Forbes Middle East (Arabic)

مستقبل رقمنة المرافق العامة في الشرق الأوسط

-

بقلم: فرانسوا فريجو

تعددت أسماء التقنيات الرقمية الجديدة من المياه الرقمية، إلى المياه الذكية، والذكاء الصناعي، والسحابات، وإنترنت الأشياء. وكل منها يتمتع بإمكانات هائلة لإجراء تحول في اقتصادات قطاع المياه وما يتجاوزه. وبدأت هذه التطورات جميعها بالفعل في قيادة القطاع نحو تحقيق وفورات كبيرة لدى المرافق العامة، على الصعيدين الداخلي والخارجي، عبر سلاسل الإمداد جميعها.

وفي دول الخليج، تركز الحكومات والشركات على تنفيذ ذلك التحوّل من الاعتماد على البنية التحتية القديمة للمرافق نحو الرقمنة، مع إدراك المزيد من الجهات بأن القدرات المحسنة للمياه الرقمية تتضمن الاستخدام الدقيق والفعّال للمصادر وإدارتها.

عموماً لا يتم معالجة سوى نسبة تقل عن 5% من المياه في الشرق الأوسط، إلا إنه من المتوقع تغيير هذه النسبة بصورة كبيرة. ففي الإمارات العربية المتحدة، تقود الحكومة جهودًا حثيثة لإعادة استخدام 100% من المياه المستعملة في عام 2020.

وفي مصر على سبيل المثال، أكثر من 10% من إجمالي المياه المستخدمة لأغراض الري الزراعي في عام 2018 كانت مياه صرف معاد تدويرها، مع زيادة هذه النسبة عام 2019 بفضل الاستثمارا­ت الكبيرة في التقنيات المتقدمة.

وبفضل النتائج المحققة، يمكننا توقع تجاوز استثمارات المرافق العامة في الحلول الرقمية بدول الخليج 100 مليار دولار على مدار 5 أعوام مقبلة، حتى تحقق الاستفادة القصوى من أصولها.

ومما لا شك فيه، ستؤدي هذه الحلول الرقمية إلى إحداث تغيير في قطاع المياه، وهو الأمر الذي يحتاجه القطاع فعلاً. ثم إن التغييرات المدفوعة بهذا التحول الرقمي ستؤثر على طبيعية القوى العاملة، ودور المرافق العامة بكونها جزءًا من المدن المستدامة، وعلاقة المستهلك بالمرافق العامة.

إن التحدي الذي تمثله البنية التحتية لمرافق المياه لا يتعلق بتلبية احتياجات سكان المناطق الحضرية المتنامية فقط، بل يشمل أيضًا إنشاء مبادرات المرافق الذكية التي ستساعد على ضمان الأمن المائي مستقبلاً. كما تؤدي العدادات الذكية دورًا مهمًا في ذلك، نظرًا إلى قدرتها على تتبع كمية استخدام المياه وقياسها بدقة، إلى جانب المزايا الأخرى مثل اكتشاف التسرب.

وسيواجه الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، المزيد من التحديات في إدارة أصول المياه الأكثر ندرة والأقل موثوقية بصورة

فعالة. لهذا تعد عملية تأسيس اقتصاد للمياه الرقمية أمرًا ضروريًا لإدارة المياه على الوجه الأمثل.

إن التقنيات الرقمية لن تساعد فقط على تحسين مدى إدارة المياه بصورة يومية، بل ستؤدي أيضًا دورًا طويل الأجل في إدارة احتياجات المياه لمواجهة الكوارث الطبيعية والتغييرات البيئية.

وفي الإمارات العربية المتحدة، يعد برنامج التحوّل الرقمي أحد أهم الالتزامات الرئيسة نحو تحقيق الأهداف المحددة ضمن رؤية 2021. كما تقود المؤسسات مثل هيئة كهرباء ومياه دبي الطريق، مع الاستعانة بالابتكارا­ت الجديدة والمتطورة.

كذلك بدأت الهيئة بالفعل في حصد الثمار الناتجة عن تقديمها لخدمة «رماس» الافتراضية التي تعتمد على الذكاء الصناعي للرد على استفسارات العملاء لدى هيئة كهرباء ومياه دبي، بما يمكنهم من طرح الأسئلة وإيجاد الحلول في أي مرحلة يريدونها.

ومع زيادة التطورات الرقمية، تستطيع المرافق العامة ضمان أمن المياه للقطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والمحلية، وبالتالي سيصبح لها تأثير مباشر على الأمن الاقتصادي ونموه.

وقد أدى ذلك إلى فتح الأبواب أمام الإمكانات واسعة النطاق لمدى مساهمة المستهلك، عبر توفير خدمات التنبيه للعملاء بجانب تحليلات استهلاك المياه وترشيدها. فيما ستشهد المرافق التي ستتبنى مثل هذه التقنيات تحسنًا ملحوظًا في خدمة العملاء، وفي تلبية الطلبات المتزايدة.

علاوة على ذلك، يعد التزام عُمان برقمنة الخدمات العامة الرئيسة جميعها بحلول عام 2022، من خطط السلطنة لتأسيس أول مصنع في الدولة، مخصص لتصنيع العدادات الذكية بالاعتماد على تقنية إنترنت الأشياء، لقطاعات إمداد الطاقة والمياه والغاز.

لقد بات لدينا اليوم فهم أعمق، بأن مسؤولية تعزيز الجهود المبذولة تقع على عاتق الجميع من أجل تأمين مصادر المياه للأجيال المقبلة. فيما ستظل مؤسسات مرافق المياه تتحمل مسؤولية ضمان تيسير الحصول على الخدمات عالية الجودة، التي يمكن الاعتماد عليها للعملاء بغض النظر عن الصعاب التي قد تواجهها.

وتتبنى حكومات دول مجلس التعاون الخليجي دورًا قياديًا عبر تيسيرها لخدمات المرافق العامة، وتشجيعها على اكتشاف المزيد من الإمكانات والحلول الجديدة. كما أن هناك تركيزًا كبيرأ على أهمية تطوير البنية التحتية لضمان توفير الخدمات المناسبة وتلبية احتياجات المجتمع. أما السبيل إلى ذلك فيتمثل في الرقمنة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates