Forbes Middle East (Arabic)

قيادة التطوير

السعيد، ناديا الرئيس التنفيذي لبنك الاتحاد، رسمت مسارًا طموحًا للمصرف الأردني عبر دفعه في اتجاهاتٍ جديدة في ظل سعيها لتحدي كبار المنافسين في القطاع.

- BY ‪SAMUEL WENDEL‬

إذا ذهبت إلى أحد فروع بنك الاتحاد في الأردن فلن تجده مزدحمًا مثل السابق، لكن السبب وراء ذلك ليس خسارة المصرف للعملاء. تقول ناديا السعيد، الرئيس التنفيذي للمصرف: «منذ إطلاقنا التطبيق الهاتفي انخفضت نسبة زيارة العملاء للفروع إلى 50%»، حيث توجه العديد من العملاء اليوم إلى إجراء المعاملات المصرفية عبر الإنترنت، بدءًا من إدارة بطاقات الائتمان مرورًا بدفع الفواتير ووصولًا إلى إنشاء الحسابات البنكية الجديدة، وذلك كله دون أن تطأ أقدامهم أي فرعٍ للبنك.

استثمر المصرف الكبير -الذي يعد رابع أكبر مصرف في الأردن من حيث إجمالي الأصول- بشكلٍ هائلٍ في عمليات الصيرفة الرقمية خلال العامين الماضيين، ويشمل ذلك إطلاق تطبيقٍ جديدٍ العام الماضي يستخدمه 85% من عملاء البنك بصورةٍ يومية، ويُعد ذلك كله جزءًا من أهداف ناديا السعيد لجعل بنك الاتحاد أقوى بنكٍ لخدمات الصيرفة الرقمية في الأردن خلال السنوات المقبلة.

التركيز على الصيرفة الرقمية يُعد أحدث مثالٍ للنهج الذي تتخذه السعيد في رسم المسار الطموح لبنك الاتحاد، عبر دفع المصرف في اتجاهاتٍ جديدةٍ في ظل سعيه للتوسع في القطاع المالي بالأردن. وحتى الآن، ساعدت هذه الخطوة بنك الاتحاد على النمو في القطاع المالي شديد التنافس في الدولة، ودفعته لتحدي المناخ الاقتصادي، وزادت الأصول القائمة تحت قيادة السعيد بما يتجاوز أربعة أضعافها على أساسٍ موحد، مع زيادة الحصة السوقية. ولم يقدم بنك الاتحاد بعد تقاريره لعام 2019، إلا أن صافي الأرباح في عام 2018 ارتفع إلى 58 مليون دولار، أي أنه حقق زيادةً بنسبة 18% مقارنةً بعام 2017. بينما ارتفعت حصته السوقية من إجمالي ودائع العملاء في الأردن إلى 8.8% بعد أن حقق نموًا سنويًا للودائع بنسبة 12.6% خلال السنوات الخمسة الماضية. تقول السعيد: «فيما يتعلق بالنتائج، لقد حققنا نموًا هائلًا».

ومنذ توليها منصب الرئيس التنفيذي عام 2008، بذلت السعيد الجهد لتنويع أعمال المصرف، عبر توجيه تركيز البنك بعيدًا عن جذوره عند تأسيسه عام 1978 كمؤسسةٍ مصرفيةٍ صغيرةٍ تركز على العمل مع الشركات. ولا يزال العملاء من الشركات جزءًا مهمًا من أعمال المصرف، لكن بنك الاتحاد أرسى وجوده أيضًا قي قطاع التجزئة المصرفية، مع إطلاقه 49 فرعًا و119 جهاز صرافٍ آلي في جميع أنحاء الأردن، بالإضافة إلى توسيع نطاق أعماله ليصبح شريكًا مهمًا للشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في المنطقة. كما ركزت السعيد على تلبية احتياجات العملاء من النساء، حيث لا يحظى هذا السوق بخدماتٍ كافية في الأردن، وأصبح النساء يشكلن اليوم 36% من عملاء البنك.

وتقول هيك هارمغارت، المدير الإداري لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD() لمنطقة جنوب وشرق البحر المتوسط: «إنهم

يعملون بصورةٍ شاملةٍ على تنمية المنتجات، وهو الأمر الذي يتماشى مع ما نحاول تحقيقه باعتبارنا أحد بنوك التنمية». وعمل بنك EBRD() عن قربٍ مع بنك الاتحاد لسنواتٍ طويلة، بما في ذلك تقديمه القرض الثانوي البالغ 30 مليون دولار عام 2019 لدعم بنك الاتحاد في تحقيق خططه للنمو وتوسيع قدراته الإقراضية، مع التركيز على زيادة التمويل المقدَّم للشركات الصغيرة.

وجاءت الخطوة الرئيسية الأخرى لبنك الاتحاد عام 2017، حيث أتم صفقة استحواذٍ على أغلبية الأسهم في بنك الأردن دبي الإسلامي، الذي اتخذ اسمًا جديدًا له وأصبح بنك الصفوة الإسلامي. وكانت خطوةً طبيعية لبنك الاتحاد في ظل سعيه لتوسيع وجوده في القطاع، لا سيما مع صعوبة التوسع الجغرافي بسبب عدم الاستقرار في الأسواق المجاورة. تقول السعيد: «علمنا حينها أن هذه فرصةً جيدة»، وتحتل السعيد المركز 50 في قائمة فوربس الشرق الأوسط لأقوى سيدات الأعمال في المنطقة.

ورغم ذلك، لا يزال بنك الاتحاد صغيرًا مقارنة بأكبر مؤسستين مصرفيتين في الأردن، وهما: البنك العربي وبنك الإسكان. وهناك منافسةٌ شديدةٌ في القطاع بصورةٍ عامة، مع وجود أكثر من 20 مصرفًا تعمل على تقديم الخدمات لسكان الأردن البالغ عددهم حوالي 9.7 مليون نسمة. تقول السعيد: «الأردن بها الكثير من البنوك بما يتجاوز حاجة سكانها وقدراتها الاقتصادية».

وفي ضوء هذه الخلفية، أصبحت تنمية القدرات الرقمية هي أساس أعمال بنك الاتحاد اليوم، وفقًا للسعيد التي تعتقد أن ذلك سيتيح للبنك إمكانية التوسع وتحدي المنافسين بطريقةٍ لم تكن ممكنةً من قبل. وسابقًا، كانت البنوك تركز على توسيع الفروع التقليدية لمنافسة المؤسسات الكبيرة الأخرى، ووفقًا للسعيد، بدأ هذا الأمر في التغيُّر مع زيادة تأثير التقنيات الجديدة على توقعات العملاء وتوفير طرقٍ جديدةٍ للنمو.

وبالفعل نجحت رؤية السعيد، فبالرغم من عدم توافر الأرقام الدقيقة في الوقت الحالي، إلا أن تطبيق بنك الاتحاد تم تنزيله أكثر من 100 ألف مرة على هواتف Android() وحدها –وهو عدد التنزيلات نفسه لتطبيقات البنك العربي وبنك الإسكان– وتفوَّق في ذلك على المنافسين المحليين الآخرين الذين لم تتجاوز تنزيلات تطبيقاتهم هذا المستوى، وفقًا للإحصاءات المقدمة من متجر ‪Google Play Store(‬ .)

ولا يزال بنك الاتحاد يعمل على تحقيق هذا التحول نحو الصيرفة الرقمية، إلا أن السعيد تحرص على جعل المصرف من أهم الجهات الفاعلة العاملة على التغيير في القطاع. وكثيرًا ما تشير إلى بنك الاتحاد بكونه «بنكًا متحديًا للسوق» في إشارةٍ منها إلى الكلمة الرائجة في القطاع المالي التي تصف موجة البنوك الابتكارية الناشئة المنافسة للمؤسسات المالية القائمة. وتقول السعيد: «أعتقد أننا كنا بنكًا متحديًا للسوق منذ البداية».

وتتمتع السعيد بالخبرة الواسعة في القطاع، حيث قادت بنك الاتحاد لمدةٍ تزيد عن ربع تاريخه، مرسِّخةً مكانته ضمن أهم الجهات الفاعلة في القطاع المالي الأردني. بجانب تمتعها بسيرةٍ ذاتيةٍ مبهرة حتى قبل أن تصبح الرئيس التنفيذي للبنك.

مدير بمنصب الاتحاد، بنك في بدأت السعيد مسيرتها المهنية

"ثقافة البنوك تقوم بنسبة 100% على مدى الجدارة والشفافية وتقديم الفرص المتكافئة للجميع".

والصورة المؤسسية للبنك عام 2011.

وبجانب التوجه نحو مجال التجزئة، وضع البنك القطاعات التي لا تتوافر بها الخدمات الكافية في السوق الأردنية صوب عينه، حيث رأت السعيد وجود فرصةٍ سانحةٍ في تطوير المنتجات والخدمات المالية التي تستهدف النساء. ورغم أن الأردن يزخر بنسبةٍ كبيرةٍ من السيدات المتعلمات، لكنهن لا يساهمن سوى بنسبةٍ ضئيلة للغاية في اقتصاد الدولة. تقول السعيد: «يعد ذلك فرصةً رائعةً لنا». الحصول على الخدمات المصرفية يعتبر مشكلةً بشكلٍ عام، حيث لا تمتك سوى 27% من النساء في الأردن حساباتٍ بنكية، مقارنةً بنسبة الرجال البالغة 53%، وفقًا للتقرير الصادر من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

لذا، أطلق بنك الاتحاد عام 2014 برنامج «شروق»، وهو برنامج الشمول المالي الأول من نوعه الذي يقدم المنتجات والخدمات المخصصة للنساء. ويشمل الخدمات جميعها، من حسابات الادخار وتقديم قروض المشاريع إلى تنظيم الفعاليات الموجهة للنساء. تقول السعيد: «نحن البنك الذي تتجه إليه للحصول على خدمات الصيرفة النسائية».

وفي الوقت نفسه، قادت السعيد الجهود المبذولة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال. وتواجه هذه الشركات صعوبات في الحصول على التمويل، رغم أنها تمثل %95 من الشركات النشطة في الأردن، ويعمل بها 70% من موظفي القطاع الخاص، وفقًا للبنك الأوروبي EBRD(،) القائم في لندن، الذي يُعد شريكًا رئيسيًّا للبنك بتقديمه خط ائتمانٍ بقيمة 20 مليون دولار إلى بنك الاتحاد عام 2015 بهدف دعم القروض المقدمة للشركات الصغيرة والمتوسطة. كما أطلق بنك الاتحاد برنامجًا لدعم الاستثمار في رواد الأعمال عبر الدخول في شراكةٍ مع صندوق الشركات الابتكارية الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ‪Innovative Startups and(‬ ‪SMEs Fund‬ ،) حيث يستهدف الاستثمارا­ت التي تتراوح بين 100 ألفٍ إلى 500 ألف دولار.

وعملت الرئيس التنفيذي للبنك على تحقيق التنوع في فرق عملها، مع التركيز على تعيين الموظفات. واليوم تشغل النساء نسبة 45% من موظفي البنك، ومن ضمنهن نائب الرئيس التنفيذي. تقول السعيد: «أعتقد أن الثقافة العلاقات في الفترة التي كان يركز فيها البنك على الأعمال المصرفية المتعلقة بالشركات، وكان يُعرف حينها باسم ‪Union Bank(‬ .) ورغم أنها ولدت في الكويت عام 1965، نشأت السعيد وترعرعت في عمَّان حيث درست الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة الأردن، وحصلت بعد ذلك على ماجستير إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 1992.

وبعد انضمامها إلى البنك، كانت لا تزال السعيد تفكر في التطرق إلى المسارات الوظيفية الأخرى، حيث عملت في الوقت ذاته لدى إحدى الشركات الناشئة الحاضنة للأعمال، لكنها صعدت تدريجيًا متسلقة السلم الوظيفي في ‪Union Bank(‬ ،) حتى أصبحت رئيسة الأعمال المصرفية للشركات.

ومن هنا اتخذ مسارها المهني منعطفًا كبيرًا، حيث توجهت السعيد للعمل في القطاع العام، وشغلت منصب الأمين العام لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن. وتفوقت في ذلك وتركت انطباعًا جيدًا، ما مكَّنها من الحصول على منصب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عام 2004. وتشير السعيد إلى الوقت الذي قضته في العمل لدى الحكومة الأردنية بأنه كان تجربةً ذات قيمةٍ كبيرة، وتقول: «مكَّنني ذلك من رؤية الأشياء من كلا الجانبين، ومن رؤية الصورة الأكبر والأشمل».

وشغلت السعيد ذلك المنصب الوزاري حتى عام 2006، وبعد تركها الوزارة شغلت منصب مدير مؤسسة ‪Dead Sea Institute(‬ ) لأبحاث التنمية. وعادت بعد ذلك إلى بنك الاتحاد مستشارًا للإستراتيج­يات، وعملت مع شركة الاستشارات العالمية McKinsey() لمدة عامٍ لتطوير إستراتيجية نموٍّ جديدةٍ للبنك. وبعد ذلك بعامٍ واحدٍ، عشية الأزمة المالية العالمية، تقلدت السعيد منصب الرئيس التنفيذي للبنك.

وبكونها الرئيس التنفيذي الجديد للبنك، كُلِّفت على الفور بمهام قيادة أعمال التوسع إلى قطاع التجزئة المصرفية. ولم يقدم مجال الأعمال المصرفية للشركات سوى نطاقًا محدودًا للتوسع، حيث لا يوجد سوى عددٍ قليلٍ نسبيًا من الشركات الكبيرة في الأردن. وفي الوقت نفسه، أشرفت السعيد على عملية إعادة تسمية المؤسسة المالية لتصبح «بنك الاتحاد»، بما في ذلك إطلاق الاسم والشعار الجديدين

في البنوك تقوم بنسبة 100% على مدى الجدارة والشفافية وتقديم الفرص المتكافئة للجميع».

وبينما بدأت التقنيات الجديدة في التأثير على قطاع البنوك العالمي، لاحظت السعيد ذلك التغير، حيث تقول: «تحتاج البنوك إلى إدراك حقيقة وجود منافسين جدد في القطاع»، مشيرةً في ذلك إلى شركات التقنية العالمية الكبيرة وشركات الاتصالات التي زحفت إلى القطاعات المالية.

وتحت قيادتها، تبنى بنك الاتحاد الابتكارات الجديدة بصورةٍ فعالة في الأردن. ففي عام 2015، شارك البنك في الجولة التمويلية البالغة 5 ملايين دولار في شركة التكنولوجي­ا المالية الأردنية ،)MadfooatCo­m( بجانب «بنك القاهرة عمَّان» وبنك «كابيتال بنك» الأردني. وتدير شركة MadfooatCo­m() منصة فواتير رقمية، حيث تؤدي دورًا مهمًا في تسهيل دفع الفواتير الإلكتروني­ة في الأردن.

وفي العام نفسه، استثمر بنك الاتحاد في الجولة التمويلية لشركة Liwwa() -المنصة الأردنية للإقراض المباشر- بجانب مجموعةٍ من شركات الاستثمار المحلية. يقول أحمد أبو مور، الرئيس التنفيذي لشركة Liwwa(:) إن بنك الاتحاد توجه لدعم شركته التي شارك في تأسيسها عام 2013. وأضاف: «يتجلى تفوق قيادة ناديا على جميع المستويات، من حيث مدى تقبلها للأفكار الجديدة والسرعة التي تنجز بها الأعمال، لقد كانت حقًا تجربةً مجزيةً خلال السنوات القليلة الماضية».

كما عيَّن بنك الاتحاد أيضًا عامر أبو ليلى، الشريك المؤسس لشركة التجارة الإلكتروني­ة الأردنية MarkaVIP() ليشغل منصب مدير التكنولوجي­ا التنفيذي عام 2016، ولا تذكر العديد من البنوك الأردنية المنافسة منصب مدير التكنولوجي­ا التنفيذي ضمن المناصب الواردة على موقعها الإلكتروني. ورغم ذلك، لا يمكننا القول إن منافسي بنك الاتحاد يتجاهلون مجال الصيرفة الرقمية برمته أو التطويرات التكنولوجي­ة الجديدة، وأفضل دليلٍ على ذلك، إنشاء البنك العربي مُسرِّعة أعمالٍ للشركات الناشئة تركز على تنمية التكنولوجي­ا المالية عام 2018.

الرقمنة ليست مهمةً يسيرة، لكن السعيد تعتمد على إمكانات فريقها في تطوير القدرات الرقمية التي من شأنها أن تصبح منصةً لإطلاق المنتجات الجديدة الناجحة وخدمات العملاء المحسنة والمتطورة، مع دفع بنك الاتحاد إلى مكانةٍ متميزةٍ في القطاع. هذا التطبيق ليس سوى البداية، وفقًا للسعيد التي تقول: «الطريقة التي تنمو بها، والطريقة التي تتوسع بها اليوم، تختلف تمامًا عما سبق».

 ??  ?? ناديا السعيد، الرئيس التنفيذي لبنك الاتحاد
ناديا السعيد، الرئيس التنفيذي لبنك الاتحاد
 ?? ‪PHOTOGRAPH­Y FROM‬ ‪BANK AL ETIHAD‬ ??
‪PHOTOGRAPH­Y FROM‬ ‪BANK AL ETIHAD‬

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates