السياحة العلاجية ودورها في إنعاش قطاع الضيافة الخليجي بقلم: مايا ويتيلي

تُعد السياحة من العوامل الرئيسية الدافعة للنمو الاقتصادي في المنطقة، والآن، أصبح هناك آفاقٌ جديدةٌ قد تكون سببًا في تحول نسبةٍ كبيرةٍ من السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي إلى سياحةٍ علاجية كما حدث حول العالم.

وبإلقاء نظرةٍ سريعةٍ على أرقام الدراسة التي أجراها مرصد الاقتصاد العلاجي العالمي 2018 التابع لمنظمة غلوبال ويلنس، ازدادت إيرادات السياحة العلاجية بنسبة 13.5% خلال الفترة من 2015 حتى 2017 لتسجل إجمالي 639.4 مليار دولار وهي ضعف نسبة زيادة إيرادات قطاع السياحة بأكمله البالغة 6.4%. إجماليًا، بلغ عدد الرحلات العلاجية حوالي 830 مليون رحلة على مستوى العالم في 2017 وهو أكثر من عدد رحلات 2015 بواقع 139 مليون رحلة، لتستحوذ على نسبة 16.8% من إيرادات قطاع السياحة بأكمله. ومن المُتوقع أن تصل قيمة سوق السياحة العلاجية إلى 808 مليارات دولار بحلول عام .2020

والآن، يلبِّي قطاع الضيافة الطلب المتزايد على السياحة العلاجية مع التركيز على الصحة العقلية إلى جانب الصحة الجسدية. ويسعى معظم السائحون الآن إلى خوض رحلاتٍ تمكِّنهم من تغيير نمط حياتهم وتحسين صحتهم، ولهذا يلجأون إلى عدة أماكن، بدءًا من الفنادق الصحية وصولًا إلى المنتجعات العلاجية والمراكز الصحية. ويجذب قطاع السياحة العلاجية عددًا كبيرًا من السائحين أكثر من أي وقتٍ مضى، ومن ثم، يرفع من إيرادات قطاع السياحة بشكلٍ عام في المنطقة.

في الشرق الأوسط، تأتي الإمارات العربية المتحدة في مقدمة أفضل وجهات السياحة العلاجية حيث تستقبل 1.8 مليار رحلة سياحةٍ علاجية وتحصد حوالي 3.7 مليار دولار سنويًا. ويدرك قطاع الضيافة فرصته في السياحة العلاجية جيدًا، ويظهر ذلك في العروض التي تقدمها الفنادق بانتظامٍ للسائحين العلاجيين.

ويدرس قطاع الضيافة الآن السياحة العلاجية كفرصةٍ للنمو، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير رغبات السائحين حول العالم. ومع صعود طبقةٍ متوسطةٍ مقتدرةٍ ترغب في إنفاق أموالها على تجارب مختلفة تُحسن من صحتها بدلًا من شراء سلعٍ مادية، ستزداد نسبة الاتجاه إلى رحلات السياحة العلاجية التي تهدف إلى تجديد الروح والعقل.

إلى جانب تغير عادات الإنفاق، يزداد نشاط وجهات السياحة العلاجية والمنتجعات الصحية بفضل التوتر والروتين الذي يواجهه أغلب العاملين حاليًا، الذين أصبحوا يدركون مخاطر التوتر والأمراض المزمنة أكثر من أي جيلٍ سابق. وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فقط، ازدادت إيرادات قطاع السياحة العلاجية بنسبة %13.3% في الفترة من 2015 إلى .2017

من العوامل الأخرى التي دفعت قطاع الضيافة إلى الاهتمام بسوق السياحة العلاجية، هو معدل الإنفاق المرتفع لهذه الفئة من السائحين، فقد ينفق السائح في هذه المنتجعات الصحية أكثر من السائح العادي بنسبة 61%. وقد ترتفع هذه النسبة إلى 164% إذا قارَّنا هؤلاء السياح بالسياح المحليين.

ومن بين دول مجلس التعاون الخليجي، تتمتع الإمارات العربية المتحدة والسعودية تحديدًا بقدراتٍ هائلة في قطاع السياحة العلاجية، ويتضح ذلك من مراجعة إيرادات المنتجعات السياحية في البلدين خلال 2017، فقد احتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة التاسعة عشرة عالميًا والأولى على مستوى دول المجلس بإجمالي إيراداتٍ بلغت 873.1 مليون دولار، تليها السعودية بإيراداتٍ بلغت 347.3 مليون دولار في العام نفسه.

من الواضح أن هناك فرصةٌ كبيرة للاستفادة من الاتجاه السائد نحو السياحة العلاجية، لكن العامل الأهم الذي سيساعد على تسريع النمو هو إدراك أوجه التعاون الجديدة بين ما كان يسمى قديمًا السياحة الطبية وبين قطاع الضيافة. ومع ازدياد الأمراض الناتجة عن الإجهاد، من الضروري أن يتعاون القطاعان ويزيدا من العروض المقدمة. لقد حقق هذا الأمر نجاحًا باهرًا على مستوى العالم وننتظر الأمر نفسه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

في الإمارات العربية المتحدة، تبذل كل من دبي وأبو ظبي جهودًا كبيرة حتى تصبح الإمارات مركزًا إقليميًا للسياحة العلاجية، وأطلقت دبي عدة مبادرات من خلال برنامجها "تجربة دبي الصحية " ضمن مشروعها "دبي، وجهة عالمية للسياحة العلاجية ". في الوقت نفسه، أطلقت أبو ظبي بوابةً إلكترونية للسياحة العلاجية توفر للزوار جميع العروض الطبية ومرافق الرعاية الصحية المتاحة خلال زيارتهم. ومع ذلك، إذا أضيفت باقات ضيافةٍ وعلاجٍ حسب الطلب إلى هذه العروض من خلال شراكات إستراتيجية، فقد يشهد القطاع نموًا هائلًا.

وكغيره من القطاعات، يرجع التحوُّل في قطاع السياحة إلى تغير سلوك المستهلك. ويعتمد نشاط السياحة العلاجية على تقديم العروض الشاملة التي تتناسب مع تغيُّر نمط حياة المستهلك. وإذا نجحت دول المنطقة في تحقيق هذا الأمر، فسيواصل القطاع نموه خلال السنوات القادمة.