Future Studies

ثانيا: مراحل وموجات التطور

-

مـرت عمليـة تطويـر الـذكاء االصطناعـي بأربعـة مراحـل رئيسـية متثـل دورة حيـاة الـذكاء االصطناعـي، تبـدأ مـن مرحلـة فهـم األشـياء ثـم خلـق عالقـات بينهـم ويتبعهـا إدراك كامـل البيئـة املحيطـة بـه ثـم االسـتقالل الكامـل واتخـاذ القـرار بصـورة منفـردة، حتـى تصـل إىل موجـة ميكـن اعتبارهـا خامسـة يتفـوق فيهـا الـذكاء االصطناعـي عـى قـدرات البـرش، وتتمثـل هـذه املراحـل فيـام يـي: -1 الــذكاء االصطناعــ­ي القــادر عــى الفهــم: تعــد هــذه هــي أبســط مراحــل الــذكاء االصطناعــ­ي، وتتمثـل يف القـدرة عـى فهـم احتياجـات البـرش مـن خـالل التعلـم، حيـث تقـوم الخوارزميـ­ة مبراقبـة السـلوك البـرشي ألحـد األفـراد ورصـد العـادات الروتينيـة التـي يقـوم بهـا مثـل األخبـار التـي يفضلهـا، واألماكـن التـي يذهـب إليهـا، والكتـب التـي يحـب قراءتهـا. ولقـد أصبـح هـذا النمـط شـائعاً يف حيـاة األفـراد بصـورة كبـرة وأصبـح أحـد مالمـح وبديهيـات الحيـاة البرشيـة.

وعـى سـبيل املثـال، فـإن ترشـيحات األخبـار املفضلـة التـي تظهـر للمسـتخدمن عـى مواقـع اإلنرنت املختلفـة، واالعالنـا­ت التـي تظهـر ملنتجـات يحتاجونهـا ولكنهـم مل يقومـوا بالبحـث عنها بصـورة مبارشة،

وترشــيحات األصدقــاء والصفحــات عــى مواقــع التواصــل االجتامعــ­ي، والفيديوهـ­ـات املقرحــة التــي تظهـر عـى مواقـع الفيديـو، واألفـالم والكتـب بـل وحتـى الوجبـات املفضلـة التـي تظهـر عـى مواقـع اإلنرنـت، جميعهـا منـاذج للموجـة األوىل املتمثلـة يف إنرنـت الـذكاء االصطناعـي التـي أصبحـت شـائعة يف التفاعـالت اليوميـة لألفـراد خـالل السـنوات املقبلـة، أي منـذ عـام 2012 والتـي دعمتهـا املنافسـة القويـة بـن مواقـع التواصـل االجتامعـي(4). -2 الـذكاء االصطناعـي للعاقـات االرتباطيـ­ة: أصبـح الـذكاء االصطناعـي خـالل هـذه املرحلـة قـادراً عـى جمـع كميـة أكـرب مـن املعلومـات وترتيبهـا وخلـق عالقـات بينهـا ومعرفـة العالقـة بـن السـبب والنتيجـة، فبـدأت كثـر مـن الـرشكات تسـتخدم خوارزميـات ذكيـة قـادرة عـى التعلـم وخلـق العالقـات بـن املتغـرات املبـارشة وغـر املبـارشة والتـي يصعـب رصدهـا غالبـاً، فسـاعدتها عـى تحسـن كفـاءة التشـغيل ودقـة التنبـؤ باملسـتقبل، وهـو مـا مكنهـا مـن أن تـدرس احتياجـات السـوق بصـورة أفضـل وأن تتنبـأ مببيعاتهـا ومكاسـبها خـالل العـام.

ويف السـياق ذاتـه، اسـتطاعت املستشـفيا­ت أن تتنبـأ بالحالـة الصحيـة للمريـض بنـاء عـى تاريخـه الصحـي ومعطياتـه الحيويـة وعواملـه الوراثيـة، واسـتطاعت رشكات التأمـن أن تعـرف بصـورة أفضـل أي الحـوادث وأي الصناعـات ميكـن تغطيتهـا وتأمينهـا مـن دون أن تحقـق خسـائر كبـرة، واسـتطاعت البنـوك أن تكتشـف محـاوالت التزييـف والغـش والرسقـات، واسـتطاعت الـرشكات أن تقيـم منتجاتهـا بنـاء عـى آراء العمـالء عـى مواقـع اإلنرنـت والتواصـل االجتامعـي املختلفـة، وقـد تكشـفت معـامل هـذه املوجــة بوضــوح عــام 2013 مــع ظهــور كثــر مــن الـرشكات الناشـئة التـي بدأت تقـدم خدمـات الذكاء االصطناعـي للـرشكات األخـرى، مثـل “إليمينـت إيـه آي” ‪)Element AI(‬ يف كنــدا و“فــورث باراديــم” ‪)4th Paradigm(‬ يف الصــن وغرهــام(5). -3 الــذكاء االصطناعــ­ي الواعــي: تزايــدت قــدرة الـذكاء االصطناعـي عـى الوعـي واإلدراك الكامـل ملحيطــه وبيئتــه، فأصبــح مييــز الصــور والوجــوه واألصـوات، ويفـرق بـن األشـياء املختلفـة، فظهـرت تطبيقـات هواتـف ذكيـة تقـوم بحـل الواجبـات املنزليـة للطـالب، مـن خـالل التقـاط الطالـب صـورة للواجـب املنـزيل عـرب تطبيـق الهاتـف الـذي يقـوم بـدوره بتحليـل عنـارص هـذه الصـورة وتقديـم الحـل املطل ـوب.

وتعـددت اسـتخدامات الـذكاء االصطناعـي يف هـذه املرحلـة، فأصبحـت الهواتـف الذكيـة تسـتخدم بصمتــي الوجــه واليــد كعنــر أمــان، وأصبحــت اآلالت قــادرة عــى متييــز األصــوات، بــل وتقليدهــا وتحويلهـا أيضـاً إىل نـص مكتـوب، ومتيـزت أيضـاً بقدرتهـا عـى الرجمـة الفوريـة، فظهـرت برامـج املسـاعدة الذاتيـة التـي تعمـل عـرب األوامـر الصوتيـة مثـل “أليكسـا” )Alexa( لرشكـة أمـازون و“كورتانا” )Cortana( لرشكــة مايكروســو­فت و“مســاعد جوجــل” ‪)Google Assistant(‬ و“جافريــس” )Jarvis( لرشكـة فيـس بـوك وغرهـا.

وظهـرت أيضـاً تقنيـات “الواقـع املعـزز” التـي تسـتطيع أن متيـز األماكـن، حيـث تتيـح لألفـراد أخـذ صـور ألحـد األماكـن السـياحية أو الشـوارع وإظهـار البيانـات الخاصـة بهـذا املوقـع للمسـتخدم بصـورة فوريـة، كـام أصبـح الـذكاء االصطناعـي قـادراً أيضـاً عـى فلـرة املحتـوى ومعرفـة مـا إذا كان هـذا

مـرت عمليـة تطوير الـذكاء االصطناعـي بأربعة مراحــل رئيســية متثــل دورة حيــاة الــذكاء االصطناعــ­ي، تبــدأ مــن مرحلــة فهــم األشــياء ثـم خلـق عاقـات بينهـم ويتبعهـا إدراك كامـل البيئــة املحيطــة بــه ثــم االســتقال الكامــل واتخـاذ القـرار بصـورة منفـردة، حتـى تصـل إىل موجــة ميكــن اعتبارهــا خامســة يتفــوق فيهــا الــذكاء االصطناعــ­ي عــى قــدرات البــر.

املحتـوى املنشـور عـى اإلنرنـت محظـوراً أم ال، ومـن ثـم التعامـل معـه بطريقـة فوريـة، وقد اسـتخدمته أمـازون يف متجرهـا “أمـازون جـو” يف متييـز العمـالء وتحديـد مـا يقومـون برشائـه مـن منتجـات مـن متجرهـم، فبـدأ يتشـكل وعـي للـذكاء االصطناعـي قـادر عـى متييـز األفـراد واألشـياء واألصـوات، وقـد اتضحـت مالمـح هـذه املوجـة منـذ عـام 2016 مـع ظهـور تطبيقـات الواقـع املعـزز وانتشـار الهواتـف التـي تعمـل ببصمتـي الوجـه والصـوت(6). -4 الـذكاء االصطناعـي املسـتقل: يتميـز الـذكاء االصطناعـي يف هـذه املرحلـة بقدرتـه عـى االسـتقالل الـذايت واتخـاذ القـرار بصـورة مسـتقلة، حيـث تندمـج املراحـل السـابقة كافـة بدايـة مـن الفهـم ثـم خلـق عالقـات بـن عـدة متغـرات تسـاعده عـى الوعـي واإلدراك بالبيئـة املحيطـة بـه حتـى يصبـح قـادراً عـى التـرف والتعامـل معهـا باسـتقاللي­ة كاملـة، حيـث يصبـح الـذكاء االصطناعـي مسـتقالً بذاته وميتلـك القـدرة عـى اسـتيعاب األمـور كافـة مـن حولـه واتخـاذ القـرار املناسـب، وقـد تكتمـل هـذه املرحلـة مـع عـام 2020 مـع انتشـار السـيارات ذاتيـة القيـادة يف الشـوارع والطائـرات مـن دون طيـار ومرشوعـات التاكـي الطائـر يف السـامء، وظهـور الروبوتـات بكثافـة يف الشـوارع لتنظيـم حركـة املرور ويف املطاعـم واملحـال التجاريـة واملؤسسـات الخدميــة لتقديــم خدماتهــا للجمهــور، ويف املستشــفي­ات لتقديــم الخدمــات الطبيــة والقيـام بالعمليـات الجراحيـة، ويف املعـارك العسـكرية للقتـال بـدالً مـن الجنـود، حيـث تتحــول اآللــة إىل شــبه إنســان قــادر عــى الســمع والرؤيــة واإلدراك ومتييــز األمــور وتحليلهـا واتخـاذ قـرار بشـأنها. -5 الــذكاء االصطناعــ­ي ذايت التطــور: تــؤدي قــدرة الــذكاء االصطناعــ­ي غــر املسـبوقة عـى جمـع املعلومـات مـن املصادر كافـة، سـواء مـن الكتـب أو مواقـع اإلنرنـت أو الفيديوهــ­ات، وتحليلهــا وخلــق عالقــات بينهـا يف وقـت قيـايس، إىل تطـوره بصـورة رسيعـة ليصبـح أكـر ذكاًء، رمبـا أكـر ذكاًء مــن اإلنســان الــذي صنعــه نتيجــة لقدرتــه عـى التعلـم التـي تفـوق قـدرة اإلنسـان، فيصبـح قـادراً عـى تصميـم آلـة أخـرى شـبيهة بـه، ومعالجـة خلـل فنـي يحـدث بهـا، فيطـور أجيـاالً مـن نفسـه، ويجـد حلـوالً ملشـكالت يصعـب عـى اإلنسـان أن يعاجلهـا، ويسـيطر عـى مصـادر الطاقـة، ويـدرك أن القـوة هـي رس البقـاء فيطـور أسـلحة يعجـز البـرش عـن مواجهتهـا، فيتحـول البـرش إىل تابعـن لـآالت التـي ابتكروهـا وطوروهـا، فـال يجـد البـرش حـالً إال يف الدخـول يف حـرب املصـر ضـد اآلالت، وتتحقـق نبـوءات أفـالم الخيـال العلمـي ونبـوءات العلـامء الذيـن أقـروا بـأن الـذكاء االصطناعـي سـيكون سـبب فنـاء البرشيـة(7).

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates