Forbes Middle East (Arabic)

مُعلم العطاء

اتجه "جاك ما" بعد عمله في التدريس إلى اقتحام عالم الإنترنت، ليؤسس شركة علي بابا للتجارة الإليكترون­ية في عام 1999. والآن وبعد أن حوَّلها إلى إمبراطوريةٍ عظمى قرر أغنى أثرياء الصين التحوُّل إلى العمل الخيري مستندًا إلى ثروة تتجاوز قيمتها 83 مليار دولار.

-

اتجه "جاك ما" بعد عمله في التدريس إلى اقتحام عالم الإنترنت، ليؤسس شركة علي بابا للتجارة الإليكترون­ية في عام 1999. والآن وبعد أن حوَّلها إلى إمبراطوريةٍ عظمى قرر أغنى أثرياء الصين التحوُّل إلى العمل الخيري مستندًا إلى ثروة تتجاوز قيمتها 83 مليار دولار.

يقول “جاك ما”: “ينظر الناس لي باعتباري أحد أغنى الأثرياء في الصين، إلا أنني لا أنظر لتلك الثروة باعتبارها أموالي، بل هي أموالٌ ائتمنني الناس عليها، وأنا أرغب في إنفاقها بأفضل وأذكى طريقةٍ ممكنة”، ويشرح “ما” اتجاهه الجديد للتركيز على الأعمال الخيرية، وذلك خلال مقابلته الحصرية مع فوربس آسيا في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد عامٍ من إعلانه تنحيه عن منصب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لمجموعة “علي بابا” الذي قضى فيه عقدين من الزمن، عمل خلالهما على بناء عملاق الإنترنت التي تعمل من مدينة هانغتشو الصينية، قبل أن يتنحى ويسلِّم المنصب إلى “دانيال تشانغ " الرئيس التنفيذي الحالي للشركة.

وكتب “ما” في خطابٍ موجهٍ إلى حملة الأسهم والعالم قائلًا: “سأكرِّس مزيدًا من الوقت والجهد للتعليم والأعمال الخيرية والبيئة”، وقال لـ “ستيف فوربس” خلال مؤتمر فوربس للرؤساء التنفيذيين العالميين الذي عقد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في سنغافورة، بعد تلقيه جائزة ‪Malcolm S. Forbes(‬ ‪Lifetime Achievemen­t‬ ) مباشرةً: “في يوم احتفال مجموعة “علي بابا” بالعيد العاشر لتأسيسها، بدأت التفكير في أنني يجب أن أستعد لتقاعدي، وفي ذلك اليوم، اتخذت قراري بأنني سأرحل في العيد العشرين، وتحديدًا في يوم 10 سبتمبر/أيلول 2019.”

ويبدأ “ما” 55- عامًا- صفحةً جديدةً من مسيرته المهنية، مقتحمًا مجالًا لديه فيه خبرةٌ جيدةٌ بالفعل، وكمثالٍ على ذلك، طالما امتلكت مجموعة “علي بابا” برامج متعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، فقد أطلقت المجموعة عام 2006 أول مؤسساتها للأعمال الخيرية لمساعدة الأمهات المحرومات في الصين، والتي أطلق عليها اسم برنامج الأم النموذجية، وحصلت حوالي 20 ألف أمٍّ حتى الآن على تدريبٍ مجاني وتمويلٍ لتصبحن رائدات أعمالٍ عبر الإنترنت.

وقدمت الشركة التزامًا كبيرًا عام 2010، عندما بدأت في تخصيص نسبة %0.3 من إيرادات المجموعة للأعمال الخيرية. وبعد عامين، أنشأت "مؤسسة علي بابا” لتدير جهودها في الأعمال الخيرية. وحققت المجموعة إيرادات تبلغ 56 مليار دولار للعام المالي 2019، ما يعني أن نسبة %0.3 ستصبح 168 مليون دولار )لا تفصح مجموعة علي بابا عن الرقم الفعلي(.

وبدأت أعمال “ما” الخيرية الخاصة عام 2014، عندما أسس “مؤسسة جاك ما”، وقام في شهر أبريل/نيسان من ذلك العام -أي قبل الطرح العام الأول لشركة علي بابا في بورصة نيويورك بستة أشهر- بتخصيص خيارات أسهمٍ تبلغ 35 مليون سهم لصالح مؤسسته، وتمتلك المؤسسة الآن 23 مليون سهم من مجموعة “علي بابا”، تبلغ قيمتها حوالي 4.6 مليار دولار.

وقامت المؤسسة نفسها بتوزيع ما لا يقل عن 300 مليون دولار منذ تأسيسها، وذلك وفقًا للأرقام التي أعلنتها مجموعة “علي بابا”. على سبيل المثال، تعهدت المؤسسة بتقديم 14 مليون دولار خلال العام الحالي لحماية المناطق الرطبة في مدينة هانغتشو. ويأتي أغلب التمويل المقدم لمشاريعها من المؤسسة نفسها، إلا أنها تقبل التبرعات الخارجية الصغيرة للمساعدة في بعض المشاريع.

كما انضمت المؤسسة إلى مؤسستي: Alipay( Foundation) و‪Joe Tsai Foundation(‬ ) في شهر يوليو/تموز الماضي في تعهد بدفع 143 مليون دولار على مدار 10 أعوامٍ لدعم تطوير كرة القدم النسائية في الصين، وتشكِّل مؤسسة ‪Alipay Foundation(‬ ) جزءًا من شركة ‪Ant Financial(‬ ) التابعة لمجموعة علي بابا، ويموِّل مؤسسة ‪Joe Tsai Foundation(‬ ) جوزيف تساي، الشريك المؤسس لمجموعة علي بابا.

وبالإضافة لعملها في الصين، تساعد المؤسسة على علاج القضايا المختلفة في إفريقيا وأستراليا والشرق الأوسط، ويرغب “ما” في أن تُحدث مؤسسته أكبر تأثيرٍ ممكن، ويقول: "يتعلق العمل الخيري بالفاعلية أيضًا، إذا كان بإمكانك إنفاق 3 دولارات، لماذا تنفق 5 دولارات؟ وإذا كان بإمكانك إنهاء العمل خلال ساعتين، فلماذا تستغرق أربع ساعات؟ لقد تعلمت كيف أدير مؤسسةً خيريةً بنفس الطريقة التي تعلمت بها إدارة الشركات”.

ويرغب “ما” أيضًا في تشجيع روح العمل الخيري عند الآخرين،

وقال في مؤتمر الأعمال الخيرية المنعقد في مدينة هانغتشو تحت رعاية مجموعة “علي بابا” عام 2016: “لن يتغير العالم لأنك تبرعت بالأموال، لكنه سيتغير إذا تغير قلبك، لن تتمكن -مهما فعلت- من إنقاذ جميع الفقراء وشفاء جميع الأمراض، لكنك تستطيع إيقاظ التعاطف داخل العالم أجمع”.

وستركز أعمال "ما " الخيرية على الصين بشكلٍ أساسي في الوقت الحالي، كما يهتم المعلم السابق بشكل خاص بتحسين التعليم في المناطق الريفية والفقيرة في بلده، حيث تعهدت مؤسسته بالفعل بدفع مبلغ 75 مليون دولار لتدريب المعلمين والمدراء، إلى جانب الجهود التعليمة الأخرى.

تشهد الأعمال الخيرية صعودًا في الصين، إلا أن "ما " يقول: إنه لا يزال هناك الكثير الذي يمكن القيام به، ويكمن أحد الأسباب وراء تركيزه على الصين، في رغبته في تطوير واختبار الأفكار في الصين أولًا، ثم تطبيقها في أي مكانٍ آخر من العالم، ويتمثل دافعه الآخر في اعتقاده بأن الصين قادرةٌ على فعل المزيد باعتبارها ثاني أكبر اقتصادٍ في العالم، ويقول "ما ": "تتمتع الصين بثقافةٍ عظيمةٍ بالنسبة للإحسان، إلا أنها تحتاج إلى بناء ثقافة العمل الخيري "، ويرغب "ما " في تطوير برامج أكاديمية عن العمل الخيري في الصين، ويقول: "أرغب في تطوير دورةٍ مع إحدى الجامعات الصينية لتدريب الناس على طريقة القيام بالعمل الخيري "، كما قال في مؤتمر فوربس للرؤساء التنفيذيين العالميين: "أومن بأن الصين ستمتلك يومًا ما مئات الآلاف من رجال الأعمال الذين سيقومون ببناء مؤسساتهم الشخصية العاملة في الإحسان أو الأعمال الخيرية ".

ويشاركه آخرون وجهة النظر، ويقول "لورانس ليان "، الرئيس التنفيذي لمنصة ‪)Asia Philanthro­py Circle(‬ التي تعمل من سنغافورة، في تعليقاتٍ أرسلها عبر البريد الإلكتروني: "لازال فاعلوا الخير الآسيويون، وبخاصةٍ في الصين، ينتظرون بترقبٍ شديد، ليروا ما الذي سيفعله "جاك ما " بأعماله الخيرية، إن لديه فرصةً عظيمةً ليصبح قائدًا ونموذجًا يحتذى به في هذا المجال ".

ويقول “ما”: إنه يأمل أيضًا في دعم قضايا النساء، وقال أثناء وقوفه على منصة المؤتمر في سنغافورة: “إن الوصفة السرية لنجاح مجموع “علي بابا” هي أن %34 من القيادة العليا للمجموعة تتكون من النساء، اللاتي يشكلن %47 من موظفي المجموعة، أنا أحظى بدعم الكثير من النساء القويات، وأشعر بالامتنان الدائم لهن ".

إذًا ما هي خطوة “ما” التالية باعتباره فاعل خير؟ أولًا، سيجري بعض الأبحاث وفقًا لما كتبه في خطابه المفتوح العام الماضي الذي قال فيه: “لن أسمح لنفسي بالجلوس بلا عمل، سأكون قادرًا هذه المرة على

استغراق الوقت الكافي لاختيار قضايا مثيرة للاهتمام وذات مغزىً، أشعر بالحماس نحوها "، وشرح ذلك في مقابلته قائلًا: "أنا لست في عجلةٍ من أمري، أرغب في السفر حول العالم وزيارة العديد من البلدان على مدى عامٍ كامل، والتحدث إلى وزراء التعليم والمدارس والمعلمين، ومع من يملكون أفكارًا رائعة ".

زار “ما” غانا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ليكون أحد الحكام في أول مسابقةٍ إفريقية لجوائز ،)Netpreneur( التي تقام تحت رعاية مؤسسته. وبُثَّت إجراءات المسابقة في جميع أنحاء القارة، في إطار برنامج “أبطال الشركات الإفريقية”، الذي يهدف إلى نشر روح ريادة الأعمال في إفريقيا، ويقول “ما”: “إذا كنَّا قادرين على اكتشاف

ومساعدة المزيد من أمثال "جاك ما” و”بيل غيتس” و”وارن بافت”، فستصبح إفريقيا مختلفة”.

وتمتلك “مؤسسة جاك ما” مكتبًا واحدًا فقط، ويعمل لديها أقل من 30 موظفًا بدوامٍ كامل، وقد يبدوا هذا الرقم صغيرًا، لكن عليك أن تتذكر أن “ما” صرَّح لفوربس عام 2000، عندما كان عدد العاملين لدى مجموعة “علي بابا” لا يتعدي 150 موظفًا، أنه ينوي أن يجعل المجموعة أحد أعلى 10 مواقع على الإنترنت في العالم، وعند سؤاله عن مكانة مؤسسة “جاك ما” خلال 5 أعوام، اتضح أن “ما” يخطط للمستقبل بالفعل، وقال: “ستكون مؤسسةً مرموقةً، تقوم بالأمور بطريقةٍ فعالة".

 ??  ?? بقلم: جوستين دوبيل
بقلم: جوستين دوبيل
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ?? جاك ما يُغني في حفل العيد السنوي العشرين لموقع علي بابا )أعلى( جاك ما )وسط( مع زملاء العمل الذين بدأوا مع موقع علي بابا منذ أيامه الأولى )يسار( ستيف فوربس يُسلِّم "جائزة مالكولم فوربس لإنجاز العمر" إلى جاك ما في المؤتمر الدولي للرئيس التنفيذي لفوربس الذي أقيم في سنغافورة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي )أسفل(.
جاك ما يُغني في حفل العيد السنوي العشرين لموقع علي بابا )أعلى( جاك ما )وسط( مع زملاء العمل الذين بدأوا مع موقع علي بابا منذ أيامه الأولى )يسار( ستيف فوربس يُسلِّم "جائزة مالكولم فوربس لإنجاز العمر" إلى جاك ما في المؤتمر الدولي للرئيس التنفيذي لفوربس الذي أقيم في سنغافورة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي )أسفل(.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates