية من منطلق وثيقة أبوظبي يف االستيعاب الشرعي».
وأكد املشاركون أن مقاصد األديان جعلت من حفظ األنــــفــــس واســــتــــدامــــة جــــــودة الـــحـــيـــاة وصـــحـــتـــهـــا ضــــــــرورة مـن الضروريات الكرى، ومؤثراً رئيساً يف إنتاج الفتوى، ومن ثم يجب استصحاب هذا األصل يف الفتاوى الطبية لضمان سامتها، مشددين عى ضرورة االعتناء بالفتاوى الطبية املــــتــــعــــلــــقــــة بـــــالـــــصـــــيـــــام، واســـــتـــــيـــــعـــــاب مــــســــائــــلــــهــــا، والـــــنـــــظـــــر يف مستجداتها من خال التصور العميق املبني عى األسس والـــضـــوابـــط الــعــلــمــيــة، وتــقــديــم الــتــوعــيــة اإلفــتــائــيــة بــأحــكــام املــــــــريــــــــض خــــــصــــــوصــــــاً الـــــــصـــــــائـــــــم، تـــــحـــــقـــــيـــــقـــــاً ملــــــقــــــاصــــــد الــــتــــيــــســــري والسماحة يف أداء العبادات املستمدة من ديننا الحنيف.
كما خلص امللتقى إىل أن رأي األطباء املتخصصن يعد مـــــن املـــــرتـــــكـــــزات األســــاســــيــــة يف صـــنـــاعـــة «الــــفــــتــــوى الـــطـــبـــيـــة»، وذلــــك عــر الـتـكـيـيـف الـسـلـيـم والـتـشـخـيـص الـصـحـيـح الــذي يعتمد عـى مـشـورة هــؤالء األطــبــاء، مـع األخــذ يف االعتبار اســـتـــيـــعـــاب واقــــــع املــــريــــض املـــفـــي إىل تـــرســـيـــخ قـــيـــم الـــرفـــق، واألمل، وتجنب التشدد يف إصدار املحتوى اإلفتايئ املوّجه لــلــمــرىض، داعـــيـــا املــؤســســات اإلفــتــائــيــة إىل ضـــــرورة مـواكـبـة املـــســـتـــجـــدات الـــعـــلـــمـــيـــة عــــامــــة، والـــطـــبـــيـــة خــــاصــــة، وتـــجـــديـــد «أرشـــــــيـــــــف اإلفـــــــتـــــــاء الـــــطـــــبـــــي» بـــــاعـــــتـــــبـــــار الــــــتــــــغــــــريات الـــــطـــــارئـــــة، واملــــــــــــؤثــــــــــــرات الــــــواقــــــعــــــيــــــة املـــــبـــــنـــــيـــــة عــــــــى الــــــــتــــــــطــــــــورات الــــعــــلــــمــــيــــة والدراسات املعاصرة.
الدكتور عمر الدرعي: الملتقى يقدم مقاربات حضار ية في التكامل بين المختصين بالعلوم الشرعية والكونية في القضايا المستجدة.