المساحات الآمنة: ازدهار النساء في مراكز التكنولوجيا
ليس هناك وقتٌ مثاليٌّ أفضل من اليوم لازدهار رواد الأعمال التقنيين في المنطقة.
ليس هناك وقتٌ مثاليٌّ أفضل من اليوم لازدهار رواد الأعمال التقنيين في المنطقة.
إذا تساوى عدد رائدات الأعمال مع عدد رواد الأعمال في العالم، لارتفع إجمالي الناتج المحلي العالمي من 2.5 تريليوًنا إلى 5 تريليونات دولار، وفقًا للتقرير الصادر من شركة Boston Consulting Group( ) في يوليو/تموز الماضي. وبدأت منطقة الشرق الأوسط بالفعل في الاستفادة من هذه التوقعات، حيث توجد شبكةٌ واسعةٌ من مراكز التكنولوجيا تقدم مجموعةً متنوعة من الخدمات التي تشمل التمويل والتوجيه والاحتضان والتسريع وغير ذلك، لتشجيع الجيل الجديد من رواد الأعمال وإلهامه.
وبالنسبة لرائدات الأعمال اللاتي واجهن العقبات في الماضي للحصول على دعمٍ وتمويلٍ من القنوات التقليدية، تُقدم هذه المراكز طرقًا محددة بشكلٍ أكبر لتمكِّنهن من تحقيق النجاح. رجاء المزروعي، النائب الرئيس التنفيذي لدى DIFC Fintech Hive( ،) تقول: «يوجد الكثير من المؤشرات الإيجابية لريادة الأعمال بشكلٍ عام، ولريادة الأعمال النسائية بشكلٍ خاص، مدفوعةً بالنظام البيئي القائم على المؤسسات والمبادرات التي تركز على الشمولية والأداء في المنطقة».
برنامج DIFC Fintech Hive( ) هو مشروعٌ لمركز دبي المالي العالمي، ومسرِّعة أعمالٍ لشركات التكنولوجيا المالية في المنطقة، ومركزٌ يقدم منصة وصلٍ بين شركات التكنولوجيا المالية الناشئة وبين كبار الشركاء الماليين. ويضمن المشروع وجود شركةٍ ناشئةٍ تؤسسها أو تشارك في تأسيسها النساء ضمن مجموعات الشركات التي يدعمها، تقول المزروعي: «بهذه الطريقة، نحرص على حصول النساء على الفرصة والقدرة على النمو داخل النظام البيئي».
وبالإضافة إلى ذلك، أطلقت DIFC Fintech Hive( ) العام الماضي برنامجًا تسريعيًا للخدمات المالية حصريًا للنساء، وتخرَّج منه 9 سيداتٍ حتى الآن. تقول المزروعي: «لقد حقق البرنامج نجاحًا باهرًا، وأوصانا شركاؤنا بمواصلة هذه المبادرة، لذا قررنا تقديم البرنامج مرةً أخرى هذا العام، حيث نتوقع مضاعفة عدد الخريجات ليتراوح بين 18 إلى 21 خريجة».
وفي عاصمة الإمارات العربية المتحدة، نتج عن مجموعة المبادرات التي أطلقها سوق أبوظبي العالمي ADGM() إنشاء نظامٍ بيئيٍّ ابتكاري مزدهر، تدعمه اللوائح التنظيمية والأطر القانونية المتقدمة وحوافز الدعم وبرامج التمويل المناظر وبرامج التسريع وبناء القدرات. وأصبح سوق أبوظبي العالمي اليوم موطنًا لأكثر من 140 شركة تكنولوجيا ناشئةٍ محليةٍ وإقليميةٍ ودولية، وفقًا لميريام كيوان، العضو الأقدم في فريق ريادة الأعمال والابتكار في سوق أبوظبي العالمي.
وبكونه مركزًا ماليًا عالميًا، يقدم سوق أبوظبي العالمي نظامًا بيئيًا متكاملًا مع برنامجه لتقديم التراخيص التكنولوجية المتاحة لجميع الشركات ورواد الأعمال، وفقًا لنورا المهيري، المدير المساعد لدى إدارة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وعمليات الخدمات في سوق أبوظبي العالمي التي تقول: «كجزءٍ من هذا البرنامج، نحن نقدم برنامج دعم ريادة الأعمال مع ورش العمل والتوجيه. كما أن سوق أبوظبي العالمي يقدم العديد من برامج التدريب المخصصة للشركات عبر أكاديمية سوق أبوظبي العالمي ADGM Academy( )».
ومن بين الأنظمة البيئية للشركات الناشئة الجديدة في أبوظبي مركز Hub71() وهو المبادرة البالغ قيمتها 272.3 مليون دولار المقدمة من شركة مبادلة للاستثمار بدعمٍ من حكومة أبوظبي، وتم إطلاقها في مارس/آذار 2019. وأعلن المركز مؤخرًا اختياره ليكون الكيان المسؤول عن ترشيح رواد الأعمال للحصول على تأشيرة الأعمال التجارية كجزءٍ من نظام الإقامة الذهبية Golden Visa Program( ) المقدم من حكومة أبوظبي.
ويهدف المركز التقني إلى تشجيع ريادة الأعمال عبر حل أهم المشكلات الأساسية التي يعاني منها رواد الأعمال، وفقًا لجيدا عيتاني، رئيس التسويق والاتصالات بالمركز. ويبدو أن الشركات الناشئة التي تقودها السيدات استجابت بشكلٍ إيجابي لبرنامج حوافز المنصة التقنية Incentive Program( ،) الذي يقدِّم إقامةً مجانيةً ومساحاتٍ مكتبيةٍ ورعايةٍ صحية بنسبة 50% أو 100% حتى ثلاث سنوات. تقول عيتاني: «في الربع الأخير من العام الماضي، تقدم للانضمام لبرنامج حوافز مركز ) Hub71) 348 شركةً ناشئةً من 47 دولةً مختلفة. 37% من هذه الشركات الناشئة أسستها النساء، وهذا مؤشرٌ واعدٌ على ما نتوقعه في المستقبل».
وكانت شركة رأس المال الاستثماري Global Venture( ) التي أسستها نور سويد من بين هذه الشركات التي وجدت مقرًا لها في مركز )Hub71،) وهي الآن الشريك العام بالشركة. وتقول سويد إن مركز )Hub71) هو منصة تحويلية لأنه يوفر مجالًا للشركات الناشئة والشركات الاستثمارية الإقليمية للتوسع إلى العالم. تقول سويد: "أبوظبي مدينة عالمية، فهي تقع في قلب المنطقة، وتقدم بنية تحتية على مستوى عالمي، وسرعان ما ستصبح مركزًا لرؤوس الأموال والمواهب".
وتشير عيتاني إلى وجود العديد من نماذج رائدات الأعمال الملهمات
اللاتي يُعتبرن قدوةً لغيرهن في مركز )Hub71،) ومن بينهن نور سويد مؤسس شركة Global Ventures( ،) وعلا دودين المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة BitOasis(،) وإنجي نجيب المدير المالي والشريك المؤسس لشركة Furnwish(.) تقول عيتاني: «لا يوجد وقتٌ أفضل من الآن لتصبحين من رائدات الأعمال التقنيين في أبوظبي».
ووفقًا لشركة PayFort(،) تتفوق الإمارات العربية المتحدة على الولايات المتحدة فيما يتعلق بالشركات اللاتي تقودها النساء، وتحقق إيراداتٍ تتجاوز 100 ألف دولار. وتقول عيتاني: «في الإمارات العربية المتحدة، من المتوقع أن تنمو هذه الإحصاءات لا سيما بعد أن قدمت الحكومة تأشيرات إقامةٍ مدتها خمس سنوات أو 10 سنوات لرواد الأعمال والمستثمرين، ما يعني أنه أصبح بإمكان السيدات اليوم رعاية عائلاتهن، مع حصول المؤسِّسات السيدات على المزيد من عوامل الأمان».
وتقدم المزروعي التوجيه والإرشاد لستِّ سيداتٍ ضمن النظام البيئي لبرنامج DIFC Fintech Hive( ،) وفيما يتجاوزه. كما أنها عضوٌ في المجلس الاستشاري لفعالية )Money 20/20 ) الرائدة في قطاع المدفوعات والتكنولوجيا المالية والخدمات المالية، وعضوٌ في إحدى لجان الفعالية التي تحمل اسم .)Rise Up( وتقول: «نحن نختار النساء ونقدم لهن التوجيه، وننظم لهن ورش العمل الخاصة، بهدف مساعدتهن على فهم التحديات الماثلة في قطاع الخدمات المالية بشكلٍ أكبر، وكيفية تجاوزها، وكيفية بناء شبكات العلاقات القوية».
وبدورها، استضافت فعالية فينتك أبوظبي FinTech Abu Dhabi( ) -التي ينظمها سوق أبوظبي العالمي بدعمٍ من منصة الابتكار العالمية Unbound(-) اثنتين من 4 شركات «يونيكورن» في مجال التكنولوجيا المالية بتشجيعٍ من الشريكات المؤسِّسات في عام 2019. تقول ميريام كيوان: «من شأن مثل هذه المبادرات تعزيز نمو ريادة أعمال التقنية لكلٍّ من الرجال والنساء في الأعوام المقبلة».
وتقول عيتاني: «عبر تحديد المشكلات التي تعاني منها النساء وإيجاد الحلول لها من خلال الجهود النسائية، سنشهد ظهور المزيد من القطاعات الجديدة وفرص النمو الاقتصادي. وعلى سبيل المثال، يعد قطاع التكنولوجيا النسائية الذي يُلبِّي طلبات الرعاية الصحية النسائية مجالًا واعدًا، بجانب السعي نحو توفير المزيد من منتجات الذكاء الاصطناعي الأكثر اتزاًنا وتلقائيةً والتي عملت السيدات المبرمجات على برمجتها لتكون ملائمةً للمستخدمين من النساء، مما يقلل من حجم التحيز القائم على النوع، ويؤدي في النهاية إلى زيادة نمو الشهية الاستهلاكية».
يختار المزيد والمزيد من النساء اليوم العمل الحر المرن أكثر من العمل المؤسسي التقليدي. وتعاونت شركة WeWork() مع مركز )Hub71) الذي اتخذته مقرًا لها، لافتتاح مجتمعٍ مشتركٍ لها مع المركز التقني تحت اسم )WeWork x Hub71 ،) حيث توفر المساحات المكتبية للأعمال الحرة والشركات الحاصلة على التمويل الأوَّلي والشركات التي لا تزال في مراحلها الأوَّلية بجانب الشركات
الناشئة الصاعدة التي لا تزال في مراحل النمو. وتقول عيتاني: «لذلك، نحن نأمل أن تقدم أبوظبي مجموعةً قويةً من رائدات الأعمال التقنيين في المستقبل». كما أشارت المزروعي أيضًا إلى وجود عددٍ متزايدٍ من صناديق الاستثمار المخصصة للاستثمار في الشركات التي شاركت النساء في تأسيسها، مثل: )Women Angel Investors Network( وWoMena() وMindshift(.)
وعلى الصعيد العالمي، وقع برنامج DIFC Fintech( Hive) عددًا من مذكرات التفاهم مع 16 ولايةً قضائيةً خاصة بالتكنولوجيا المالية. وتقدم هذه الشراكات علاقاتٍ قويةٍ ومهمة وفرصًا لتقاسم المعرفة. وتشمل هذه الاتفاقات القيام بالزيارات المتبادلة، التي تستهدف تبادل المعرفة والتجارب. وخلال هذه الزيارات سيصطحب كل مركزٍ معه مجموعةً من الشركات الناشئة المشاركة، حيث يمكنها تقديم العروض والأفكار للمجتمع المحلي.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، استضاف برنامج DIFC Fintech Hive( ) وفدًا من سنغافورة،
ومعه 10 شركاتٍ مدعوة لعرض تكنولوجياتها على المجتمع الإماراتي. كما استضافت أيضًا وفدًا سعوديًا من أجل الهدف نفسه. ويخطط برنامج )DIFC Fintech Hive( العام الجاري لإطلاق حملةٍ دوليةٍ لتقديم الفرص العالمية للشركات الناشئة المحلية. وعلاوةً على ذلك، يستضيف المركز حفل إفطارٍ شهريًا يُدعى إليه الخبراء في المجال للتحدث للشركات الناشئة، ومن بينهم الأساتذة من كليات الأعمال العالمية الرائدة وقادة الشركات أو المتحدثين الملهمين. وتحظى هذه المؤتمرات الشهرية بشهرةٍ في القطاع حيث يحضرها ما يتراوح بين 80 إلى 100 ضيف، وفقًا للمزروعي التي قالت: «بهذه الطريقة، نحن نخلق المزيد من الوعي، ونحقق تفاعلًا في المجتمع، ونتعلم من بعضنا البعض».
تكتسب الشركات الناشئة في القطاع القوة عامًا بعد عام، وتعمل على مواجهة تحدياتٍ أكبر. تقول سويد: «بالإضافة إلى ذلك، يتمتع المزيد والمزيد من رواد الأعمال اليوم بعقليةٍ عالميةٍ وقابليةٍ للتكيُّف، وهذا هو المسار الطبيعي في تطوير أي نظامٍ بيئي».